طباعة هذه الصفحة

إجراءات أمنية وعقابية ضد المقاتلين الأجانب

نور الدين لعراجي
30 ديسمبر 2015

نظرا للظروف الدولية والإقليمية التي تشهدها منطقة الساحل والمنطقة العربية، من تزايد وتنامي المد الإرهابي، الذي أصبح وسيلة بين أيدي الكثير من تجار المخدرات وعناصر الجريمة المنظمة واستغلال عناصرها في تجنيد الشباب، وقصد توقيف هذا المد الإرهابي ووضع حد لهذه التداعيات الخطيرة التي تهدد المنطقة، ووضع حد للفوضى واللااستقرار، صادق مجلس الوزراء الأخير على بعض الإجراءات القانونية بهدف التوصل وتحديد هويات عناصر التنظيمات الإرهابية مهما كان تواجدها، وهو الإجراء الذي يتطلب تحديد من هي السلطات المؤهلة بأمر الإجراء، لحظة اللجوء إلى هذه الوسيلة الاثباتية، وهي خطوة سوف تعزز المنظومة الأمنية في تحديد هويات الأشخاص محل الشبهة أو أولئك الذين يعبرون المجال الجوي إلى وجهات أخرى في إطار التعاون مع الأجهزة الأمنية الدولية، وهو تعزيز للقرارات التي سهرت الجزائر على المطالبة بها، وهي من بين التوصيات التي جاء بها الملتقى الأخير الذي احتضنه فندق الأوراسي حول «الأفريبوم».
المشروع الذي حمل ظاهرة تعاني منها دول «الربيع العربي»، عانت منها الجزائر في عز أزمتها الأمنية، ومازالت بعض العناصر الطفيلية تمارس تسللها خارج الوقت الضائع، سرعان ما تكشف مصالح الأمن المشتركة وفي مقدمتها الجيش الوطني الشعبي، مآرب هذه الفقاعات في عمليات ملاحقتها والقضاء عليها والحد من تداعياتها الإرهابية، بدون هوادة، وما النتائج التي حققتها إلا دليل على القدرة التي اكتسبتها قواتنا الأمنية في التصدي لهذه العدوى العابرة للقارات.
وبالرغم من التضييق الذي تمارسه عليها المصالح الأمنية إلا أن بعض المقاتلين الأجانب يلجأون إلى العالم الافتراضي لممارسة خططهم وتجنيد العناصر المغرر بها، مما يخلق شبكات التجنيد الافتراضية، التي يستوجب التصدي لها بكل الوسائل المتاحة، حيث عرفت التفجيرات الأخيرة في تونس، فرنسا ومالي، وما يشهده المسرح الأمني في سوريا والعراق وليبيا وغيرها من المناطق الأخرى، ما تمثله الإيديولوجيات الجهادية عن طريق التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال.
  إن دق ناقوس الخطر يستوجب ترسانة من القوانين الرقابية والردعية، لمنع ومعاقبة ما من شأنه المساس بالأمن القومي للبلد وتسليط أقسى العقوبات في شأنه، وهو أمر يتطلب الحيطة والحذر، خاصة في ظل ما يعرفه العالم الافتراضي من تواصل دائم ومستمر لكل الفئات العمرية، الذي قد يخلق تساؤلات رقابية في هذا الصدد، بدءً من الأسرة والمدرسة والمحيط.
تجريم ومعاقبة كل التنقلات المشبوهة للأجانب المقيمين في الجزائر إلى دولة أخرى بهدف التحريض على التدرب أو تنفيذ أعمال إرهابية، ويدخل التمويل وتنظيم التنقل لنفس الأسباب التي تم ذكرها، هو تعد سافر بالبلد، كما أن التجنيد لحساب الجمعيات أو الجماعات أو التنظيمات الإرهابية ودعم أعمالها ونشر إيديولوجيتها باستعمال نفس الوسائل، يجرم صاحبها ويستلزم تسليط العقوبة التي يحددها المشرع.
في الشق الأخير يحدد النص شروط وآجال تسجيل هذه المعطيات بالقاعدة المركزية للبصمات الوراثية، وحق الفرد في طلب إزالة بصمته وسلطة الجهة القضائية المؤهلة بأمر تدمير العينات التي لم يعد حفظها ضروريا.
إن تعزيز القاعدة المركزية للبصمات الوراثية وحفظها، تعتبر خطوة هامة في مسار إصلاح العدالة، وسوف تمنح للقاضي صلاحيات أكبر باعتباره المخول  والمنظم بلا منازع للعلاقات بين كل الأطراف المعنية في وطننا، الذي بات يتميز بالتعددية السياسية وتنوع الاقتصاد وتنافسيته.