الأخضرية ... الشبح الأسود للسائقين وأعمال الصيانة لا تنتهي
لا ينكر أحد الدور الكبير الذي يلعبه الطريق السيار شرق-غرب، في تقليص ساعات السفر بين مختلف ولايات الوطن، حتى بات الفرد بإمكانه قطع المسافة بين العاصمة وسطيف في ساعتين ونصف، وهو ما كان بمثابة حلم في وقت سابق.
وبين متعة السفر، والقلق من أعمال الصيانة ببعض المقاطع، إذ تتسبب في تعطيل حركة المرور وتجعلك تصطدم بكثرة الازدحام، و»تجبر» أصحاب المركبات الثقيلة غير مبالين بالمركبات السياحية في منظر يعكس انعدام الثقافة المرورية وارتفاع حوادث المرور بطريقة جنونية.
كانت الساعة الثامنة والنصف، عندما انطلقنا من العاصمة نحو قسنطينة، كل الأمور على ما يرام من باب الزوار نحو حمادي و إلى غاية مقطع بوزقزة الذي مازال في وضعية جيدة، غير أن ما يلفت انتباهك عند وصولك إلى هذه المنطقة، كثرة استعمال أضواء السيارات التي تدعوك لفسح الطريق، حيث تجد مختلف أنواع السيارات الفارهة التي لا يعترف أصحابها بقواعد السلامة المرورية، فتجدهم يسيرون بسرعة 200 كلم في الساعة و أحيانا أكثر غير آبهين بحركة المرور، ووضعية السيارات الأخرى التي تحترم السرعة المسموح بها، وهو ما أكده «عمار» أحد الشباب من ولاية سطيف إلتقيناه في مقهى على الطريق السيار، موضحا بأن قريب له لا يهدأ له خاطر إلا إذا أغلق السرعة القصوى.
...الأخضرية كابوس لا ينتهي
ما زال شطر الأخضرية يشكل نقطة سوداء في الطريق السيار شرق- غرب، حيث تتواصل أشغال الصيانة به منذ سنوات طويلة ولم تنته لحد اليوم، وهو ما يتسبب في تعطيل حركة السير، وتزايد حالات الفوضى، ولحسن الحظ أن رجال الدرك يتحملون كل تلك الضغوطات، حيث يهدئون من غضب السائقين وينظمون المرور، وإلا سيتحول الطريق السيار إلى نقمة حقيقية، حيث وبعد الكيلومتر الستين من العاصمة، اضطرت الشركات التي تصلح الطريق إلى غلق جزئي، وتحويل السيارات إلى الجهة المقابلة من خلال تقسيم الطريق إلى جزئين، وفي ظل كثرة مركبات الوزن الثقيل وتهّور البعض تضطر لقطع مسافة 2 كلم في أكثر من ساعة، وهي المدة التي تجعلك تسير من برج بوعريريج إلى العثمانية أي أكثر من 100 كلم، ولكم أن تقارنوا.
وتتشكل طوابير طويلة تفوق الـ 3 كيلومترات نتيجة لأعمال الصيانة، وما إن تتجاوز الورشة الأولى وتسير بضع كيلومترات تصطدم بورشة جديدة بمرتفع نفق وجسر، وادي شريكي بين الأخضرية والبويرة، حيث تتوقف حركة المرور وتزداد صعوبة في ظل عدم قدرة مركبات الوزن الثقيل، التي تسيطر على الطريق، السير بسرعة أكثر من 20 كلم في الساعة، وهو ما يجعلك تتخيل وكأنك في مركز حدودي تنتظر الختم على الجواز، ويجعل هذا الوضع السائقين في حالة نرفزة ويبدأ كل واحد يشرع في مناورات خطيرة.
وما عدا النقاط السوداء بالأخضرية الناتجة عن نقص الدراسات قبل انجاز المشروع بسبب تدني الأوضاع الأمنية في سنوات التسعينيات، يبقى الطريق السيار من أكبر الانجازات، حيث يشعر الفرد بمتعة السياقة واختصار المسافات، بين مختلف الولايات مع ربح كبير للوقت، كما أن الطريق السيار يجعلك وكأنك في متحف طبيعي يمتص كل حالات الضغط التي تتولد عن العيش في المدينة فبمجرد الخروج من العاصمة تصبح إنسانا آخر.
ولا يخلو الحديث عبر الطريق السيار عن قضايا الفساد التي شهدها، والأحكام التي صدرت في حق المتجاوزين للقانون.
مجهودات الدرك الوطني تغطي النقائص
... يتقاطع الجميع في أن مجهودات الدرك الوطني تفوق طاقتهم كبشر، حيث يتحملون في الكثير من الأحيان سلوكات لم يساهموا في نشأتها، فمن بداية الطريق السيار تلاحظ دوريات الدرك سواء بالسيارات أو بالدراجات النارية وفي مختلف الظروف المناخية من أجل ضمان سلامة وتأمين الطريق السيار.
ولحسن الحظ أن عناصر الدرك متواجدون بقوة في النقاط السوداء، حيث يحاولون تنظيم حركة المرور، ومنح الطمأنينة للسائقين، وبذل كل ما في وسعهم لجعل حركة السير مرنة خاصة بالنقاط السوداء حيث تكثر التجاوزات، وفي الكثير من الأحيان يغضّون الطرف عن ما يقوم به المتهّورين وإلا ستسحب جميع رخص السياقة في مظهر يجعلك تقف على حقيقة كثرة حوادث المرور.
ومن النقاط التي تعتبر سلبية – رغم أننا مستفيدين منها – وهي تنبيه السائقين لبعضهم البعض بوجود رادارات في الطريق السيار، وهو ما يجعل السائقين يخفضون السرعة تجنبا لسحب رخص السياقة، ويبقى استعمال السرعة في بعض الأحيان غير إرادي حيث يكون الطريق مستقيما والسيارات الجديدة تجعل الفرد يصل الى 200 كلم في الساعة دون أن يشعر.
وبين قلق الجزائريين ورغبة الدرك لوطني في ضمان السلامة يبقى ما يحدث يحمل الكثير من التناقضات التي يجب أن نجد لها الحلول من خلال دراسات تشترك فيها العديد من القطاعات.
وتقوم العديد من الدوريات بالدراجات النارية التابعة للدرك الوطني بتنبيه السائقين عبر إشعال الأضواء الزرقاء للتقليل من السرعة وتذكيرهم بوجود نقاط مراقبة وهو ما يجعل الفرد يقلل من السرعة، والاستفادة من فرصة تجنب سحب رخصة السياقة.
وبالإضافة إلى دوريات الدرك الوطني تقوم العديد من المركبات الصفاء بدوريات منتظمة لمراقبة سلامة الطريق وتقديم العون للذين يصابون بأعطاب.
محطّات الخدمات ... الدفع حسّن الأوضاع
تداركت الهيئات المشرفة على تسيير الطريق السيار الكثير من النقائص على مستوى الخدمات التي تشمل فضاءات للراحة التي تجلب إليها المئات من مرتدي الطريق السيار.
وتم انجاز محطة في كل حوالي 100 كلم حيث ستدخل محطة بشلول بالبويرة النشاط قريبا شأنها شأن محطة البيبان ببرج بوعريريج، والتي تضاف لمحطة عين زادة بنفس المدينة، والتي لا تبعد عن محطة البابور بسطيف بحوالي 60 كيلومتر.
ويستفيد السائقين من خدمات محطة «ميلاف» قرب شلغوم العيد والعثمانية، وبعدها بأقل من 50 كيلو متر، يتم انجاز محطة سيرتا بقسنطينة وبالتالي التخلص نهائيا من مشكلة الطوابير ونقص الوقود في الجهة الشرقية للطريق السيار.
ووقفت «الشعب» على تحسن الخدمات بهذه المحطات خاصة تسيير المراحيض والمصليات، حيث تم توظيف شباب يقومون بعمليات التنظيف والتنظيم وهو ما لقي استحسان الأفراد الذين يدفعون مبلغا رمزيا يصل لـ 10 دج. وتتم عملية التزويد بالوقود في ظروف جيدة للغاية، حيث تتوفر العديد من مضخات التوزيع وهو ما يجعلك تتفادى الطوابير.