تنامت مشاعر العداء للمسلمين في فرنسا بعد الاعتداءات الإرهابية التي كان هذا البلد هدفا لها في أكثر من مناسبة، وتجسد العداء لهذه الشريحة، التي يتجاوز عددها الخمسة ملايين نسمة في عمليات تخريب واعتداءات على المساجد وغيرها. وفي ظل هذا الوضع، دعا الرئيس فرانسوا هولاند مؤخرا إلى “التضامن والأخوة”.
«العرب، ارحلوا”، شعار ردّده مئات المتظاهرين، السبت، في كورسيكا يكشف عن مشاعر عداء ضد المسلمين والعرب تنتشر بشكل متزايد في فرنسا منذ اعتداءات جانفي و نوفمبر الدامية التي ضربت فرنسا.
وتضاعفت الهجمات ضد المساجد منذ المجزرة التي وقعت في مقر صحيفة “شارلي إيبدو” الساخرة في 7 جانفي، مع تسجيل عمليات تخريب تستهدف أماكن العبادة، كما حصل، الجمعة، في جزيرة كورسيكا الفرنسية، وتعليق رؤوس خنازير على أبواب مساجد وصولا إلى إلقاء زجاجات حارقة أو إطلاق النار.
وأفاد المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الهيئة التمثيلية لمسلمي فرنسا البالغ عددهم 5 إلى 6 ملايين مسلم، أن عدد الأعمال المعادية للمسلمين سجلت ارتفاعا غير مسبوق.
وفي الأيام الـ 12 التي تلت الاعتداء على “شارلي إيبدو”، أحصت الشرطة وقوات الدرك 128 عملا معاديا للمسلمين، وهو ما يوازي عدد هذه الأعمال طوال العام 2014، وفق “المرصد الوطني ضد معاداة الإسلام”، التابع للمجلس. وتواصلت طوال العام، ولو بوتيرة أقل، أعمال التخريب وكتابة الشعارات ضد أكبر مجموعة من المسلمين في أوروبا.
«الكراهية الالكترونية”
أسقطت هذه الاعتداءات جميع الحواجز التي كانت تمنع الخطاب المعادي للمسلمين، فبات يجتاح بشكل صريح مواقع التواصل الاجتماعي.
وندّد “المرصد ضد معاداة الإسلام” بـ«كراهية إلكترونية”، داعيا “المواطنين إلى عدم الخلط بين الغالبية الكبرى من مسلمي فرنسا الذين يعيشون بسلام، وأقلية صغرى تدعو إلى العنف وحتى إلى القتل باسم ديانتنا”.
العداء للمسلمين في الحقل السياسي
ظهرت الكراهية للمسلمين في صناديق الاقتراع مع تسجيل تقدم لحزب “الجبهة الوطنية” اليميني المتطرف الذي يندّد بموجة الهجرة وبوجود المسلمين الذي يعتبره ظاهرا أكثر مما ينبغي.
وقالت ماريون ماريشال لوبن، ابنة شقيقة رئيسة الحزب، “لا نعيش في بلادنا بالجلباب”.
وقالت السياسية الشابة في الحزب، الذي حصل على حوالى 30% من الأصوات في انتخابات المناطق في منتصف ديسمبر، “لسنا في أرض إسلام، وإن كان بعض الفرنسيين من أتباع الإسلام، فذلك بشرط أن يلتزموا بنمط العيش والعادات المطبوعة بتأثيرات إغريقية ورومانية وبـ 16 قرنا من الديانة المسيحية”.
هولاند يرفع شعار “التضامن والأخوة”
إزاء هذه التوترات، دعا الرئيس فرنسوا هولاند، هذا الأسبوع، إلى “التضامن” والأخوة
وقال هولاند “نحن بحاجة إلى التفاؤل، حتى عندما تحل بنا مآسٍ، لأن ما يريده الذين يعتدون علينا هو التفرقة والفصل بيننا”.
وفي المقابل، تتخذ الحكومة تدابير حازمة مع إغلاق ثلاثة مساجد تتهمها بنشر التطرف، ووضعت مشروعا لإسقاط الجنسية عن حملة الجنسيتين المولودين في فرنسا في حال اتهامهم بالإرهاب.
فرنسا تحظر التظاهرات بكورسيكا
هذا وقد حظرت السلطات الفرنسية، الأحد، التظاهرات في أجزاء من مدينة أجاكسيو عاصمة جزيرة كورسيكا، بعد يومين من الاحتجاجات المعادية للعرب وما خلفته من توترات عنصرية.
وأغلقت السلطات الأمنية كذلك مجمع “حدائق الإمبراطور” السكني، فيما صرح رئيس إدارة كورسيكا كريستوف ميرمان بأن الحظر مستمر حتى الرابع من جانفي على أقل تقدير، وسيشمل “جميع الاحتجاجات والتجمعات”.