وزير السياحة مـاهر أونـال: مشاريع شراكة واستثمـار بـين البلديــن
اطلعت جريدة «الشعب» من خلال مشاركتها في المؤتمر السياحي لبلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط «مينا» بأنطانيا عن تطور العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وتركيا عدة قطاعات أهمها السياحة والصحة، من خلال إتاحة فرص استثمارية لمؤسسات البلدين في ظلّ التسهيلات التي أقرتها حكومة الدولتين في إطار شراكة مبنية على قاعدة «رابح – رابح». وهي علاقات عرفت أوجها خلال الزيارة الرسمية للرئيس طيب رجب أردوغان لبلادنا «تجسيدا لمعاهدة الصداقة والتعاون التي تمّ التوقيع عليها في 2006 . وهو ما وقفنا عليه خلال تواجدنا بأنطاليا طيلة 5 أيام
في هذا الإطار، كشف رئيس المنظمة العربية للسياحة بندر بن فهد آل فهيد عن خطة استراتيجية تجمع الجزائر ببعض الدول العربية التي تنتمي إلى المنظمة العربية للسياحة، مشيرا إلى أن البرنامج التنفيذي الخاص بمجال السياحة والاستثمار سيتم الإعلان عنه قريبا.
وخلال المؤتمر السياحي بمنطقة أنطاليا المنظم من طرف وزارة الثقافة والسياحة التركية بالتنسيق مع الخطوط الجوية التركية، أوضح رئيس المنظمة العربية للسياحة أن البرنامج التنفيذي المتعلق بالتعاون المشترك بين أعضاء المنظمة والجزائر، تمّ بعد النقاش الذي جمعه مؤخرا مع وزير التهيئة العمرانية والسياحة والصناعات التقليدية عمار غول الذي يعمل - حسبه - على بذل مجهودات كبيرة في سبيل النهوض بالسياحة الجزائرية وخلق فرص هامة للاستثمار والترويج للمنتجات الجزائرية، لاسيما منها التقليدية وكذا استقطاب الشركاء الأجانب لفتح وحدات انتاجية بالجزائر.
وقال الفهيد، إن الحكومة الجزائرية تولي أهمية قصوى لقطاع السياحة في الوقت الراهن، وتعمل على تشجيع الشراكات المستدامة والاستثمار الأجنبي في البلد، موضحا أن البرنامج التنفيذي الذي سيتم الإعلان عنه قريبا يخصّ إقامة مشاريع استثمارية في المجال السياحي، تجمع الجزائر بالدول العربية التي تنتمي إلى المنظمة العربية للسياحة.
ودعا المتحدث، إلى ضرورة الابتعاد عن البيروقراطية التي حالت دون تطوير السياحة العربية والعمل على استغلال مختلف المؤهلات التي يتوفّر عليها كل بلد عربي للترويج للمنتجات السياحية ـ مضيفا في ذات السياق ـ أن بإمكان الدول العربية أن تحقّق نقلة نوعية في مجال السياحة من خلال الاستفادة من تجربة تركيا التي حقّقت نموا قياسيا في هذا المجال وأصبحت مقصدا معروفا على خريطة السياحة العالمية، ما جعلها القبلة السياحية بامتياز.
وزير السياحة التركي يدعو إلى خلق شراكة عربية تركية دائمة:
فتح مكاتب استشارة سياحية تتضمّن اللغة العربية بكل الولايات
شكّل المؤتمر السياحي لبلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا الذي جرت فعاليته بمدينة أنطاليا بتركيا فضاء هاما أمام المؤسسات السياحية الجزائرية والعربية والتركية لخلق تعاون مشترك وفرص استثمارية بين البلدان المشاركة في المؤتمر من بينها الجزائر، تونس، مصر، العراق، الأردن، دولة فلسطين ودول الخليج على غرار السعودية، الإمارات، البحرين،حيث سيتم العمل على تفعيل التوصيات التي خرج بها هذا الملتقى على أرض الواقع.
وعلى هامش إشرافه على افتتاح المؤتمر الذي عرف حضور حوالي 200 وكالة سياحية و90 صحفيا قدموا من مختلف الدول العربية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مقدمتهم مندوبة «الشعب»، دعا وزير الثقافة والسياحة التركية «ماهر أونال» إلى ضرورة خلق تكامل وتعاون مشترك في مجال السياحة للتغلب على مختلف العراقيل التي تحول دون تحقيق ذلك، مؤكدا أن الوزارة تسعى إلى تدعيم مختلف الأنشطة السياحية والمنظمات السياحية التي تربط دول البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط.
وأكد «أونال» أن إبرام اتفاقيات شراكة بين تركيا والدول العربية في مجال السياحة من شأنه أن يساهم في فتح فرص الاستثمار وتوطيد الروابط والعلاقات بين تركيا ودول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، مضيفا أن تنظيم هذا المؤتمر بمنطقة أنطاليا سيسمح للوكالات السياحية العربية المشاركة باكتشاف الفرص السياحية والمؤهلات التي تمتلكها، ما جعلها من أكبر المراكز السياحية في العالم.
وكشف الوزير عن تسهيلات تقدمها الحكومة التركية لفائدة المستثمرين من شمال إفريقيا ودول الشرق الأوسط في مختلف مناطق تركيا من خلال إجراء تغييرات على مواد قانون الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث تمّ تخفيض ضريبة دخل المؤسسات الأجنبية بتركيا بنسبة 20 بالمائة، علما أن أكثر من 50 شركة أجنبية تستثمر حاليا في تركيا.
كما أعلن ذات المسؤول، عن فتح مكاتب استشارة سياحية بكل الولايات من بينها انطاليا واستخدام موظفين يتقنون اللغتين العربية والانجليزية في هذا المجال، حيث سيتمكن الزوار العرب اللجوء إلى هذه المكاتب التي ستضمن لهم الاجابة عن مختلف استفساراتهم، مشيرا إلى أن انطاليا تستقطب أكثر من 12 مليون سائح أجنبي منهم السياح القادمين من مختلف المناطق العربية و7 ملايين فيما يخص السياحة الداخلية.
من جهته، أوضح مساعد وزير الثقافة والسياحة التركي أن أنطاليا تتوفر على مجالات متنوعة في الفرص السياحية التي يمكن أن يستفيد منها المستثمرون العرب، مذكرا أن 50 وحدة سكنية بتلك المنطقة وضواحيها تباع سنويا نظرا لسحر مناظرها التي تطل أغلبيتها على البحر والجبال الخضراء كونها تمتلك ميزات قلّما نجدها في مناطق أخرى بتركيا من خلال أثارها التاريخية والطبيعية والثقافة البحرية.
كما كشف رئيس بلدية أنطاليا عن الشروع في تجسيد 7 مشاريع لإنشاء متاحف ثقافية وفنية بالمنطقة، بالإضافة إلى العمل على الترويج للسياحة العلاجية نظرا للخدمات الصحية الجيدة التي تقدم على مستوى المستشفيات المتواجدة بأنطاليا لفائدة المرضى القادمين من مختلف دول العالم، زيادة على أسعار العلاج المنخفضة مقارنة بنفس المستشفيات باسطنبول ومن بين الاختصاصات التي تشتهر بها السياحة العلاجية.
من جهتهم، أكد المشاركون أن المؤسسات السياحية التابعة للقطاع الخاص تعتبر شريكا أساسيا في التطوير السياحي كونها تساهم في خلق الاستثمار المشترك ما بين الدول العربية وتركيا داعين إلى أهمية تغيير بعض القوانين للمضي قدما في مجال الاستثمار وتوفير المناخ المناسب للاستثمار في تركيا.
وكالات سياحية جزائرية تدعو إلى تحويل الأموال إلى الشركاء
على صعيد آخر، دعا ممثلو وكالات السفر والسياحة الجزائرية الذين شاركوا في المؤتمر بأنطاليا رفقة قرابة 200 وكالة قدموا من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى ضرورة إيجاد حلول لبعض المشاكل التي تواجه عملهم من بينها تحويل الأموال إلى الشركاء بتركيا دون تنقلهم إلى الجزائر لاسترجاع الأموال من الوكالات.
وأجمع ممثلو وكالات السياحة والسفر الجزائرية، أن ورشات العمل التي انعقدت على هامش مؤتمر أنطاليا، فتح فضاء هاما للنقاش والتحاور مع مختلف الشركاء في تركيا حول مختلف العراقيل التي تواجه عملهم المتمثل في جلب أكبر عدد من السياح الجزائريين الذين يفضلون تركيا ويعتبرونها أحسن الوجهات السياحية.
في هذا الإطار، أشار ممثل وكالة «بريفيلاج تور» كمال رحموني واحد المشاركين في ملتقى أنطاليا أن وكالات السياحة في الجزائر تعاني من مشكل تحويل الأموال إلى الأشخاص الذين يتعاملون معهم بمختلف المناطق التركية، موضحا أن هؤلاء الشركاء يضطرون إلى المجيء في كل مرة إلى الجزائر من أجل استرجاع أموالهم.
وحسب المجموعة الجزائرية التي تمثل وكالات السياحة والأسفار، فإن تركيا ما تزال الوجهة المفضلة لدى السواح الجزائريين رغم الأحداث الأخيرة التي عاشها البلد والاعتداءات الإرهابية التي استهدفت مواقع سياحية لها كونهم يبحثون عن الراحة والمتعة مستغلين أفضل العروض والخدمات، موضحين أن أغلبية المتوافدين على الوكالات السياحية بالعاصمة يطلبون رحلات سفر إلى مدينة اسطنبول.
من جانبها، أكدت ممثلة وكالة البساط الأحمر شهرزاد على أهمية تنظيم هذه المبادرة التي سمحت للوكالات الجزائرية بتبادل الخبرات مع الدول العربية المشاركة في مجال السياحة، مشيرة إلى أن ورشات العمل كانت فرصة جيدة للتفاوض من أجل الحصول على تخفيضات في أسعار الفنادق بأنطاليا، بالإضافة إلى خلق شراكة دائمة مبنية على التعاون والثقة المتبادلة لصالح الطرفين.
نائب رئيس شركة الخطوط الجوية التركية يعد بزيادة عدد الرحلات
وعد نائب رئيس شركة الخطوط الجوية التركية في الشرق الأوسط وقبرص «آدم جيلان» خلال مداخلته في مؤتمر انطاليا بالعمل على زيادة عدد الرحلات من الدول العربية إلى المدن التركية نظرا للطلبات المتزايدة، مضيفا أن الخطوط الجوية التركية وسيلة للتواصل بين الشعوب العربية والتركية وتسعى إلى ضمان أحسن الخدمات لزبائنها عبر العالم.
وأشار جيلان إلى أهمية هذا المؤتمر، باعتباره يفتح المجال للقيام باستثمارات متبادلة، مضيفا أن السياحة وسيلة لنشر السلام بين الشعوب وتوطيد علاقات التعاون والشراكة ما بين الدول العربية والتركية.
وخلال رحلتنا مع الخطوط الجوية التركية، تقربنا من بعض المسافرين الجزائريين الذين اختلفت آراءهم حول الأسباب التي تدفعهم إلى زيارة مختلف مدن تركيا مرارا وتكرارا، فهناك من يفضّل الذهاب إليها لأغراض تجارية وآخرين يعتبرونها وجهتهم السياحية بامتياز كونها تتوفر على معالم أثرية تعود إلى فترة العهد العثماني .
وقال آخرون، إن تركيا تعد أيضا مركزا للسياحة الدينية في العالم، حيث عملت على فتح الكثير من المساجد الأثرية والتاريخية بعد ترميمها وتجهيزها لكي تستقبل المصليين من مختلف دول العالم.
في هذا الإطار، أكد المسافر رؤوف الذي وجدناه على متن الطائرة عائدا من اسطنبول إلى الجزائر العاصمة لـ «الشعب»، أن معالم تركيا السياحية وجمال طبيعتها تبقى راسخة في الأذهان لما تتميز به من تناغم ومزيج بين الثقافة والتاريخ، الأصالة والعصرنة معتبرا أنطاليا من بين أجمل المدن التي سبق وأن زارها لأنها تقدم هالة من الإثارة والسحر التي تجذب إليها جميع الزوار.
وعبّر رؤوف لـ»الشعب» عن ارتياحه لنوعية الخدمات المقدمة من طرف الخطوط الجوية التركية التي تسهر على إرضاء زبائنها في كل وقت وتنسيهم عناء السفر، حيث يشعر المسافر بالراحة والأمان وتسعى إلى تقديم خدمات إضافية في المستوى ترقى لطموحات الزوارلا سيما نوعية الطعام المقدمة وفعالية الخدمة.
من جهته، صرّح المسافر سمير مقراني لـ «الشعب» قائلا: «عندما نأتي إلى تركيا نجد مختلف التسهيلات التي تساعدنا في التنقل إلى المناطق السياحية في اسطنبول أو أنطاليا نظرا لوسائل النقل المتوفرة بكثرة، منها الحافلة، الترامواي والميترو وسيارات الأجرة، بالإضافة إلى الفنادق التي تستقطب أعدادا هائلة تختلف اسعارها حسب كل منطقة».
مستشار مكتب رئيس الوزراء لشؤون الاستثمار:
السوق الجزائرية تلقى اهتماما كبيرا من الشركات التركية
أكد مستشار مكتب رئيس الوزراء لشؤون الاستثمار «مصطفى قوقسو»، أن الكثير من المؤسسات التركية تنوي الاستثمار في الجزائر نظرا للمقومات التي تمتلكها وديناميكية اقتصادها ومواردها البشرية، ما يمكنها من بلوغ نتائج جيدة واحتلال المراتب الأولى في حال تمّ التسويق لها.
وفي تصريح لـ «الشعب» على هامش مؤتمر السياحة بأنطاليا أضاف قوقسو أن المؤهلات والإمكانيات السياحية التي تمتلكها الجزائر لا يجب الاستهانة بها وإنما من المفروض أن يتم استغلالها على أحسن ما يرام، لاسيما في ظلّ الأوضاع الأمنية المستقرة التي تشهدها الجزائر، وهو ما يجعلها قبلة سياحية بامتياز ويميزها عن البلدان العربية الأخرى التي تعيش حالة من التدهور الأمني، ما تسبب في تسجيل انخفاض كبير في عدد السياح لديها وتراجع مستوى الخدمات مقارنة بالسنوات السابقة.
وأفاد قوقسو، أن العديد من المؤسسات التركية تطمح إلى الاستثمار في الجزائر على غرار الشركات التركية الناشطة في كبرى ولايات الجزائر، لاسيما في مجال البناء والترميم، مشيرا إلى أن الحكومة التركية تعمل على تهيئة كل الظروف لجميع الجزائريين الراغبين في الاستثمار في تركيا، حيث يجد رجال الأعمال الجزائريين في تركيا فرصا كبيرة وتسهيلات لتثمين استثماراتهم والمساهمة في النهوض الاقتصادي للبلدين.
وأشار المتحدث، إلى عمق العلاقات الجزائرية التركية التي بلغت درجة الامتياز وتعزّزت بكثافة ـ على حد قوله ـ خاصة على مستوى المبادلات التجارية، بالإضافة إلى الدخول في منطق الشراكة ذات الفائدة المتبادلة بين البلدين.
الوفد الصحفي يتوقّف عند المعالم السياحية
شلالات دودن المنحدرة من جبال توروس تسحر الناظر
استطاع الوفد الصحفي أن يستفيد من زيارات إلى أجمل المعالم السياحية بمدينة أنطاليا التركية في اليوم الثاني من مؤتمر «مينا» رفقة المرشد السياحي «سارقان» الذي لم يبخل علينا في الإجابة عن مختلف استفساراتنا وتزويدنا بالمعلومات اللازمة عن تاريخ هذه المدينة العريقة.
كانت بداية رحلتنا في اكتشاف جمال وسحر هذه المدينة من «شلالات دودن» التي تستقبل عددا كبيرا من الزوار سنويا، حيث لا يمكن لأي سائح بأنطاليا أن يفوّت عليه فرص الاستمتاع بالمناظر الخلابة لسلسلة الشلالات الموجودة على نهر دودن التي تتساقط من أعلى هضبة مرتفعة من جبال توروس، حسب الدليل السياحي.
ولعلّ أكثر ما لفت انتباهنا بهذه المدينة كثرة الفنادق التي تناسب جميع الزائريين وتتميز بهندستها المعمارية الرائعة وموقعها الذي يطلّ على البحر، أبرزها قصر ماردن الذي يوفّر للزائر مستوى عالي من الفخامة وفندق ريكسوس ونيرفانا وتايتانك، كلها فنادق تبقى راسخة في ذكرى كل سائح وتجعله يفكر في العودة مجددا لزيارتها.
وعلى الرغم من أن زيارتنا تزامنت مع برودة الطقس وتساقط الأمطار بغزارة، إلا أنها لم تكن عقبة في استمتاعنا بجمال شواطئ المدينة التي تميزها الرمال البيضاء الناعمة والمياه الزرقاء اللامعة، ما جعل العديد من شواطئ انطاليا تحظى بميزة الحصول على جائزة الراية الزرقاء التي تمنح لأفضل الشواطئ حول العالم.
واختتمت زيارتنا بمنطقة أوليمبوس المغطاة بالثلوج والتي تعتبر من أهم المعالم في أنطاليا التي يقدر ارتفاعها بـ 2365 متر على سطح البحر، وتعدّ من الآثار الرومانية الساحلية الشهيرة في «ليسيا» على البحر الأبيض المتوسط حسب المرشد السياحي.