تطرق أساتذة قسم التاريخ بجامعة الجزائر- 02 ببوزريعة، أمس، إلى دور الاتحاد العام للعمال الجزائريين قبل، إبان الثورة التحريرية وبعد الاستقلال، كهيئة جماهيرية تابعة لحزب جبهة التحرير الوطني للدفاع عن القضية الجزائرية دوليا، حيث قطعت أشواطا في تعزيز تضامن فئات المجتمع الجزائري، خاصة فئة العمال، معتبرين الذكرى 60 لتأسيس الاتحاد مناسبة لاستلهام الدروس وترسيخها في ذاكرة الشعب الجزائري. كما تأسف الأساتذة الباحثون لعدم إعطاء هذا الموضوع حقه من الدراسات الجامعية.
أبرز مدير الوحدة المغاربية عبر التاريخ بوعزة بوضرساية، خلال الندوة التاريخية التي نظمها المخبر، بالتنسيق مع الفرع النقابي لأساتذة الجامعة، حول ذكرى تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، ما تحمله هذه الذكرى من مغزى، باعتبارها منظمة جماهيرية مخضرمة لعبت دورها إبان الثورة وكان لزاما عليها لعب دور ريادي بعد الاستقلال، مضيفا أن الاتحاد منذ تأسيسه في 24 فيفري 1956 قطع أشواطا في تعزيز تضامن فئات المجتمع الجزائري وبالتحديد فئة العمال.
وأوضح الأستاذ بوعزة في هذا الإطار، أن النضال النقابي في الجزائر عرف ثلاث مراحل: الأولى، مرحلة التأسيس سنة 1956، والثانية إبان الثورة، ثم مرحلة ما بعد الاستقلال إلى غاية اليوم. مؤكدا أن هذا الموضوع لم يوفّ حقه من المذكرات العلمية التي ترقى إلى مصاف الأعمال الراقية، يوجد فقط ثلاث رسائل جامعية، مشيرا إلى أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لم تعرف العمل النقابي، كون دورها كان إصلاحيا بالدرجة الأولى.
من جهته، أفاد عبد العزيز بوكنة، رئيس المجلس العلمي لكلية العلوم الإنسانية، أن طالبا من تشيكوسلوفاكيا حضر سنة 1982 إلى جامعة الجزائر لإعداد بحث حول دور الاتحاد العام للعمال الجزائريين خلال الثورة، وبقي بها مدة ثلاثة أشهر، التقى خلالها عديد المسؤولين في الجامعة، مثل الأستاذ قنان والمرحوم أبوالقاسم سعد الله، بعدها غادر إلى براغ لاستكمال رسالة الدكتوراه. علما أن الطالب التشيكسلوفاكي كان يتقن سبع لغات، داعيا إلى ترجمة بحثه إلى اللغة العربية.
وأوضح فؤاد مليط، ممثل الفرع النقابي لأساتذة الجامعة، أن الاحتفال بالذكرى 60 لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، صارت راسخة في ذاكرة الشعب الجزائري وهي مناسبة لاستلهام دروس قوية وإبراز دور الاتحاد إبان الثورة في مواجهة الإدارة الاستعمارية البغيضة، مضيفا أن الاتحاد أحد أعمدة كيان الدولة الجزائرية، وضع على عاتقه تأمين مكاسب العمال بهدف الحفاظ على الطبقة الشغيلة، مشيرا إلى أن الفرع النقابي لأساتذة جامعة الجزائر كانت قوة اقتراح فعالة.
وقال رئيس قسم التاريخ إبراهيم سعيود، إن فكرة تنظيم مخبر علمي لهذه الندوة، بالتنسيق مع الفرع النقابي، تصبّ في قالبها الصحيح ألا وهو الانسجام بين الحركة العمالية كحركة دؤوبة والحركة العلمية الممثلة في مخابر البحث. وبحسبه، فقد آن الأوان لأن تتولى المخابر مهمّة النشاطات العلمية.
قطاع الموانئ كان العمود الفقري للنقابة
من جهته تطرق الأستاذ عبد الحميد دليوح، إلى أسباب تأخر تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين 17 شهرا بعد اندلاع الثورة، موضحا أن سبب ذلك اهتمام جبهة التحرير الوطني بالجانب العسكري لنشر النشاط الثوري العسكري في كافة المناطق، وكان للجانب السياسي اهتمام ثانوي. وثانيا، أن الرصيد النضالي النقابي لحزبي الشعب الجزائري وحركة انتصار الحريات الديمقراطية كان على أنقاض حزب نجم شمال إفريقيا، الذي كان يتوفر على الطبقة الشغيلة بالمهجر، مما شكل عقبة لجبهة التحرير لتأسيس الاتحاد، كون العمال كانوا تحت سيطرة المصاليين. بالإضافة إلى سيطرة التيار الشيوعي على أغلب العمال قبل سنة 1956، وبعد مؤتمر الحزب بدأ نشاط الحزب يصبّ في أهداف الثورة.
وأشار أستاذ التاريخ، إلى أن فكرة تأسيس الاتحاد كانت قديمة خلال اجتماع حزب الشعب الجزائري، الذي تمخض عنه تأسيس لجنة الحريات العمالية، مهمتها الأساسية تأسيس هيئة نقابية، لكن اكتشاف المنظمة الخاصة أثر سلبا على اللجنة الفتية وكذا أزمة المصاليين والمركزيين.
وبحسب الأستاذ دليوح، فإنه بعد الفاتح نوفمبر اتفق مجموعة من النقابيين، باختلاف انتماءاتهم، على تأسيس نقابة موحّدة تجمع كل الجزائريين لرأب الصدع بين المصاليين وجبهة التحرير، مبرزا أن قطاع الموانئ كان العمود الفقري لهذه النقابة الناشئة، بما في ذلك عمال الصحة، حيث انتخب الشهيد عيسات إيدير أمينا عاما للاتحاد وتم الانخراط في الكنفدرالية الدولية للعمال، رغم معارضة الاتحاد الفرنسي للشغل والنقابة البلجيكية.