طباعة هذه الصفحة

حكومة التوافق تدين الغارة الأمريكية على صبراتة

الاتحاد الأوروبي ينتظر طلب السلطة الشرعية الليبية للتدخل عسكريا

س / ناصر

أدانت الحكومة الليبية المؤقتة في بيان لها ضربات القوات الجوية الأمريكية لمدينة صبراتة، يوم الجمعة، من دون التنسيق معها، معتبرة ذلك انتهاكا صارخا لسيادة ليبيا، داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته ومساندة الدولة الليبية في حربها على الإرهاب، ودعت من جهتها ممثلة الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، دول الاتحاد إلى انتظار طلب رسمي من الحكومة الليبية الشرعية للتدخل عسكريا ضد تنظيم “داعش” الإرهابي.
أسفرت الغارة الأمريكية العسكرية المنفردة على “داعش ليبيا” في صبراتة، عن سقوط نحو 46 قتيلا وعدد من المصابين، والتي جاءت قبل يوم واحد من جلسة مجلس النواب الليبي، التي عقدت يوم السبت 20 فيفري في طبرق لمناقشة المجلس الرئاسي الليبي تشكيلة الحكومة الجديدة، التي ﻻ تزال محل أخذ ورد.
وقد أعلن نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، يوم الجمعة، في القاهرة، عن العزم على إعادة النظر في ترشيح بعض أعضاء الحكومة، لتورطهم في قضايا جنائية، فضلا عن اعتراض نحو 70 نائبا من مجلس النواب على تشكيلة الحكومة، وكذلك انسحاب وزيرين من التشكيلة الجديدة. وكلها أمور تجعل الحكومة الليبية، التي كان يُتوقع التصويت عليها رسميا خلال اليومين المقبلين، بعيدة المنال، وبالتالي تبقى عملية الاستقرار الليبي مؤجلة.
ولعل الحكومة الليبية المتعثرة كانت أحد أسباب إسراع أمريكا بتوجيه ضربة استباقية بناء على معلومات استخباراتية واستطلاعية، جمعتها خلال الأشهر الماضية. حيث كانت تبعث تارة بقوات خاصة إلى الأراضي الليبية بحجة البحث عن حليف لها على الأرض للتعاون في مواجهة داعش الإرهابي، وتارة أخرى تبعث بطائرات استطلاع من دون طيار. وبعد جمعها المعلومات اللازمة لم تُصغِ ﻻ لمناشدات الغرب بالتنسيق، وﻻ لدعوات إيطاليا بأن تقود هي تحالفا لتوجيه ضربات إلى “داعش” هناك؛ ولم تستمع كذلك إلى النصائح والتحذيرات المصرية، ولم تعر الخطوات الليبية على الأرض للتوافق السياسي وتشكيل الحكومة.. أي اهتمام. كما لم تستجب لمخاوف دول الجوار الليبي من التدخل المنفرد دون التنسيق مع الجيش الليبي.
أمريكا انقسمت بين تردد البيت الأبيض في معالجته الأزمة الليبية، وإصرار وزارة الدفاع على فرض رؤيته في النهاية؛ وعلى الرغم من رفض أوباما من قبلُ طلبا للبنتاغون بشن غارات على التنظيم الإرهابي في ليبيا، فإنه عاد ورضخ لضغوط البنتاغون، الذي وجه الضربة مؤخرا.
وقالت واشنطن أن الغارة كانت تستهدف التونسي “ نور الدين شوشان” المتهم بتدبير هجومين داميين العام الماضي بتونس (متحف باردو ومنتجع سوسة السياحي).
وأكد متحدث عسكري أمريكي أن الطيران الأمريكي نفذ غارة على معسكر تدريب لتنظيم “داعش” الإرهابي في ليبيا، فيما أكد مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية أن واشنطن، بدلا من اتخاذ خطوات أكثر نشاطا، تنوي مواصلة استراتيجيتها السابقة، المتمثلة في شن غارات منفردة لاستهداف قياديين في التنظيمات الإرهابية داخل الأراضي الليبية.
هذه الغارة الأمريكية على معسكر تدريب لتنظيم “داعش” الإرهابي خلفت بالإضافة إلى مقتل العناصر الإرهابية ضحايا مدنيين قال البنتاغون بخصوصها أن القوات الأمريكية كانت تجهل تواجد مدنيين بالمعسكر.
وكان وزير الخارجية الصربي، صرح أن رعيتين صربيتين كانتا محتجزتين هلكتا خلال الغارة الجوية الأمريكية قرب صبراتة غرب ليبيا.
انتظار طلب الحكومة الشرعية للتدخل
من جهتها دعت ممثلة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية “فيديريكا موغيريني” الدول الأوروبية انتظار طلب رسمي من حكومة شرعية في ليبيا للتدخل عسكريا ضد مايعرف باسم تنظيم داعش الإرهابي ، وأكدت أن أوروبا على استعداد لتقديم مساعدة تقنية لتهيئة المؤسسات وخاصة قوات الشرطة والأمن وتعزيز البلديات الليبية التي تشكل أكبر شبكة منتخبين إذا طلبت الحكومة ذلك.
الخبير العسكري والاستراتيجي المصري اللواء محمود زاهر لفت إلى أن الولايات المتحدة استبقت المساعي الايطالية لقيادة حملة عسكرية في ليبيا، بالتمهيد لقيادتها للتحالف الغربي المتمثل في إيطاليا وفرنسا وبريطانيا لبدء عملياته في ليبيا والسيطرة على مقدراتها واستنزاف ثرواتها.
فيما رجح البرلماني الليبي عبد الحفيظ غوقه أن يكون الغرض من الضربة الأمريكية توجيه رسالة واضحة إلى البرلمان والمسؤولين الليبيين للتعجيل بتشكيل الحكومة لحسم الجدل السياسي القائم، خاصة أنها جاءت قبيل مناظرة البرلمان للحكومة بتشكيلتها الجديدة؛ مشددا على أن أي تدخل غربي في ليبيا يجب أن يكون بإذن من الحكومة الليبية وتنسيق مسبق معها.
الضربة الأمريكية كشفت مرة أخرى الوجه الحقيقي لأمريكا الساعي دوما ﻻستباق الأحداث وفرض السياسة بالقوة في المناطق الساخنة من العالم، وﻻ سيما الشرق الأوسط.