طباعة هذه الصفحة

التذبذب الذي مسّ الشخصية الجزائرية هو بفعل فاعل

د.بن مكي: الهوية شأن داخلي ومصدر لثقة الأمة في نفسهــا

أسامة إفراح

اعتبر الدكتور عيسى بن مكي، أن الهوية لا تدستر، أو يُنصّ عليها في القانون الأساسي للدولة، بل بالعكس هي التي تفرض دستورا معينا وتحدد معالم ومجالات القانون الأساسي للبلاد.. إذن فهذه التعديلات ما هي إلا نتيجة للهوية الوطنية وليس العكس.
وأضاف الباحث في الأنتروبولوجيا: “يجب أن نكون حذرين من منبع بعض المبادرات والمحاولات لإعادة بعث مرجعية هوياتية، اصطلح على تسميتها بالأمازيغية، وإن كان ذلك بإيحاء أجنبي أم داخلي”. ويشرح بن مكي فكرته بالقول، إن أول من طرح هذا الموضوع بقوة كان الأكاديمية البربرية في باريس سنة 1968، هذه الأخيرة اقترحت خلق “عصر بربري” على شاكلة العصر الروماني والإغريقي.
 كما عاد المتحدث إلى الاحتفال بمئوية فرنسا في الجزائر، حينما صرحت الإدارة الاستعمارية بنقاط ثلاثة: أولاها أن الإسلام انتهى في هذه البلاد، وأن شمال إفريقيا سيرجع إلى مسيحيته، وثانيها هي أن اللغة العربية لغة مستعمر دخيلة، والثالثة هي أن شمال إفريقيا جزء لا يتجزأ من فرنسا. وجاء ردّ عبد الحميد بن باديس الصنهاجي الأمازيغي على فرنسا واضحا في هذا الصدد.
«يجب أن تكون الدراسات حول الأمازيغية والهوية الوطنية نابعة من عقول جزائرية، والمؤسسة التي سينشئها الدستور، وهو المجلس الأعلى للغة الأمازيغية، يجب أن تعمل على أساس علمي”، يقول بن مكي، معتبرا بأن التذبذب الذي مسّ “الشخصية الجزائرية” هو بفعل فاعل، إذ لم يحدث وأن عرفت البلاد مشاكل متعلقة بالهوية قبل احتفال المئوية 1930، وصارت أكثر تكررا بعد الاستقلال.
«على الجامعة أن تنعتق من تأثيرات الأكاديمية البربرية وغيرها من الأصوات الخارجية، فهم لهم دوافع استراتيجية، بينما نحن دوافعنا ذاتية.. يجب أن نبني هويتنا بإعادة صياغة وكتابة تاريخنا بشكل صحيح، مع تجنب الغلوّ والمغالاة والعاطفة حين التطرق إلى المسألة الهوياتية”، يقول بن مكي.
من جهة أخرى، استنتج ضيف “الشعب” من الحقائق التاريخية المتوفرة، بأن ذكاء البربر تجسد في أنهم تملكوا واستولوا على ما يروق لهم من الحضارة الرومانية والحضارات الأخرى التي مرّت بالجزائر، ولكنهم استرجعوا وحافظوا على هويتهم بالاحتفال بيناير على طريقتهم، وبقوا محافظين على هذه الهوية إلى الآن.
وخلص د.عيسى بن مكي إلى نقاط يجب احترامها: “أولا يجب أن تعود الأمور إلى نصابها وتسمى الأشياء بمسمياتها، ثانيا إذا أردنا فعلا تصوّر عهد بربري يتعين علينا أن نجد اختيارا جيدا وسليما ومنطقيا لتاريخ بداية هذا العهد، ثالثا عند اللجوء إلى المصادر الأجنبية يجب احترام 3 قواعد: التأصيل، التحوير، التجذير، رابعا هذه الخطوة (دسترة الهوية الأمازيغية) تعطينا ثقة في أنفسنا بأننا لم نخرج من عدم، وأستشهد هنا بمقولة نعوم تشومسكي: إذا أردت أن تحطّم أمة أقنعها بأنها هي سبب انحطاطها وأنه لا خير يرجى منها”.