طباعة هذه الصفحة

الغرب يعزف سيمفونية الحرب ويستعدّ للتدخّل العسكري

على اللّيبيّين الالتفات للمؤامرة والاسراع بتفعيل حكومة الوفاق

فضيلة دفوس

شدّتني هذه الأيام التّصريحات المتتالية الصّادرة من دول غربية تروّج لخيار التدخّل العسكري في ليبيا تحت غطاء محاربة التّنظيم الارهابي “داعش”.
فقد أصدر الرئيس الأمريكي باراك أوباما نهاية الأسبوع الماضي توجيهات لمستشاريه في مجال الأمن القومي للتصدّي لمحاولات “داعش” التوسّع على أرض شيخ الشهداء عمر المختار.
وشدّد في توجيهاته على دعم الجهود الرامية لمحاربة الارهاب في ليبيا، وكان وزير دفاعه أشتون كارتر، أعلن من جانبه أنّ “داعش” الدّموي يقيم مواقع تدريب في ليبيا ويستقبل مقاتلين أجانب تماما كما يفعل في العراق وسوريا، وهذا ما يستدعي ـ كما أضاف ـ عدم الوقوف موقف المتفرّج،وامتد الأمر بالمتحدث باسم وزارة الدّفاع الأمريكية “البنتاغون” للكشف عن إرسال عسكريين إلى ليبيا للحصول على معلومات على الأرض.
من جهتها، إيطاليا المرتبطة تاريخيا أكثر من غيرها بليبيا، ذهبت أبعد من أمريكا لتحدّد على لسان وزيرتها للدفاع موعد الحسم العسكري، حيث قالت: “التدخل العسكري في ليبيا لمكافحة داعش لن يتجاوز في أقصى حالاته فصل الربيع”.
وعلى أنغام سيمفونية الحرب، حسمت بريطانيا وفرنسا أمرهما، وباشرت هذه الأخيرة في إعداد العدّة لتدخّل عسكري جديد في ليبيا عنوانه هذه المرّة “القضاء على داعش”.
وأوردت مصادر إعلامية فرنسية في هذا الاطار، بأنّه أصبح في حكم المؤكّد التدخّل لاقتلاع سرطان الارهاب من ليبيا، وكشفت عن طلعات جوية فرنسية لتحضير هذه المهمّة.
طبول الحرب تقرع إذن، ومن يقرعها بحّدة هذه الأيام وجد في تمدّد “داعش”مسوغا للتدخّل العسكري في ليبيا، والحرص الذي تبديه أمريكا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا  لتنفيذ اتفاق السلام الأممي القاضي بتشكيل حكومة الوفاق الوطني، لا يرمي كما نتصوّر إلى طيّ فصول الأزمة السياسية والأمنية هناك بقدر ما يهدف إلى تنصيب سلطة شرعية توكل إليها مهمّة طلب التدخّل العسكري الخارجي تحت مسمّى الدّعم والتعاون لدحر الارهاب.
وإذا كان الغرب لا يخفي مخططه التآمري القادم في ليبيا، والذي لا يمكنه إلا أن يكرّر المأساة العراقية والسورية وقبلهما الأفغانية بأحلك فصولها، بل ويأتي على ما تركه تدخّل الناتو في 2011  من دمار وتفتيت للوحدة الترابية والشعبية، فعلى الليبيين أن  يستفيقوا من غفلتهم ويوقفوا سياسة جلد الذّات التي أدمت وطنهم، ويزيلوا العراقيل التي تحول دون تشكيل وتفعيل الحكومة  التّوافقية، حتى يتمكّنوا من التركيز على حلّ المشاكل الأمنية بعيدا عن التدخّلات الخارجية التي أثبتت التجارب أنّها تزيد الأوضاع تعقيدا، والأزمات استفحالا.
الحلّ في كلّ الأحوال بيد اللّيبيين، وعليهم أن يدركوا بأنّ إخراج سفينتهم من البحر الهائج إلى برّ الأمان يستدعي الالتفاف حول ربّان واحد، فكثرة الرّبابنة ــ كما يقول المثل ــ تغرق السّفن، وهذا ما لا نريده للشّقيقة ليبيا.