عمل المرأة مكمل لعمل الرجل ومكانتها من دورها الاجتماعي
في عيدها السنوى المصادف للثامن من مارس من كل عام، تشكل المرأة موضوعا هاما في إطار دورها الاجتماعي، المهني، العلمي ومردودها الوظيفي في ظل قيم اجتماعية، طالما كانت مجحفة في حق المرأة العربية خاصة، لكن بعد نضال طويل استطاعت المرأة الجزائرية أن تفرض نفسها ضمن المنظومة الاجتماعية انطلاقا من الأدوار الكبيرة، التي قدمتها وما زالت تقدمها في خدمة الوطن، لا تختلف عن نظيرها الرجل، بل تتعداها أحيانا بسبب مميزاتها كامرأة لها من الصبر ما لا يتحمله غيرها، ولها من لمسات الجمال والإبداع في المهن الموكلة إليها ما لا نجده في سواها.
أردنا من خلال هذا الحوار أن نلتفت إلى المرأة في يومها السنوي، من خلال حوار شيق مع إحدى النساء اللواتي تحدين الصعاب، وبفضل الإرادة والعزيمة والإصرار، استطاعت أن تصل إلى مكانة متقدمة ضمن المجتمع السوقهراسي. الدكتورة والباحثة آمال نواري عميدة كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة محمد الشريف مساعدية سوق أهراس، فكان لنا معها هذا الحوار.
مرحبا بك في يومك العالمي، هل لنا أن نعرف من هي الدكتورة ؟
الدكتورة آمال نواري: أولا أحيي جريدة «الشعب» العريقة على هذه الالتفاتة الطيبة، والتي تنم عن مستوى الأداء الإعلامي الاحترافي لهذه المدرسة الإعلامية، وشكرا جزيلا على فتح المجال للمرأة في عيدها الوطني المصادف للثامن من مارس من كل عام، كنافذة تمنح للمرأة ككل عام لكي يرى المجتمع ويعرف ما تكابده المرأة في سبيل رقي هذا المجتمع انطلاقا من أدوارها الاجتماعية المتعددة.
أنا من مواليد 1976 بعنابة حي العطوي الحجار، تلقيت تعليمي القاعدي بمتوسطة وثانوية الحجار، كنت منذ الصغر لي طموح جامح في تحقيق مستويات متقدمة على مستوى الأقسام الدراسية التي تدرجت بها، من أسرة محافظة. نحن أربعة أبناء إخوة بنتان وولدان، الوالد أطال الله في عمره أصر على تكويننا وتعليمنا من منطلقات وقناعات لا تفرق بين الجنسين في التعليم وحتى في تحمل أعباء الحياة، تربينا على السواء ذكورا وإناثا في إطار الاحترام المتبادل ووفق قيمنا وعاداتنا الجزائرية التي نعتز بها، الوالدة كذلك كابدت من أجل تربيتنا ووصولنا إلى مستويات متقدمة في التعليم.
كنت منذ الصغر لي رغبة في ولوج عالم الإعلام والاتصال، والحمد لله حققت رغبتي من خلال وصولي إلى تكوين عالي في هذا التخصص، فأنا اليوم حاصلة على شهادة الدكتوراه في ميدان الإعلام والاتصال عن جامعة باجي مختار عنابة، كافحت طويلا لأحقق هذا الحلم المهني والعلمي إن صح التعبير.
لم أجد طيلة مسيرتي العلمية ولا حتى المهنية ما يفصلني عن زميلي الرجل سواء في الوظائف أو الالتزامات أو حتى في نوعية المهام المسندة إلينا على حد السواء، بل العكس من ذلك أرى أن الرجل والمرأة عاملان مكملان للبعض ضمن منظومة قيمية تربوية تقوم على مبدإ الاحترام المتبادل.
من هي الدكتورة آمال نواري، الأستاذة، الباحثة، العميدة والإدارية ؟
في الحقيقة طيلة مساري العلمي المتواضع وكذا الوظيفي، فإنني لا أستطيع أن أفصل بين هذه العناصر الثلاثة لأنها أصبحت جزءا من شخصيتي المهنية، والتي أسعى جاهدة على تنميتها وتطويرها، إنني أطمح دوما إلى البحث عن الرضا عن نفسي في أداء المهام الموكلة إليّ، والحمد لله أحاول أن أكون دوما في مستوى تلك المهام، من منطلق هل فعلا قدمت ما يجب أن يقدم في إطار مجالي الوظيفي؟ لقد بات هاجسي الوحيد الذي أعمل بكل ما أوتيت من قوة وإمكانيات على تحقيقه، التقييم الذاتي، الذي هو الفاعل الرئيسي والدافع الأساسي لكي أطور وأنمي إمكانياتي العلمية والإدارية وحتى البحثية.
في إطار بحوثي العلمية واصلت مشواري البحثي انطلاقا من تخصصي المفضل وهو الإعلام والاتصال، طرحت رسالة ماجستير في هذا التخصص فيما يخص التربية والصحافة المكتوبة، وتناولت في رسالة الدكتوراه القيم الاجتماعية في برامج الأطفال.
أما مساري المهني كإدارية على مستوى الجامعة، فكانت مرحلة زواجي وانتقالي بجانب زوجي من عنابة إلى سوق أهراس، المرحلة المفصلية التي فتحت لي آفاقا متعددة في إطار المهام الإدارية على مستوى الجامعة بحكم أن زوجي هو أستاذ بنفس الجامعة.
أردت إعطاء الإضافة بانتقالي إلى ولاية سوق أهراس، من خلال العمل على فتح قسم العلوم الإنسانية، وبالفعل تم فتح القسم وتقلدت منصب رئيسة هذا القسم في الفترة الممتدة بين (2008-2010)، وعملت جاهدة إلى الارتقاء بهذا القسم المتواضع مع زملائي الأساتذة إلى مصاف كلية تضم قسمين (العلوم الإنسانية والاجتماعية)، والحمد لله وصلت إلى الطموح الذي طالما راودني وهو تأسيس تخصص الإعلام والاتصال بجامعة سوق أهراس.
كذلك تقلدت منصب مسؤولة شعبة بهذا القسم في تلك الفترة ورئيسة للمجلس العلمي للكلية، التي كانت تضم الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية آنذاك، وشاءت الأقدار والصدف أن أتقلد منصب عميدة لهذه الكلية في 2015، والتي سبق وأن ساهمت بكل ما أوتيت من قوة في تأسيسها وفتحها.
ما هي العوائق التي صادفتك طيلة هذا المسار العلمي والمهني ؟
ليس لي ما أقول في هذا الجانب، إن عملية فتح كلية جديدة حقيقة هو مجازفة نوعا ما في ظل الإمكانيات المحدودة والمتواضعة تأتي على رأسها ضعف الهياكل والمقرات، بحكم أننا نزاول العمل بمقر الجامعة القديم، لكن هذا لا يعني استحالة فتحها. الحمد لله نحن اليوم نحقق نتائج متقدمة على مستوى التكوين العلمي الموجه لطلبتنا على مستوى كليتنا، ونحاول أن نرتقي إلى مصاف كليات باقي الجامعات عبر الوطن، والدليل على ذلك نجاح العديد من طلبتنا في مسابقات الدكتوراه على مستوى جامعات أخرى من الوطن، وهو خير دليل على أننا نقدم جهدا كبيرا على الأقل في ما يتاح لنا من إمكانيات، وبالمناسبة أحيي كلا من رئيسي قسم العلوم الإنسانية وكذا العلوم الاجتماعية الأستاذة حيدري زينة والأستاذ القدير غولي عمار، وكذا الأستاذة نائبة العميد للكلية الأستاذة منماني نادية.
على مستوى كليتنا نحن في تكاتف مستمر لتجاوز العوائق التي تعترضنا، نحاول أن نغطي جميع النقائص في ظل ما يتاح لنا من إمكانيات، وبالمناسبة أحيي جدا مدير جامعة سوق أهراس الأستاذ الدكتور بوزبدة الزوبير والذي فعلا وقف إلى جانبنا في كل الظروف وفي كل طموح نحاول تجسيده، وهذا ما ذهبت إليه، نحن نكمل بعضنا بعضا ضمن منظومة وظيفية تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون المثمر.
كيف ترين نفسك كأم وربة بيت ؟
أنا أم لأربعة أبناء ولد وثلاث بنات، الحمد لله لي من الأعباء الأسرية التي أعتز بها كأي أم جزائرية تسعى إلى تحقيق الاستقرار الزوجي والأسري، أعمل جاهدة على الاستثمار في أبنائي من خلال تربيتهم وتعليمهم وتكوينهم بالطريقة ذاتها وبالقيم نفسها التي تربيت عليها منذ صغري ووصلت بها إلى هذا المستوى.
كذلك أحيي الزوج الكريم على المساندة اللا محدودة لي في تقاسم هذه الأعباء وفي مساعدتي اللامتناهية في النجاح الاجتماعي والعلمي والمهني وكذا الأسري، مسألة التوفيق بين أعبائي الوظيفية والأسرية وكذا العلمية، الحمد لله موفقة فيها إلى حد بعيد، خاصة إذا كانت المرأة تجد تفهما من طرف الزوج، لأنه من الصعب جدا أن تقسم مهامك بين اتجاهات مختلفة دون أي مساندة أسرية.
وبشخصيتي التي لا تفارقني، أسعى جاهدة إلى تحقيق التميز على مستوى أسرتي المتواضعة، من خلال نجاح أبنائي في دراستهم، وتحقيق الرعاية والترفيه لهم، وكذا بيتي الذي هو مكاني المفضل، كربة أي بيت جزائرية أتابع بشغف شؤون إدارة أسرتي من منطلقات إبداعية وذوق متجدد، وهو ما يميز أي امرأة تسعى إلى تحقيقه وتطويره بصورة دورية.
- ماذا تقولين للمرأة الجزائرية في عيدها الوطني ؟
أقول للمرأة الجزائرية في عيدها الوطني من منطلق قيمنا العربية والإسلامية الجزائرية، أن النساء شقائق الرجال، تألم المرأة كما يألم الرجل، وتتعب المرأة كما يتعب الرجل، وللمرأة طموحا لا يختلف عن طموح الرجل، لكن قد تفوق المرأة الرجل في عامل الصبر، المرأة صبورة تتحمل أحيانا أضعاف ما يتحمله الرجل، وغالبا ما تتحمل في صمت، لهذا خصها الله سبحانه وتعالى بالأمومة، لكن تنتظر فقط الالتفاتة الطيبة والجادة من طرف المجتمع، وللمرأة حق على المجتمع أن يقدر دورها ويثمن جهدها.
أرى من خلال تجربتي المتواضعة أن المرأة تكمل الرجل، لا يجب أن نقزم دور المرأة بالالتفات لها في يوم واحد من السنة فقط، فهي الأم التي نجدها كل يوم، والأخت التي نعيش معها العمر كله، والإدارية التي نتعامل معها بصورة دورية، والأستاذة التي تلقننا مبادئ التعليم، والطبيبة التي تعالجنا لحظة المرض، لهذا فالمرأة جزءا من الكيان الاجتماعي.