أكد مختصون وباحثون في التاريخ والشريعة الإسلامية، أمس، أن مشروع مراجعة الدستور عزز الهوية الوطنية وأضاف تشريعات جديدة في كل المجالات، لاسيما دعم اللغة الأمازيغية وإعطاء مكانة للثقافة الإسلامية التي تمثل المرجعية الأساسية للشعب الجزائري، موضحين أن الدستور سيؤدي إلى استحداث قوانين عضوية هامة تجسد المقترحات المتضمنة.
في هذا الصدد، أفاد الباحث في التاريخ والحركة الوطنية جمال يحياوي، أن مشروع مراجعة التعديل الدستوري جدد مبدأ الشعب مصدر كل السلطات، داعيا إلى استحداث مجلس أعلى للذاكرة يضطلع بدراسة المسائل التاريخية الدقيقة، متأسفا على تبنّي أطراف نقاشا عقيما حول المسائل التاريخية والتقليل من شأنها رغم أهميتها في الجانب الاجتماعي.
وبحسب يحياوي، فإن تراجع النقاش حول مسائل جوهرية من مشروع مراجعة الدستور في الوقت الحالي وتركيزها على مواد أخرى، لا سيما المادة 51، راجع إلى أهميتها، مشيرا أثناء تنشيطه، رفقة خبراء، منتدى نظمته القناة الإذاعية الأولى بالمركز الثقافي عيسى مسعودي حول الهوية الوطنية في مشروع التعديل الدستوري، أن المادة 51 تتعلق بالمناصب السامية في الدولة وارتباطها بالطبقة السياسية التي وجهت النقاش مع وسائل الإعلام.
من جهته قال مدير الثقافة الإسلامية بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف بوزيد بومدين، إن مشروع مراجعة الدستور كرس حماية الهوية الوطنية، حيث تنص المادة 38 على الحفاظ على الجانب المادي واللاّمادي للتراث الثقافي، مبرزا ضرورة وجود مواثيق أخلاقية تضمن الحفاظ على مواد الدستور.
وأضاف بومدين، أنه لا يوجد هناك نقاش حقيقي ومؤطر لمشروع مراجعة الدستور في المجال العمومي، حيث يجب أن تولي النقاشات المتعلقة بمشروع تعديل الدستور الأهمية للمسائل العرقية والمذهبية، في إشارة منه إلى المادة التي تنص على حرية المعتقد وحرية تنظيم الشعائر لغير المسلمين.
وشدد على أنه من المفروض أن يتضمن مشروع مراجعة الدستور تجريم التكفير والازدراء وسبّ الدين وذلك لمنع أيّ فتنة قد تحدث مستقبلا حتى لا تكون الهوية متكأ لأيّ نزاع سياسي ولإغلاق منافذ يمكن أن تحدث فرقة بأي شكل.
في هذا السياق، دعا بوزيد إلى الإفراج عن قانون الجمعيات الدينية الجديد وتضمينه تشريعات تضمن الممارسة الدينية لغير المسلمين، محذرا من تأثير المد الشيعي في المغرب العربي عبر تونس، التي تعرف تدهورا أمنيا خطيرا ويمس الهوية الدينية بالدرجة الأولى وهو التحدي الحقيقي الذي يجب مواجهته.
كما اعتبر مدير التعليم والبحث بالمحافظة السامية للأمازيغية الدكتور بوجمعة عزيري، أن دسترة اللغة الأمازيغية وإنشاء أكاديمية لتجسيد هذه اللغة، سيساهم في إغلاق كل المنافذ التي تدعو للفرقة، مؤكدا أن تعزيز اللغة الأمازيغية جاء ليدعم اللحمة والوحدة الوطنية بين الجزائريين وهو مكسب لا غنى عنه في مشروع التعديل الدستوري.
عن الآليات المبرمجة لدعم اللغة الأمازيغية، أشار عزيري إلى تعميم تدريسها عبر المدارس ودعم الأكاديمية بالكفاءات العلمية العالية التي سيشترط فيها درجة الماجستير، فضلا عن ترجمة الكتب إلى لغات أخرى تساهم في نشر اللغة والثقافة الأمازيغية عبر جهات الوطن والاعتماد على الكل، موضحا أن ترسيمها والعمل على ترقيتها يعمل على تعزيز الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي في الجزائر، مبرزا أن اللغة تعكس ثقافة الإنسان المادية واللامادية.