بمناسبة إحياء الذكرى الـ 60 لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين و الذكرى الـ 45 لتأميم المحروقات التقت «الشعب» حمو طواهرية الأمين الفيدرالي المكلف بالتنظيم على مستوى فيدرالية المحروقات والغاز والكيمياء و عضو الأمانة الوطنية لنقابة سوناطراك و حاورته حول مجموعة من قضايا المرحلة ومستقبل العمل النقابي في قطاع المحروقات في ظل التحولات التي تشهدها البلاد خصوصا تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية واستراتيجيات المؤسسات الوطنية في المرحلة الراهنة .
الشعب: الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين و تأميم المحروقات تأتي هذه السنة أكثر تميزا من كل السنوات السابقة. تأتي في ظل مناخ مختلف تحكمه عدة معطيات دولية و وطنية متباينة، داخليا يتصدر المشهد الاقتصادي التراجع الكبير في أسعار النفط ، و تبني الحكومة لمقاربات جديدية للحفاظ على الاقتصاد الوطني ويتصدر أيضا المشهد السياسي دستور جديد تمت المصادقة عليه مؤخرا من قبل البرلمان .
خارجيا الهاجس الأمني والاقتصادي عنوان المرحلة بالبند العريض ..هل لهذه المعطيات أثر في إحياء المناسبة ؟ وماهي توجهات قطاع المحروقات في الوقت الراهن ؟
حمو طواهرية : كما تعلمون نحن نعيش هذه المرحلة بكل إرهاصاتها وبكل تقلباتها نحن جزء من هذا العالم، و نحاول أن نتأقلم مع المعطيات المفروضة علينا ومن منظور نقابي استراتيجيتنا تقتضي حاليا الحفاظ على ديمومة المؤسسة والحفاظ على حقوق العمال .المؤسسة مطالبة اليوم بمواجهة رهانات المرحلة و القدرة على المنافسة و هذا يتطلب منا جميعا إدارة و شريك اجتماعي العمل على تطوير إمكاناتها البشرية والمادية من خلال تشبيب الإطارات و استخلاف المتقاعدين بكفاءات شابة من شأنها إعطاء ديناميكية جديدة للعمل باستعمال تكنولوجيات حديثة تمكن من سرعة العمل و تقلل من التكلفة وأيضا من خلال تجهيز المؤسسة في قطاع النفط بالتجهيزات والهياكل الضرورية لمسايرة المرحلة ورفع التحدي .
لقد حدث مؤخرا تغيير كبير على إدارة سوناطراك بتعيين رئيس مدير عام جديد- كان يدير شؤون المؤسسة بصفة غير رسمية - مدعوما بطاقم من الإطارات الشابة ذات كفاءة عالية في مجال التسيير والعصرنة يشكلون نواب الرئيس المدير العام عملوا لمدة ثلاثة أشهر في ورشات متخصصة بغية وضع تصور لإعادة هيكلة سوناطراك والمؤسسات المتفرعة عنها آخذين بعين الاعتبار متطلبات المرحلة و سبل تهيئة المؤسسات لتنافسية اقتصادية فعالة، اليوم هناك تنظيم جديد للقطاع نأمل أن يحقق الأهداف و يحافظ على سوناطراك و بالتالي الاقتصاد الوطني .
- ما دوركم كنقابة في هذا التنظيم الجديد هل استشرتم من قبل إدارة المؤسسة وهل توافقون على التنظيم أم هو أمر واقع فرضته التحولات الحاصلة ؟
استراتيجيتنا كنقابة تحتم علينا مرافقة إدارة المؤسسة و تهيئة أسباب النجاح و مرافقتها من أجل الحفاظ على حقوق العمال ومناصب العمل و شعارنا دوما الحوار ثم الحوار وبالمقابل تتبنى إدارة المؤسسة نفس النهج وقد لمسنا إرادة صادقة من الرئيس المدير العام في إشراك النقابة بعد استشارتنا في كل هذه القرارات الخاصة بإعادة هيكلة المؤسسة، وأخذ رأينا بعين الاعتبار خاصة في مسائل حماية العمال و سلامة التجهيزات وتجديد الهياكل لأن الحوادث في قطاع المحروقات لا تغتفر وخسائرها كبيرة في الغالب وعليه طالبنا بضرورة تعزيز سبل الوقاية والأمن .
- إلى حد الآن لم تعط إجابة واضحة بخصوص مسألة تراجع أسعار النفط؟
صحيح أن أسعار البترول انهارت في الحقيقة و تراجعت مداخيل الخزينة العمومية بسبب اعتمادها على تصدير النفط، استراتجيتنا هي التي تتبناها سوناطراك و هي تتضمن مخططا يتضمن التنقيب في المناطق القريبة المحيطة بحاسي مسعود والتخلي قدر الإمكان عن التنقيب في المناطق البعيدة وأعماق الصحاري وذلك لسبب بسيط هو تقليص الكلفة في النقل وحيث التمركز بقرب المدينة النفطية ييسر نقل الخام إلى مراكز التكرير والتخزين و رفع الإنتاج لتغطية تراجع الأسعار في السوق العالمية للحفاظ على توازنات الخزينة و مداخيل العملة الصعبة .
زيادة الإنتاج سوف تتجلى أكثر في الشهور القادمة و حتى مطلع السنة القادمة 2017.
لا ننسى أيضا أن هناك طلب متزايد على الغاز في الداخل مع الزيادة التي تعرفها الحظيرة السكنية في الجزائر تجسيدا لبرنامج فخامة رئيس الجمهورية، حيث المؤسسة و المؤسسات المتفرعة عنها مطالبة بالاستجابة لهذا الطلب المتزايد على الغاز وواجبنا يحتم أيضا الحفاظ على الاتفاقيات والعقود التي أبرمتها سوناطراك مع الشركات والدول الأجنبية للحفاظ على ريادة المؤسسة واستمرارها لأنها القلب النابض للاقتصاد الوطني .
- ما موقفكم من الأحداث و القضايا الأخيرة التي أثيرت حول سوناطراك و أقصد الفضائح التي وصلت إلى حد أروقة المحاكم؟
أولا الفضائح في قضايا الاقتصاد ليست حكرا على سوناطراك ولا حكرا على الجزائر العالم كله يسجل فضائح كبيرة وكثيرة ودورنا كما قلت لك الحفاظ على مناصب العمل وحقوق العمال أما قضايا الفساد فالقضاء هو المؤهل للفصل فيها ولا يمكنني أن أضيف شيئا في هذا الأمر سوناطراك مؤسسة وطنية رائدة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالاقتصاد الوطني منذ الاستقلال تملك كفاءات عالية وخبرات هي اليوم تسير كبريات المؤسسات البترولية العالمية في الخليج وفي إفريقيا وحتى في أمريكا.
- مسألة الرواتب العالية لعمال قطاع النفط ألم تشملها خطة تقليص التكلفة والتقشف؟
الرفاهية و متعة الحياة لا تصنعها الأموال فقط، الطمأنينة و راحة البال تعيشها قرب عائلتك وأهلك. هؤلاء العمال لا يعرفون طعم الحياة قرب أهلهم وأولادهم وذويهم، يمضي الواحد منهم أشهرا بعيدا عن البيت في أعماق الصحراء وأحيانا في ظروف صعبة يقيم الإطارات في بعض الأحيان في الخيم ألا يستحق هؤلاء مقابلا لهذه التضحية، هؤلاء محرومون من كل صيغ السكن المتوفرة حاليا فقط لأنهم يعملون في قطاع المحروقات كثير من الجزائريين يحصلون على أضعاف مداخليهم ويستفيدون من السكن.
- بعض عمال القطاع المتقاعدين لم يتمكنوا من التكيف و التأقلم مع مجتمعاتهم الأصلية بسبب القطيعة الطويلة و بعضهم وجد أبنائه قد ضاعوا وانحرفوا بسبب غيابه الطويل عنهم وآخرون فضلوا الاستقرار في الصحراء لأن عائلاتهم ألفت العيش فيها وإلا كيف تفسر إقامة عائلة من الشمال بعين أمناس ؟
التشغيل مطلب لا زال يتكرر وهؤلاء البطالون في الجنوب يصعدون من احتجاجاتهم و المسألة مرتبطة بالتكوين في قطاع النفط وأنتم كنتم من المدافعين عن فكرة إنشاء مراكز لتكوين الشباب المحلي في متطلبات الشركات البترولية في اليد العاملة.
شكرا لإثارة الموضوع فعلا كنا ولا زلنا من المدافعين عن فكرة إنشاء مراكز للتكوين في التخصصات التي تعني قطاع النفط و قد استجابت سوناطراك ومؤسسات أخرى كمؤسسة الأشغال في الآبار لهذا المطلب، كما تدعمت الجامعة بمعهد متخصص في البترول والكيمياء و هذه مكاسب للجهة وللوطن وسوف تستفيد ولايات أخرى في الجنوب من برامج مماثلة خاصة في قطاع التكوين المهني في تمنراست وإيليزي والشكر للسادة الولاة الذين قدموا يد المساعدة لهذه المؤسسات.
سوناطراك وغيرها من المؤسسات التي تعمل في قطاع النفط لها استراتيجية التواصل مع المحيط الذي تعمل فيه و تعزيز المواطنة من خلال تقديم خدمات لسكان المناطق التي تنشط فيها في الماء الشروب الصحة التعليم وغيرها.
- ما رأيكم في التعديل الدستوري الأخير الذي صادق عليه البرلمان يوم 7 فيفري الماضي؟
وجدنا رجلا يؤمن بما نؤمن به ساندناه منذ توليه السلطة، أعطى للعمل و العمال الامتيازات التي كانت صميم مطالبنا لاحظ الثلاثيات الأخيرة ونتائجها، نحن نسير خلف المركزية النقابية بقيادة سيدي سعيد الذي زكى برنامج فخامة الرئيس، أنظر إلى المادة 87 مكرر، كان إلغاؤها ضربا من المستحيل ولكن إرادة الشعب لا تقهر في ظل حكم حاكم يقدر قيمة العامل و يحترمه.
- كلمة أخيرة ؟
أشكركم وأشكر جريدة الشعب التي أتاحت لي هذه الفرصة لأخاطب العمال من خلالها في هذه المناسبة الوطنية الهامة أتمنى لكم كل التوفيق و أقول لعمالنا اعملوا فلا وجود لنا دون العمل و المرحلة الحالية تتطلب الإتقان والإخلاص.