يكتسي الاحتفال برأس السنة الامازيغية 2966، هذا العام، طابعا خاصا بولاية سطيف التي تشكل المنطقة الشمالية الغربية للولاية رمزا لها، حيث تقطنها أغلبية تنطق باللغة الامازيغية من مناطق القبائل الصغرى، وهكذا يكون الاحتفال بعيد يناير بالولاية ككل، والمنطقة المذكورة بالتحديد، هذا العام، يكتسي طابعا رسميا، إذ تنظم مديرية الثقافة لولاية سطيف، بالتنسيق مع دار الثقافة هواري بومدين، بعاصمة الولاية، احتفالات رأس السنة الامازيغية 2966 ، ببرنامج ثري على مدار 4 أيام كاملة من 9 الى 12 جانفي الجاري، وبمساهمة المحافظة السامية للغة الامازيغية.
و يتضمن البرنامج المسطر معرضا انثوغرافيا لمنطقة شمال سطيف، ومعرضا للباس التقليدي المتمثل في الجبة القبائلية والقندورة الشاوية، ومعرضا للحلي والفضة والفخار، وكذا معرضا للوحات الفنية التشكيلية، ومعرضا للكتاب الامازيغي.
أما في اليوم الثاني، فيكون الجمهور على موعد مع عرض فيلم سينمائي، بعنوان جبل باية، على الساعة الرابعة مساء، وتضمن برنامج اليوم الثالث للاحتفالية الأولى من نوعها بهذا الحجم، استقبال وفد المحافظة السامية للغة الامازيغية، واستعراضات فلكلورية مع فرقة البارود، وفرقة القيطان، من مدينة عين ازال،ومحاضرة حول الثقافة الامازيغية، بعنوان: الرموز الامازيغية أبعاد ودلالات، على الساعة الثالثة مساء، وعرضا مسرحيا باللغة الامازيغية بعنوان: اقزول، لجمعية اسيرم نواوراس بباتنة، أما اليوم الأخير للتظاهرة، والذي يصادف يوم دخول السنة الامازيغية الجديدة، فقد برمجت فيه أمسية شعرية “اسفرا”، وحفلا فنيا موسيقيا، مع نخبة من الفنانين وهم مقران اوفلا وسيرتا ورحيم حمانة وصفية تيغزر.
احتفال شعبي مميز بسطيف
لا ينسى سكان ولاية سطيف ان هذا الاحتفال بيناير يرمز في دلالاته الى بطولات قائدهم الامازيغي شوشناق والذي وصل سنة 950 قبل الميلاد، إلى هرم السلطة في مصر الفرعونية واتخذ ذلك بداية للتقويم الأمازيغي . وشوشناق الأول هذا، هو سابع خليفة لقائد عسكري استغل ضعف السلطة الفرعونية فبسط نفوذه في مصر الوسطى، وقد غزا الدلتا وقسّم الأرض بين «الأمازيغ» وأسس الأسرة الثانية والعشرين وامتد حكم «الأمازيغ» كفراعنة في مصر إلى كل من الأسرة الثالثة والعشرين والأسرة الرابعة والعشرين، ودام طيلة الفترة الممتدة من سنة 950 أو 945 قبل الميلاد إلى سنة 715 قبل الميلاد.
وكان الفراعنة ينظمون هجمات متكررة على بلاد الأمازيغ، للاستيلاء على أرضهم، وخيراتهم، ونهب ثرواتهم، وهي تعد أول حرب في تاريخ الإنسانية يخوضها شعب لتحرير أرضه وحدثا تاريخيا هاما في التاريخ الأمازيغي القديم بصعوده الى عرش الحكم الفرعوني، وتأسيسه للأسرة الفرعونية الثانية والعشرين، فكان ذلك التاريخ بداية الحساب أو التأريخ الامازيغي.
ويحتفل السكان عاما بعد عام، وبزخم متصاعد، خاصة في السنوات الأخيرة، حيث تحضر العائلات أطباقا تقليدية خاصة بالمنطقة، ومن صميم عادات وتقاليد مناطق القبائل والشاوية، في أجواء حماسية وحميمية تشبه إحياء المناسبات الدينية، ومن أشهر المأكولات التي تحضر للمناسبة الكسكسي باللحم أو الدجاج، والمسمى «سكسو»، و»العصبان» وهو يشبه الكسكسي في مكوناته العامة، وطبق الفرمسة المأخوذ من الاصالة السطايفية، وكذا بعض الحلويات التقليدية على غرار الخفاف والبغرير، كما تدعو بعض العائلات أقاربها للاحتفال معها، في سهرة ليلة يناير يكون فيها للشاي والمكسرات والحلويات مكانة كبيرة.
وتنتشر الاحتفالات خاصة بمناطق بني ورتيلان وبوعنداس وقنزات، وكل البلديات التابعة لها والمجاورة لها كذلك، وكما أكد لنا أحد مواطني المنطقة الشمالية الغربية للولاية، في حديثنا معه حول المناسبة، ان الاحتفالات هذا العام تكتسي طابعا جيدا، بعد اعتماد اللغة الامازيغية لغة وطنية رسمية، في مشروع الدستور الجديد الذي سيعرض للتصويت عليه قريبا، كما أكد لنا أن الاحتفال بالمناسبة أصبح ثابتا من ثوابت سكان المنطقة، للحفاظ على أصالتهم وتاريخهم العريق، ومجدهم التليد وانتمائهم للامازيغية التي تعد من الهوية الوطنية الجزائرية بنص الدستور، وحول سؤال عما إذا كانت هناك أغانٍ مخصصة للمناسبة، صرّح لنا ان بعض الفنانين المتخصصين في الأغنية القبائلية بدؤوا ينتجون أغاٍن خاصة بالمناسبة، وان كانت العائلات لا تحتفل بأداء الأغاني لهذه الاحتفالية، تاركة ذلك للحفلات التي تقام للجمهور في المسارح وقاعات الاحتفال بالمناسبة التاريخية الرمز التي يعتز بها السكان كل الاعتزاز.