تمثل المادة 21 المتضمنة في مسودة الدستور، إحدى الدعامات القانونية التي ترمي لأخلقة الحياة السياسية والعامة، وتقف حصنا منيعا أمام من يغرّه علو المنصب والوظيفة أو تستهويه العهدة النيابة أو الحصانة البرلمانية، وبقية المزايا التي يتمتع بها، ما قد يجعله يلجأ إلى التسلّط في استعمال النفوذ، وقد جاءت فارضة الإجابة على السؤال من أين لك هذا؟
تمنع هذه المادة استغلال المناصب السامية في الدولة والهيئات، وكذا العهد في المجالس المنتخبة للثراء. وقد اعتبر أساتذة القانون الدستوري، أنها جاءت لأخلقة الحياة العامة والحياة السياسية، حيث تم إضافة مصطلح «العهد» الانتخابية والنيابية، بدءاً من العهد البرلمانية في الغرفتين إلى المجالس الولائية والبلدية، بعدما كانت تنص على الوظائف الحكومية فقط، التي يتم فيها التعيين، سواء في الدولة أو في المؤسسات الوطنية العمومية.
توجب المادة 21 من تعديل الدستور على أي شخص يعين في منصب سامٍ في الدولة، أو ينتخب في مجلس محلي أو وطني أو في أي هيئة وطنية، التصريح بممتلكاته في بداية وظيفته، أو في عهدته ونهايتها. ويرون أن من إيجابياتها أنها تحمي المنتخب بصفة عامة مما يمكن أن يتعرّض له من تساؤلات حول ممتلكاته، كما تقيه من «الملاحقات» بعد مغادرته المنصب أو انتهاء عهدته.
والتصريح بالذمة المالية، من شأنها تعزيز الثقة بين المواطن والسلطة وتفعيل مكافحة الفساد واستغلال المناصب ضمانا للشفافية والنزاهة.
وبموجب هذه المادة، لا يمكن أن تكون الوظائف في مؤسسات الدولة مصدرا للثراء، ولا وسيلة لخدمة المصالح الخاصة.
وامتدادا لهذا المبدإ الذي كرسه الدستور، آلية الرقابة للتأكد من صحة التصريح بالممتلكات في أول العهدة حسب الآلية التي يحددها القانون العضوي وكذلك عند انتهاء العهدة أو الوظيفة، والتي يعتبرونها وسيلة للرقابة الشعبية على مستوى الرأي العام، وكذا على مستوى الرقابة المتخصصة فيما يتعلق بمصدر أملاك الأشخاص الذين تقلدوا المناصب السياسية والإدارية.
كما يعاقب الشخص المتقلد للوظيفة أو لديه عهدة في حال تعسّفه في استغلال المنصب، أو جعلها وسيلة للتسلط واستعمالها فيما لا يسمح به القانون، كما تساهم في محاربة الفساد، الذي تفتح شهيته لدى البعض، مثل هذه المناصب العليا السامية والعهد في المجالس المنتخبة.
هناك مادة أخرى تعزز مكافحة الفساد باستغلال الوظيفة والعهدة، يتعلق الأمر بالمادة 173- 5 التي تنص على تأسيس هيئة وطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، وهي سلطة إدارية مستقلة توضع لدى رئيس الجمهورية، تتمتع الهيئة بالاستقلالية الإدارية والمالية، وتتولى على الخصوص مهمّة اقتراح سياسة شاملة للوقاية من الفساد، تكرس مبادئ دولة الحق والقانون وتعكس النزاهة والشفافية والمسؤولية في تسيير الممتلكات والأموال العمومية، والمساهمة في تطبيقها، بحسب ما جاء في المادة 173- 6 من مسودة الوثيقة.