كشف محمد السعيد نايت عبد العزيز رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين، عن مشروع استراتيجي واعد بالشراكة مع متعامل أمريكي في مجال الطاقات المتجددة يصنّف الخامس عالميا في إنتاج بطاريات ذكية تشحن بالطاقة الشمسية تمتد صلاحيتها من 5 إلى 30 سنة، حيث يرتقب أن يدخل هذا المصنع حيزّ التشغيل بداية من شهر ماي المقبل.
ومن المقرّر أن ينطلق بنسبة اندماج محلية بـ20 بالمائة لترتفع فيما بعد إلى حدود 60 بالمائة، وتتطلع الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين إلى بناء عدة شراكات مع المتعاملين الهولنديين والاستفادة من خبرتهم على ضوء تجاربهم المتقدمة في مجال الفلاحة والطاقات المتجددة والموارد المائية، حيث من المرتقب أن يلتقي الطرفان في لجنة مشتركة بالجزائر لبحث سبل التعاون في الفترة الممتدة مابين 7 إلى غاية 9 مارس الجاري.
تسعى الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين التي يقودها نايت عبد العزيز في الوقت الراهن، إلى استقطاب شراكات أجنبية رائدة في عدة مجالات حيوية، لازالت طاقاتها غير مستغلة بالنظر إلى القدرات الخام التي تكتنزها الجزائر، سواء تعلّق الأمر بالمواد الأولية أو المساحات الشاسعة وكذا الموارد البشرية، من خلال استقدام التكنولوجيا والخبرة الأجنبية، وتحاول أن توجه اهتمامها إلى قطاعات جدّ مهمة مازال الاستثمار فيها ضئيلا جدا، ولم يركز عليها الاهتمام رغم قدرتها على خلق الثروة واستحداث مناصب الشغل وتعزيز احتياطي الثروات الطاقوية والنفطية الباطنية، وتعكف هذه المنظمة على تكثيف بحثها عن أهم المتعاملين سواء بأوروبا أو أمريكا وحتى بآسيا، وتدرس قدراتهم ووضعهم في السوق، وتقف على التكنولوجيا والخبرة التي يمكنها أن تقدمها للمتعامل الجزائري، حيث أوضح «نايت عبد العزيز» في لقاء خصّ به «الشعب الاقتصادي»، مشرحا المرحلة الحالية يقول إن الوضع الراهن يتميز بخصائص مهمة في صدارتها توفر إرادة سياسية قوية من طرف رئيس الجمهورية، حيث أعطى في مجلس الوزراء توجيهاته اعتبرها أوامر من أجل إخراج الاقتصاد الوطني من حالة الركود، ورغم المؤشرات السلبية التي أفضى إليها التراجع الرهيب لأسعار النفط، إلا أنه يمكن أن يكون هذا العامل من جهة أخرى إيجابيا في الشقّ المتعلق بالتحفيز من أجل تكثيف الاستثمار وإعادة الاعتبار لقيمة العمل والتخلي التدريجي عن إيرادات النفط، ولم يخف نايت أنه منذ سنوات عديدة لم يكن هناك فرق بين مؤسسة خاصة وعمومية، بالنظر إلى رؤية السلطات العمومية، لكن بعض السلوكات والتصرفات الإدارية، كانت تميز ..لكن اليوم الدستور يشدّد بشكل واضح وصريح على ضرورة أن يأخذ القطاع الخاص مكانه إلى جانب القطاع العمومي، ودعا إلى التقارب بين القطاعين، حيث يواجهان تحدي التكامل والفعالية ويجب ـ حسبه ـ أن ينسقا مع بعضهما البعض، لأن القطاع الاقتصادي الوطني مطالب أكثر من أي وقت مضى بالتنظيم حتى يكون في مستوى التطلعات، بعد أن تمت تهيئة وتوفير جميع التسهيلات سياسيا وحتى على الصعيد القانوني، وأخذ بعين الاعتبار الثقل الذي يملكه القطاع الخاص، بل أن الدستور ذهب بعيدا في تثمين مساهمة وفعالية القطاع الخاص، خاصة بالنظر إلى القدرات التي يتوفر عليها، واعتبر أنه قطاع وطني له دور تاريخي من خلال مرافقة القطاع العمومي، والسير جنبا إلى جنب في جميع المجالات التنموية، وذكر رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين في سياق متصل أنه كان من الأوائل المدافعين عن ضرورة تحقيق التقارب والتكامل بين القطاعين العام ونظيره الخاص.
ضرورة إنتهاج خطة لتفعيل التمويل بالقروض
وفي ظلّ الترتيبات المجسدة والإجراءات المتخذة، والتسهيلات التي تمّ إقرارها من طرف الحكومة لتحسين مناخ الأعمال وتشجيع تدفق الاستثمار الذي يخلق القيمة المضافة، يعتقد نايت عبد العزيز أمام كل هذه المكاسب والمزايا التي وضعت تحت تصرف جميع المتعاملين الاقتصاديين عبر مختلف مناطق الوطن، يجب أن ينجح بالموازاة مع ذلك في تغيير الذهنيات، في هذه المرحلة التي لا تخلو من الصعوبة، ونجحت الحكومة في تهيئة أرضية مغرية للمستثمرين، بما فيها توفير العقار الصناعي، ويحتاج بل ويتطلع المستثمر لتطبيق القرارات واحترام سريان التعليمات حتى لا تجد عجلة التنمية ما يعرقل تسريع وتيرتها، واغتنم رئيس كنفدرالية أرباب العمل الجزائريين الفرصة ليعكف على إثارة الإشكالية الجوهرية التي تثبط عزيمة المتعامل الاقتصادي الوطني، وقال إن التحدي الجوهري يكمن في التمويل البنكي، كون تمويل الاقتصاد مهمة البنوك، وعلى رأسها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مفندا في نفس المقام مما يروجه البعض حول هشاشة قدرات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، واقترح أن يتم الالتفات ويوجه النظر إلى الآلاف من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تنشط عبر مختلف مناطق الوطن، حيث تتم عملية دراسة ملفاتها مثلما يسري مع ملفات مشاريع «الانساج» ثم تحظى بالمرافقة والدعم والتشجيع حتى توسع من نسيجها وتقوي من قدراتها وترفع تنافسية منتوجها، لأن التمويل حسب نايت يعد هاجسا ومشكلا رئيسيا للمتعاملين الاقتصاديين والمؤسسة الإنتاجية، ودعا من جهة أخرى لإيجاد صيغة حقيقية تشجّع البنوك على تمويل المؤسسات ويتم التكفل بها، بالنظر إلى شساعة مساحة الجزائر، ومن الضروري الأخذ بعين الاعتبار بإمكانياتها البشرية، لذا تحتاج إلى استحداث ما لا يقل عن 1.5 مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة عبر جميع البلديات، ويمكن تسطير مخطط بهدف تكوين ومرافقة المؤسسات من أجل استحداث مناصب الشغل وخلق الثروة على المستوى المحلي، وهذا من شأنه أن ينعكس بشكل إيجابي على حركية النشاط الاقتصادي، وبهذا تستفيد البلديات جبائيا، ويرى نايت أن هذه الخطوة يجب تجسيدها، علما أن وزير الداخلية كان قد انخرط في هذا الرهان، على اعتبار أنه يعكف على تكريس التسهيلات للمقاولين.
مشاريع واعدة في الأفق بالشراكة مع متعاملين أجانب
عاد نايت عبد العزيز إلى الشق التاريخي، ليستفيض في تحليله بخصوص اتخاذ الجزائر لما أطلق عليه بالإجراء الصارم والمتمثل في تبني القاعدة الاستثمارية «49_51»، خاصة عقب ارتفاع سقف الواردات في عام 2008، ومن المتعارف عليه أن تلك الفترة شهدت بروز أزمة مالية واقتصادية عالمية، وعلى إثر تلك التحولات أوضح رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين يقول إن رئيس الجمهورية آنذاك أعطى تعليمة حتى تعقد قمة ثلاثية، وأفضت نتائج هذه القمة إلى فرض القاعدة الاستثمارية «49_51»، وذكر نايت عبد العزيز بالمزايا الاستثمارية التي تتوفر بالجزائر اليوم، ولم تكن موجودة عام 1998، على غرار تحسن المناخ العام ووجود مرافقة ودعم، لكنه عبر عن أسفه ولم يخف امتعاضه الكبير من وجود البيروقراطية، غير أنه تحدث عن إنشاء المئات من المؤسسات في إطار هذه القاعدة الاستثمارية، داعيا في نفس الوقت إلى دعم هذه الصيغة على مستوى المؤسسات المتوسطة، عقب تسجيل تسهيلات في إمكانية تسيير المؤسسات، ووقف من جانب آخر، على الامتيازات الكبيرة التي يمكنها أن تغري المستثمر الأجنبي في بناء مؤسسة بالشراكة مع الجزائريين، على اعتبار أنه يمكنه الاستفادة من يد عاملة مؤهلة بأقل تكلفة، بالإضافة إلى وجود سوق واعدة، وإلى جانب التسهيلات الإدارية التي يتكفل بها الشريك الجزائري، وكذا تسهيل عملية اقتحام عالم الإنتاج ثم الأسواق.
وفيما يتعلق بالمشاريع التي تستعد لتجسيدها هذه المنظمة لأرباب العمل، أكد نايت أنه في الظرف الحالي وما يتسم به من صعوبة، تم إتخاذ إجراءات حتى يشجع الاستثمار في مجال الطاقات المتجدّدة ، ومما لا يخفى على أحد أن الجزائر تصنف البلد الثالث عالميا، من حيث القدرات في الطاقات المتجدّدة، لذا سيشرع نايت عبد العزيز في بناء شراكة مع مؤسسة أمريكية مقرها كائن في نيويورك، تعد الخامسة عالميا في انتاج الطاقات المتجددة، حيث سيسمح المصنع الذي سينشأ بالشراكة بين الطرفين بداية من شهر ماي القادم، بإنتاج بطاريات ذكية بنظام التخزين للطاقة، تمتد صلاحيته من 5 إلى 25 سنة، علما أن هذه البطاريات إلكترونية لا تحتاج إلى الشحن، ونسبة الاندماج سوف تنطلق من 20 بالمائة لترفع فيما بعد إلى مستوى 60 بالمائة، مثمنا في نفس المقام التشجيع الكبير من طرف الحكومة، علما أن عدد مناصب الشغل التي يفتحها هذا المصنع تنطلق بنحو 70 مهندس وتقني لتقفز خلال العام المقبل إلى 350 منصب شغل جديد. ومن بين المشاريع الواعدة التي تحرص الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين على إنشائها تكمن في عدة مجالات، فبالإضافة إلى الطاقات المتجددة يتم التركيز على الفلاحة والموارد المائية، لأنه ستعقد من 7 إلى غاية 9 مارس، اللجنة المشتركة مع الشريك الهولندي بالجزائر، من أجل بناء شراكات ثنائية في مختلف المجالات.
القرض الاستهلاكي يحافظ على المؤسسة الإنتاجية ومناصب الشغل
وحول القرض الاستهلاكي الذي دخل حيز السريان وتوجت به قمة الثلاثية، اشترط نايت الاستمرار في تكريس ما أسماه بالمواطنة الاقتصادية بالنسبة للمستهلك والذي من المفروض أن ينتقي المنتوج المحلي، وبالموازاة مع ذلك شدّد على ضرورة أن يطرح صاحب المؤسسة منتوجا يتوفر على عنصر الجودة وبسعر معقول، ويمكن أن يأخذ بعين الاعتبار رأي المستهلك في المنتوج إذا كان جيدا أو يحتاج إلى ترقية، وخلص إلى القول بخصوص القرض الاستهلاكي، أنه يحافظ على المؤسسة الإنتاجية ومناصب الشغل بدرجة أولى. وبدا نايت عبد العزيز جد متفاءل ومستحسن لجميع القرارات التي اتخذت مؤخرا في قمة الثلاثية المنعقدة بولاية بسكرة، من بينها توفير العقار الصناعي، حيث أكد رفع تحدي التحرر من ثروة النفط في ظلّ وفرة البدائل في السياحة والفلاحة والطاقات المتجددة وما إلى غير ذلك من قدرات.