شهدت سنة 2015 رحيل العديد من الشخصيات والرموز التاريخية التي تركت بصماتها طيلة الحقبة الاستعمارية، منهم أصدقاء الثورة الجزائرية من الأوروبيين أمثال المخرج السينمائي روني فوتي والمناضلة كلودين شولي وزوجها بيار شولي، وغيرهم، كما فقدت الأسرة الثورية مجاهدين كبار مثل إبراهيم شيبوط الذي رحل في صمت، جميلة بوعزة، جلول ملايكية وعلى رأسهم المجاهد الكبير وآخر قادة الثورة التاريخيّين حسين آيت أحمد بعد مسيرة نضالية كبيرة.
فقدت الأسرة الثورية في صائفة 2015 شخصيات تاريخية ثورية عرفت ببطولاتها إبان حرب التحرير الوطني، منهم المجاهد الراحل سعيد بن أحمد، المجاهد أمعمر بوساق المدعو عبد العزيز، المجاهدة الكبيرة جميلة بوعزة
وبلحسن بوحجر، الفقيد المجاهد إبراهيم شيبوط، محمد ميسوري، جلول ملايكية، يوسف حداد، وأصدقاء الثورة آخرهم زعيم الثورة حسين آيت أحمد الذي ضحّى بشبابه من أجل استقلال الجزائر. وبالمقابل همّش وبقي مجهولا لدى جيل اليوم، الذين لا يعرفون شيئا عن هذه الشخصية التاريخية البارزة.
وموازاة مع ذلك، تميّزت سنة 2015 بنشاط مكثف للمتحف الوطني للمجاهد، الذي قام بمجهودات جبّارة في مجال تسجيل شهادات المجاهدين الذين ما يزالون على قيد الحياة، وتوثيقها في أقراص مضغوطة لتكون مادة خام للمؤرّخين والباحثين والطّلبة المهتمين بمجال التاريخ، من خلال جمع 13 ألف ساعة من شهادات المجاهدين مع إنجاز كتب خاصة بسير أبطال الثورة بأسلوب يستوعبه التلاميذ، حيث طبعت 100 ألف نسخة لـ 43 شهيدا وتمّ توثيق سيرة 100 شهيد، مع تنظيم ندوات تاريخية نشّطها أساتذة جامعيون.
وفي هذا الإطار، دأب المتحف على تنظيم حصة “موعد مع التاريخ” الأسبوعية التي تحط رحاله في كل مرة بثانوية أو مركز للتكوين المهني لتخليد مآثر الثورة التحريرية، وربط الصلة مع شباب اليوم ليدركوا تضحيات أجدادهم. ويواصل المتحف حاليا عقد لقاءات لتسجيل شهادات المجاهدين، كما شهدت سنة 2015 صدور عدة مؤلفات تاريخية من مذكرات لمن شاركوا في حرب التحرير الوطني، وبحوث لباحثين ومؤرخين. لكن للأسف نجد المتاحف عبر بعض الولايات لم تطبق تعليمات وزير المجاهدين، الرامي إلى تقريب المتاحف من المواطنين بفتح أبوابها في الفترة المسائية ليتمكن الزوار من الاطلاع على مآثر الثورة وأبطالها، وبقيت تعمل بنظام الإدارة، ولهذا لابد على المنتخبين المحليين القيام بدورهم في هذا المجال.
وقامت وزارة المجاهدين بعدة نشاطات تاريخية وثقافية مكثّفة، بإحياء أهم محطات ثورة التحرير المظفّرة من خلال جولات وزير المجاهدين الطيب زيتوني إلى مختلف الولايات للمشاركة في تخليد مآثر حرب التحرير الوطني من معارك وأبطال شهداء، والتي تندرج في إطار إحياء الذكرى الـ 61 لاندلاع ثورة الفاتح نوفمبر 1954، التي حملت شعار “أنا نوفمبر الحرية”، وكذا تدشين تظاهرة “الأسبوع الوطـني للذاكرة” برياض الفتح بمشاركة جميع المؤسّسات المتحفية عبر إقامة معارض تاريخية متنوعة وندوات، وعدة إصدارات في هذا المجال.
وفي هذا الصّدد، أعطى الوزير إشارة انطلاق حافلة المكتبة المتنقّلة للذاكرة التاريخية محمّلة بـ 2500 كتاب تاريخي وأشرطة وثائقية وأفلام تاريخية ومطبوعات وغيرها، التي جابت مختلف ربوع الوطن انطلاقا من العاصمة إلى قلب الأوراس وصولا إلى دشرة أولاد موسى بولاية باتنة نحو جبل الجرف بولاية تبسة إلى بلدية فلاوسن بولاية تلمسان، بالإضافة إلى انطلاق سينما المدينة للفيلم الثوري بفضاء رياض الفتح، ورسم جدارية تخلّد الذكرى الـ 61 لاندلاع حرب التحرير الوطني. ونشير في هذا السياق، إلى أنّه على صعيد التكفل الاجتماعي والصحي، استفادت فئة المجاهدين وذوي الحقوق من امتيازات ومراكز للمعالجة.