كشفت الإحصائيات الخاصة بوضعية التأمين عن النشاط الفلاحي بولاية بومرداس، أن أقل من واحد من المائة فقط من الفلاحين الناشطين فعليا مؤمنين عن محاصيلهم الزراعية ومختلف الشعب الأخرى من أصل حوالي 30 ألف ناشط في القطاع، وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول أسباب عزوف الفلاحين عن تأمين محاصيلهم عن مختلف الأخطار، رغم الإجراءات التحفيزية التي وضعتها الدولة في هذا المجال، أم أن حصيلة الصندوق وتزعزع ثقته لعقود من الزمن لدى هذه الشريحة هي التي عمقت الهوة بين الطرفين.
لم تفلح لحد الآن الإستراتيجية المتبعة من قبل القائمين على الصندوق الوطني للتعاضد الفلاحي ببومرداس من كسب ود هذه الفئة التي تعتبر أكثر شريحة ناشطة في قطاع العمل والمساهمة بدرجة كبيرة في الاقتصاد المحلي لكنها وللأسف تعتبر الأكثر تشرذما ببقاء عشرات الفلاحين الآخرين خارج التأطير سواء من حيث التأمين أو من حيث الجرد لدى الغرفة الفلاحية المهتزة هي الأخرى بنظرهم لأسباب عديدة أقلها غياب التمثيل الفعلي لمجلس الغرفة المشكل من جمعيات للشعب الفلاحية واحدة فقط تنشط بإعتماد قانوني مع فصل رئيسها السابق، ورغم ربط بعض الفلاحين الذين تحدت إليهم الشعب أسباب عزوفهم عن تأمين نشاطهم الفلاحي وما تعلق بثروتهم الحيوانية وبالخصوص أبقار الحليب إلى غلاء أعلاف الحيوانات وارتفاع تكاليف النشاط التي لا تسمح لهم بتخصيص نسبة أخرى لعملية التأمين، إلا أن خلفيات أخرى وأفكار مسبقة عن الصندوق لا تزال تهيمن على ذهنيات الكثير من الفلاحين الذين تحدثوا للشعب، لعلى أبرزها ضعف نسبة التعويض التي ارتسمت في جبين صندوق التعاضد الفلاحي وغياب الفعالية والسرعة في معالجة المؤمنين في الصندوق بما فيهم أصحاب المركبات وآلات العتاد الفلاحي، ونقص الإعلام وطرق الإقناع والتسويق التجاري والنفعي المشترك بين الجانبين.
نعاني من غياب ثقافة التأمين
حاولت الشعب نقل الانشغال وهذا الواقع المتزعزع الذي لا يخدم أبدا الطرفين، إلى ممثل صندوق التعاضد الفلاحي لبودواو ورئيس مجلس الإدارة وفي نفس الوقت رئيس المكتب الولائي لاتحاد الفلاحين الجزائريين حسان ملاوي الذي دافع عن حصيلة الصندوق ومجهوداته اليومية في التعريف بأهداف وإستراتيجية هذه المؤسسة وأهم التحفيزات التي وضعتها الدولة ومنها وزارة الفلاحية لتدارك التأخر وإعادة ربط علاقة الود بينهما على الأقل في الجانب المتعلق بالتغطية الاجتماعية عن طريق فتح الشباك الوحيد للصندوق الوطني للعمال غير الأجراء”كازنوس” عبر مختلف الفروع الولائية لتقريب العملية من الفلاحين، وقال في هذا الخصوص..نعاني فعلا من نقص ثقافة التأمين لدى الفلاحين والبعض الآخر ينظر إليها كنشاط ربوي رغم المجهودات المقدمة للتعريف بالصندوق والمزايا المختلفة المخصصة لهم، فمن أصل حوالي 30 ألف فلاح ناشط بالولاية لا تتجاوز نسبة التأمين عن النشاط 1 من المائة، وفي شعبة تربية أبقار الحليب ينشط ببومرداس أزيد من 2400 مربي لا يتجاوز عدد المؤمنين 12 منتجا رغم ضمانات الصندوق بتعويض قيمة البقرة كاملة في حالة الضرر مقابل 1 مليون سنتيم تأمين عن كل رأس.
وفي سؤال عن باقي الشعب الفلاحية الأخرى خاصة شعبة الكروم وإنتاج عنب المائدة التي تعتبر أكبر نشاط بالولاية، أكد ممثل صندوق التعاضد الفلاحي “أن الوضعية نفسها تسود باقي الشعب وخاصة تلك الأنشطة الهشة المعرضة لأخطار الحرائق، التقلبات الجوية كالفيضانات وموجات البرد، السيروكو مثل حقول الكروم التي تتجاوز 12 ألف هكتار، حيث تبقى في حاجة ماسة إلى تأمين لضمان التعويض اللازم عن الخسائر المحتملة..، كما قدم مثالا عن بعض الحالات المؤمنة التي استفادت وفي غضون 48 ساعة من دفع الملف على تعويض وصل 82 مليون سنتيم مقابل 24 ألف دينار قيمة تأمين مساحة من 2 هكتار.
إضافة إلى هذا عرض عضو مجلس الإدارة لصندوق التعاضد الفلاحي لبومرداس جملة من الإجراءات التشجيعية لفائدة الفلاحين منها دفع نسبة 20 ٪ فقط في بداية الموسم الفلاحي وإتمام باقي المستحقات إلى ما بعد جني المحصول، وتحفيزات أخرى في الشق المتعلق بالتغطية الاجتماعية للفلاحين وذوي الحقوق، من خلال مباشرة عملية فتح الشباك الوحيد لكازنوس بكل فروع الصندوق، مع تسهيل إجراءات استفادة باقي أعضاء الأسرة من حقوق التغطية الصحية والتعويض عن الأدوية، وكذا الانطلاق في تسليم بطاقة الشفاء للفلاحين التي وصلت حاليا تقريبا 50 بطاقة حسب قول ذات المسؤول.