طباعة هذه الصفحة

بناء إستراتجية للتصدير

فضيلة بودريش
16 جانفي 2016

يتجه التصدير نحو مرحلة جديدة من الانفتاح والتطلع للتدفق في الأسواق الخارجية، مواجها سلسلة من التحديات المصيرية حتى يبلغ السقف الذي يسمح بالتحرر من إيرادات ثروة النفط، التي تشهد أسوأ مراحلها بفعل التراجع الرهيب الذي تعرفه أسعار البرميل منذ بداية انهيارها المفاجئ في الأسواق الدولية، وبالموازاة مع ذلك افتك المصدرون مؤخرا مكاسب جديدة ينتظر أن تذلل من العراقيل الإدارية التي تنفر من الإقبال والتوجه نحو الأسواق الخارجية بالنسبة للعديد من المنتجين والمتعاملين الاقتصاديين الذين تتوفر فيهم شروط التنافسية. لكن ليست الخلية التي يرتقب أن تنصب في القريب العاجل لإثارة وحل المشاكل التي تواجه المصدر من خلال اجتماعها الأسبوعي المقرر، من سيرفع الصادرات خارج المحروقات، لأن مفتاح التصدير والتغلب على الظرف الاقتصادي الحالي الصعب، يكمن في التجند بقوة في البداية لتسليط الضوء على المواد والمنتجات القابلة للتصدير، وتسهيل مسار تدفقها نحو الخارج، ثم السهر في الرفع من تنافسية النسيج الإنتاجي، ولكن للأسف مازال يفتقد لخارطة تحدد قدرات التصدير وتشجع على ذلك، على اعتبار أنه قبل إقرار رخص التصدير والاستيراد الجديدة التي دخلت حيز السريان منتصف شهر جانفي الجاري، كانت عملية الاستيراد أسهل بكثير من القيام بالتصدير، رغم ما يحمله التصدير من استنزاف للعملة الصعبة وانعكاساته السلبية التي تضر بالمنتوج الوطني وتتسبب في كساده وينجر عن ذلك إفلاس المؤسسة، والجدير بالإشارة فإن جميع القرارات المتخذة مؤخرا تؤكد القطيعة مع ظواهر وسلوكيات أهملت كثيرا ثروة التصدير وهمشت الإمكانيات الكبيرة التي تتمتع بها العديد من القطاعات لا سيما الفلاحة التي تتسم بالجودة والتميز، إلى جانب الوجهات السياحية التي مازالت تفتقر لزبائنها، ولعل ترشيح العودة القوية التي يتأهب إليها القطاع الصناعي سواء فيما تعلق بالمجال الميكانيكي أو الالكتروني وكذا مختلف الصناعات التحويلية مؤشر قوي على القدرة في تجاوز الظرف الاقتصادي الحالي الصعب، ويمكن تحضير أرضية إطلاقه وانطلاقه فيما بعد نحو الأسواق القريبة المغاربية والعربية والإفريقية، حتى وإن كان من خلال إنشاء مناطق تبادل حر مع دول الجوار، ولا يخفى أن ثروة الذهب الأسود لا يمكن من اليوم فصاعدا وكذا مستقبلا الاستمرار في الاعتماد عليها كمورد أساسي، بل الثروة الحقيقية تتوفر عليها السواعد والعقول وتتولد من النشاط الجدي والنوعي للآلة الإنتاجية التي يجب أن تسير في منحى تصاعدي من النمو. ومن أجل استكمال التحضيرات التي شرع فيها والتي تشمل رخص الاستيراد والتصدير الجديدة وإيلاء الاهتمام بالمصدرين وتحديد قائمة بالمنتجات التي يسمح باستيرادها، يجب استحداث مقابل كل ذلك إستراتجية للتصدير، على الأقل ترصد فيها الإمكانيات المتوفرة والمواد والمنتجات القابلة للتصدير، ومن ثم إطلاق تحفيزات وإجراءات تشجع كل من يملك القدرات والطاقات نحو اقتحام الأسواق الخارجية والترويج إلى ذلك حتى يتحقق التجنيد ولا تهدر الثروات المتاحة وتزال جميع المخاوف التي كانت تخيم على هذا المجال، وعلى اعتبار أن كل معركة تنموية يجب أن تملك قنوات لطرح منتوجها بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي وتغطية السوق المحلية باتجاه الأسواق الخارجية، إذا بناء إستراتجية للتصدير بات جد ضروري لاستدراك أزمة أسواق النفط التي تعصف باقتصاديات العديد من الدول، ومما يجب أخذه بعين الاعتبار إحاطة رخص الاستيراد والتصدير بالشفافية خاصة بالنسبة للجهة المسيرة لهذه الرخص، تجنبا لأي  تجاوزات بيروقراطية وحتى تحقق هذه الرخص الغاية المرجوة منها.