أعادت الأمطار المعتبرة المتهاطلة طيلة الـ24 ساعة بولايتي بومرداس وتيزي وزو الأمل والتفاؤل للفلاحين بإنقاذ موسم فلاحي من شبح الجفاف الذي بدأ يسيطر على هواجس هذه الشريحة المرتبطة بالأرض، خاصة في شعبة إنتاج الحبوب التي لا يمكن أن تستغني عن أمطار شهري ديسمبر وجانفي وبدرجة أقل بالنسبة للأشجار المثمرة والكروم، وكذا صعوبة التعامل والتكيف مع هذه الوضعية التي لم تشهدها المنطقة منذ عقود وأهم الاحتياطات الواجب اتخاذها لحماية المحصول.
حملت نشرية الأحوال الجوية لنهاية الأسبوع مؤشرات إيجابية بسقوط أمطار معتبرة على الولايات الوسطى والشرقية ومنها ولايتي تيزي وبومرداس، بالإضافة إلى ثلوج بالمرتفعات الوسطى التي يزيد علوها عن 600 م، وهي كمية ستساعد بحسب بعض الفلاحين على إنعاش المحاصيل الزراعية وتغذية السدود والحواجز المائية الكثيرة التي لجأ إليها الفلاحون في السنوات الأخيرة لسقي المحاصيل ومنها مساحات الكروم بالمنطقة الشرقية من بومرداس وبالأخص في المناطق المرتفعة.
كما أدت الظروف المناخية الصعبة التي عرفتها المنطقة في الفترة الأخيرة إلى تسجيل تخوفات لدى الفلاحين من تدني منسوب الأودية خاصة وادي سيباو الذي يعتبر شريان حياة للمساحات الزراعية انطلاقا من بلدية تادميات حتى مصبه النهائي بمنطقة تاقدامت، حيث تنتشر عشرات الآبار المخصصة للسقي الفلاحي سواء بطريقة الرش العادي أو بالتقطير، وهي تقنية حديثة لترشيد الاستعمال وتركيز عملية السقي، ونتيجة لقلة الأمطار في السنوات الأخيرة لجأ المزارعون بالمناطق الجبلية إلى نقل المياه على مسافة تتعدى أحيانا 20 كلم بواسطة الصهاريج لسقي مساحات الكروم وكلها عوامل زادت من نسبة استغلال هذه المادة الحيوية، لكنها بالمقابل بدأت تشكل خطرا ايكولوجيا حسب الخبراء بسبب تمدد مياه البحر المالحة على مسافة تعدت 5 كلم داخل مصب وادي سيباو، وخطرا أيضا على المحاصيل الفلاحية التي قد تتضرر من نسبة الملوحة المرتفعة في مياه السقي.
هذه الوضعية الصعبة والتخوفات لم تقتصر فقط على المزارعين، بل طالت أيضا مربو الماشية وأبقار الحليب، الذين دقوا ناقوس الخطر من مشكل نقص الأعلاف والتبن بالخصوص جراء قلة الأمطار بالولايات الغربية من الوطن التي تعتبر الممون الرئيسي للمنطقة من هذه المادة، مع تسجيل ارتفاع في الأسعار في السوق الأسبوعي لبلدية بغلية وفق مصادر تحدثت للشعب، وكلها انشغالات وهواجس كانت حاضرة بقوة من طرف هذه الشريحة خلال زيارة وزير الفلاحة للمنطقة، لكن بعودة الغيث وسقوط الأمطار ستعود الكثير من الأمور إلى مجراها الطبيعي في القطاع الفلاحي.