انطلقت، أمس، بفندق «صبري» بعنابة الورشة التكوينية حول «حقوق الإنسان لفائدة الأشخاص المكلفين بتطبيق القانون بالجزائر»، تحت إشراف اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها بالجزائر، بالاشتراك مع المكتب الاقليمي للمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
يشارك في هذه الدورة التدريبية التي تتواصل إلى غاية الـ 23 فيفري الجاري، ممثلون عن قطاع العدالة، رجال القضاء، الدرك الوطني والأمن الوطني.. وفي هذا الإطار، أكد الأمين العام للجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، عبد الوهاب مرجانة، في كلمته الافتتاحية أن تنظيم هذه التظاهرة تم بفضل التعاون المثمر للسلطات العليا بالتنسيق مع المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مشيرا إلى أنها منظمة غير حكومية صديقة للجزائر حيث قامت بعدة مشاريع تكوينية منذ سنة 2005 بالشراكة مع وزارة العدل واللّجنة الوطنية.
وقال مرجانة، إن عقد الدورة التكوينية الراهنة يتم في سياق التميّز بدخول التعديلات الأخيرة لقانون الإجراءات الجزائية حيز التنفيذ، والتي نصّ عليها الأمر 02 ـ15 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية، إضافة إلى المصادقة على مسوّدة تعديل الدستور مؤخرا، وما تحمله لا سيما سلسلة الحقوق الأساسية للأشخاص أمام القضاء في انتظار دخولها حيز التطبيق.
وأضاف مرجانة أن وجود مختلف الفاعلين في شتى القطاعات في هذه الدورة التكوينية لمناقشة قضايا ذات الاهتمام الواحد، والمتمثلة في ضرورة الموازنة بين الحق العام الذي يدخل في إطار احترام القانون وبالتالي حماية المجتمع من جهة، والحق الخاص الذي يدعو إلى ضرورة احترام الحقوق الأساسية للشخص المشتبه فيه من جهة أخرى، مشيرا إلى أن الدورة بادرة ايجابية للنظر في هذه الإشكالية، انطلاقا من وجهات نظر مختلفة ومتكاملة، والتي تنتهي بإعداد ورقة توصيات لتحديد الأولويات الواجب أخدها بعين الاعتبار في خضم الإصلاحات المتعاقبة للنظام الجنائي الجزائري، والتي يتم تحديدها انطلاقا من مشاركة الخبراء واتصالهم بهذا الواقع واطلاعهم بالمجالات التي ما تزال تستدعي مجهودا تشريعيا وتنفيذيا بغية النهوض بها، لا سيما لمواكبة النظام القانوني الداخلي مع الالتزامات الدولية للجزائر.
وقال العياشي دعدوعة، رئيس اللّجنة الفرعية الدائمة لحماية حقوق الإنسان، إن التغيير التشريعي المتسارع في الجزائر سيواكبه تغيير يشترك فيه الحس الأمني والقضائي، بما يتناسب والتشريعات الدولية ذات الصلة، وأضاف بأن تجربتنا في مجال حقوق الإنسان طويلة، أهمها المصالحة الوطنية والإصلاحات السياسية التي جاءت بعدها والمتواصلة إلى يومنا هذا.
وأضاف دعدوعة أن هناك آليات وطنية مشجّعة، للعمل في جو من الحرية، وبالضبط في هذا الموضوع والذي سيكون، بحسب دعدوعة، على طاولة الورشة التكوينية بعنابة، ويتعلق بمصلحة المتّهمين الذين هم في نزاع مع القوانين قبل المحاكمة، ولفائدة ضباط الشرطة القضائية الممارسين المكلفين بالبحث والتحري في هذا المجال وفي فترة ما قبل المحاكمة، مشيرا إلى أن المرسوم 02 ـ 15 الصادر في 23 جويلية 2016 استبدل إجراءات التلبس التي تحكمها المواد 59 ـ 338 و339 في قانون الإجراءات الجزائية بإجراءات المثول الفوري أمام محكمة الجنح والممثلة في 10 تدابير، آخرها الحبس المؤقت، والتي صارت تحكمها المواد 338 مكرر و339 مكرر 7.
ونوّه دعدوعة بهذا التعديل الذي يعتبر لصالح حقوق الإنسان، وأبرز دعدوعة أن التعديل الأخير للدستور قد أدرج بدوره ضمن أحكامه الجديدة لأول مرة مبدأ التقاضي على الدرجات، مما يستوجب إعادة النظر وفي أقرب وقت في قانون الاجراءات الجزائية وبخاصة ما يتعلق بمحكمة الجنايات التي تصدر أحكاما على درجة واحدة قابلة فقط للنقض أمام المحكمة العليا، وهو الأمر الذي يعزز حقوق الإنسان المكرّسة في المواثيق الدولية وفي مقدمتها الضمانات المتعلقة بالحريات، حيث يندرج في دعم الفصل بين السلطات واستقلالية القضاء في الجزائر على وجه الخصوص.
من جهته، أشاد ممثل المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، محمد شبانة، بالورشة التكوينية حول «حقوق الإنسان لفائدة الأشخاص المكلفين بتطبيق القانون بالجزائر».
وقال إن المنظمة لا تدافع عن الاجرام ولا عن المجرمين، بل هم مع سيادة القانون، مؤكدا أيضا أنهم لا يدعون للإفلات من العقاب، بل إلى التطبيق الفعّال والنافد للقانون والقرارات القضائية، وإعادة ادماج المسجون ومساعدته ببرامج تعيد له ثقته بنفسه حتى لا يعود إلى الاجرام مرة أخرى، وطالب شبانة رجال الأمن والدرك بفتح الحوار والنقاش الدال على الشفافية والنزاهة، مؤكدا بأن من يفتح الحوار إجراءاته صحيحة، ويعمل على احترام حقوق الانسان