الجالية فُرض عليها إزدواجية الجنسية لضمان الحقوق
اختلفت مواقف نواب المجلس الشعبي الوطني حول المادة 51 من مقترح تعديل الدستور بين مؤيد ومعارض، في حين أيدوا وبقوة المادة 100 مكرر 2، التي تمنع التجوال السياسي، ليبقى الجدل قائما رغم التطمينات التي قدمها رئيس الجمهورية حول شروط تقلد المناصب السامية في الدولة، التي سيكفلها القانون وفقا للدستور.
الجدل القائم حول المادة 51 من مقترح التعديل الدستوري، أثار تباين في مواقف النواب والطبقة السياسية رغم التطمينات التي قدمها رئيس الدولة حول المقترح، على أن القانون وحده يحدد الشروط. وتنص المادة أنه يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أي شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون مستقبلا.
وتضيف المادة شرطا آخر، وهو التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها لتولي المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية، وفي هذا الصدد قال النائب البرلماني عن الجالية الجزائرية سمير شعابنة في تصريح لـ»الشعب»، أنه من الضروري اشتراط الجنسية الجزائرية في المناصب العليا للدولة على غرار رئاسة الجمهورية ومنصب الوزير الأول أو أعضاء الحكومة، قائلا أنه من غير المعقول وبدون نقاش أن يكون رئيس الجمهورية أو منصبا ساميا يحمل صاحبه جنسية غير الجزائرية أو جنسيات متعددة وهذا ما هو متفق عليه في كل البلدان، مشيرا إلى أن التطمينات التي قدمها الرئيس في المجلس الوزاري المصغر حول تعديل المقترح لقيت ترحيبا من طرف الجالية الجزائرية.
وقدم النائب شعابنة من جهة أخرى موقفا مغايرا بخصوص مناصب سامية أخرى، موضحا أن الجالية الجزائرية لها إطارات وكفاءات عالية في كبرى الجامعات والمستشفيات، ومن حقهم المشاركة في تسيير شؤون بلدهم نظير ما قدمته لهم الدولة الجزائرية من منح لمواصلة دراستهم وفي آخر المطاف تفرض عليه الجنسية الجزائرية، فهذا غير معقول.
وأوضح النائب شعابنة أن المواطن في الخارج من حقه التجنس بجنسية البلد المقيم فيه لضمان حقوقه وحرياته وهذا أمر ضروري، وذكر في هذا السياق أنه يوجد 30 ألف طبيب جزائري في فرنسا وحدها يعملون في مختلف المستشفيات، متسائلا لو لم تكن لهم الجنسية الفرنسية كيف سيؤمنون حياتهم وحياة أبنائهم، موضحا أن حملة يقوم بها لتحسيس الجالية على طلب جنسية البلدان التي يقيمون بها لتكوين لوبي يكون ورقة ضغط في المستقبل.
ويرى نواب آخرون أن المادة 51 يجب أن تشمل كل المناصب العليا التي لها علاقة مباشرة بالقرار خاصة السلطة التشريعية، حيث ترى النائب عن جبهة التحرير الوطني وعضو اللجنة القانونية بالغرفة الثانية للبرلمان سميرة كركوش، ضرورة التمتع بالجنسية الجزائرية دون غيرها لتولي منصب سام ومنها رئيس الدولة، الهيئة التنفيذية أو منصب عال في غرفتي البرلمان أو ولاة الجمهورية وكل الهيئات الرسمية.
وبررت النائب موقفها المشترط لإقامة المسؤول السامي ببلده، حتى يتمكن من معرفة مشاكل المواطنين وثقافتهم والتصرف في أخذ القرارات انطلاقا من دراية تامة لما هو واقع.
وتستثنى المناصب العلمية والمتعلقة بالبحث العلمي والجامعات وكذا منصب نائب في البرلمان ولا تشترط الجنسية فيهم حسب النائب كركوش، موضحة أنها لم تجد أي باحث جزائري أو جامعي يسعى لمنصب وزير حسب علاقاتها الشخصية بالكثير منهم، كونهم يسعون إلى دعم البحث العلمي وتكوين الأجيال.
تثمين مقترح منع التجوال السياسي
من جهتها، قالت النائب عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي نجاة لعمامرة، عضو لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية بالغرفة الثانية، أنه من غير المقبول أن تسند مهام المناصب العليا في الدولة لمتعددي الجنسية، متسائلة كيف لشخص لا يعيش في الجزائر ولا يعرف الواقع المعيش أن يتولى منصبا كبيرا في الدولة.
وبخصوص المادة 100 مكرر 2 التي تنص على منع التجوال السياسي، ثمنت النائب القرار واعتبرته خطوة لسد باب التلاعبات التي يمارسها بعض النواب خلال عهدهم على حساب أصوات من انتخبوهم.
وتنص المادة 100 مكرر 2: يجرد المنتخب في المجلس الشعبي الوطني أو في مجلس الأمة، المنتمي إلى حزب سياسي، الذي يغير طوعا الانتماء الذي انتخب على أساسه، من عهدته الانتخابية بقوة القانون.
وتضيف المادة: يعلن المجلس الدستوري شغور المقعد بعد إخطاره من رئيس الغرفة المعنية ويحدد القانون كيفيات استخلاف، ويحتفظ النائب الذي استقال من حزبه أو أُبعد منه بعهدته بصفة نائب غير مُنتم.
وفي هذا الصدد، أشارت لعمامرة أن المنتخبين يختارون ذلك المرشح على حسب انتمائه لكن فيما بعد ينتقل إلى حزب آخر، وهذا يعتبر خيانة لأصوات المواطنين، وأشادت النائب بهذا القرار الذي يحد من الفوضى التي قد يشهدها البرلمان بفعل هذا السلوك، قائلة أن المادة تضع حدا لكل هذه الممارسات داعية إلى تعميم هذا الإجراء على كل المجالس المنتخبة.
ويشير النواب أنه من حق النائب إذا خرج الحزب المنتمي إليه عن مبادئه الاستقالة منه، في حين يمكنه الاستمرار في عهدته كنائب حر إلى غاية انتهائها وهو ما نصت عليه المادة 100 مكرر 2 في مشروع التعديل الدستوري، وكانت واضحة في شرحها.
بدورها، أشادت النائب عن جبهة التحرير الوطني نبيلة بن بولعيد، بقرار منع التجوال السياسي، موضحة أن النائب ينبغي أن يكون وفيا لحزبه، انتقاله إلى حزب آخر يفتح باب المصالح الشخصية، مشيرة إلى المشكل الذي عانى منه حزب جبهة التحرير الوطني و«الأرندي» من هذا السلوك، مؤكدة أن القرار يأتي لوضع حد لهذا السلوك.
وفي هذا السياق، اعتبرت النائب بالمجلس الشعبي الوطني وعضو لجنة المالية حاج قدور مسعودة، تنقل النائب إلى حزب آخر، هو وصمة عار في جبينه واصفة الأمر بغير المقبول إطلاقا في العمل السياسي، مشيرة إذا كان يعتقد النائب عدم توافق مبادئ حزبه معه فعليه بالترشح في قائمة حرة حتى لا يمس سمعته ولا سمعة منتخبيه.
واعتبرت النائب حاج قدور تمسك النائب بحزبه رغم الاختلاف معه نضالا من أجل المبادئ ولابد على المنتخب خوض معركة مع حزبه لتحقيق مسعى الترشح الذي أتى لأجله، قائلة من غير المقبول أن يتذرع النواب المتجولون بهذا العذر، مثمنة المادة التي ستقضي على هذا السلوك.