طباعة هذه الصفحة

رغـم رفض البرلمان حكومــة الوفـاق الوطني

استمـــرار مساعـــي الحـل السياسـي في ليبيــا

حمزة محصول

تستمر مساعي الحل السياسي في ليبيا، رغم رفض البرلمان المصادقة على حكومة الوفاق الوطني. وتدرك أطراف الأزمة أنه لا بديل عن العملية السياسية لتجاوز المرحلة الصعبة التي تمر بها.
ويدعم المجتمع الدولي ودول الجوار على وجه الخصوص، الفرقاء الليبيين من أجل التوصل إلى تشكيلة حكومية تقود مرحلة انتقالية لمدة عامين، تكون خطوة أولى للانفراج.
بات المجلس الرئاسي الليبي المنبثق عن اتفاق الأمم المتحدة، ملزما بتقديم حكومة جديدة، بعد رفض برلمان طبرق المعترف به دوليا، أمس، التشكيلة المعلن عنها في 19 جانفي الجاري، برئاسة فايز مصطفى السراج. هذا الأخير كان في الجزائر، لبحث سبل تعزيز التسوية السياسية للأزمة، وبحث متطلبات المرحلة المقبلة.
وأضحى جليّا، أن الخطوة الأخيرة على طريق الحل السياسي والمتمثلة في حكومة الوفاق الوطني، تحتاج إلى مزيد من التنازلات من قبل الفرقاء الليبيين، خاصة وأن بلوغها سيعطي الشرعية المطلوبة للشروع في إعادة المؤسسات وبناء الأجهزة الأمنية ومحاربة الإرهاب الذي يمثل التهديد الأكبر للدولة.
ويبدو حاليا أن الفاعلين في الأزمة، لا يعطون لتحذيرات الأمم المتحدة أية أهمية، فلا تنامي الخطر الإرهابي يدفعهم نحو تقديم تنازلات، ولا الأزمة الاقتصادية ونفاد السيولة المالية من بنوك البلاد تخيفهم للإسراع في تبني تشكيلة حكومة وطنية.
فالانشغال بالمناصب والأشخاص، لا يجب أن ينسي هؤلاء الظروف الصعبة والمواجهات الدائرة في مختلف المناطق، خاصة وأن ليبيا لا تملك القدرة الكافية لمواجهة التحديات الحالية، واستمرار الوضع على ما هو عليه سيزيد من صعوبة المواجهة والتصدي مستقبلا.
الظاهر أن كل شيء متعلق بالهوة الشاسعة بين النشطاء السياسيين والعسكريين في هذه الدولة، حيث أفادت تقارير إعلامية صادرة، أمس، أن رفض مجلس النواب المعترف به دوليا للحكومة المشكلة من قبل فايز السراج، كان متوقعا بسبب معارضة عدد من أعضائه، لما جاء في الاتفاق حول شغور المسؤوليات العسكرية، فور تشكيل حكومة الوفاق الوطني، حيث يعتقد هؤلاء أن المستهدف من ذلك هو اللواء خليفة حفتر، في ظل عدم وجود ضمانات بإعادة تعيينه على رأس الجيش.
ولم يرجع البرلمان رفضه الحكومة إلى هذا السبب، حيث طالب بتشكيلة مصغرة لا تزيد عن 17 حقيبة وزارية، معتبرا أن 32 وزارة المقترحة من قبل فايز السراج كثيرة العدد.
وتشدد الجزائر في كل مرة، على أهمية الثبات على الحل السياسي للأزمة الليبية. وأكدت للفرقاء الليبيين في عديد المناسبات، استعدادها الكلي لمرافقتهم ومدهم بالمساعدة اللازمة، داعية إلى ضرورة رأب الصدع والخلافات بين جميع الأطراف.
هذه الخلافات حول الاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة وحول تركيبة الحكومة، يؤجل نجاح الحل السياسي للأزمة، لكنه لا ينفي ما تحقق لحد الآن، فهناك مكتسبات جيدة تم تحقيقها ينبغي الحفاظ عليها واتخاذها أرضية لمواصلة الجهود اللازمة، لبلوغ الهدف الرئيس المتمثل في حكومة الوفاق الوطني.
ولن يخدم تعنّت الأطراف الليبية البلاد في شيء، لأنه يجري وسط جرائم فظيعة يقوم بها التنظيم الإرهاب المسمى «داعش»، بحيث لم يسلم منه المواطنون ولا براميل النفط وهدفه السيطرة على أوسع مساحة جغرافية ممكنة.
في وقت ازداد الحديث عن تدخل أجنبي محتمل لوقف تمدد هذا التنظيم. وذكرت وسائل إعلامية وصول عشرات الجنود الأمريكيين إلى طبرق، دون تحديد طبيعة مهمتهم، ما إذا كانت لحماية حكومة الوفاق الوطني أو تنفيذ عمليات عسكرية في أهداف محددة.
وترى بعض الدول الغربية ضرورة تنفيذ ضربة عسكرية لتنظيم«داعش» الإرهابي، لكنها تريثت إلى غاية تشكيل حكومة الوفاق الوطني لضمان الغطاء السياسي للعملية، غير أن أعضاء الحكومة أكدوا رفضهم المطلق لتواجد قوات أجنبية على الأرض الليبية، مفضلين الاكتفاء بالدعم اللوجيستي.
كل المؤشرات توحي بضبابية الوضع في ليبيا واستمرار معاناة الشعب، ولن يكون الحل إلا في مصالحة بين جميع الأطراف الفاعلة والمؤثرة في المشهد.