طباعة هذه الصفحة

«الشعب» تنقل أجواء تقديم التعازي بمقر «الافافاس»

حزن عميق لفقدان مؤسس أول حزب معارض

حكيم بوغرارة

 

الوفاء لمبدأ آيت أحمد في جمع الشمل وإعلاء الجزائر فوق كل مصلحة

كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر والربع صباحا، عندما وصلنا إلى مقر حزب جبهة القوى الاشتراكية، لحضور مراسيم تقديم التعازي إثر وفاة الزعيم والمناضل الراحل حسين آيت أحمد – الدا حسين- بشارع سويداني بوجمعة بأعالي العاصمة، أول صورة تقابلك مئات السيارات المركونة يمينا و يسارا كسرت هدوء المكان الذي اعتاد يوم الجمعة أن يكون شبه خال من حركة المرور.
و تعكس لوحات ترقيم السيارات تواجد مختلف الولايات كالجلفة، تيبازة، بسكرة، بجاية، تيزي وزو والعديد من الولايات الأخرى، التي لم يمنع بعدها عن العاصمة قاطنيها من الحضور لتقديم التعازي كأقل واجب يقدمه هؤلاء لرجل قدم الكثير من أجل أن تحيا الجزائر.
ونحن ندخل باب مقر الحزب الذي بدا حزينا لفراق الرجل، وبين علم الجزائر وراية وطنية عملاقة تنحدر من أعلى بناية الحزب إلى أسفله تحمل وصايا الراحل «الدا حسين»- للمناضلين بضرورة التمسك بالوحدة الوطنية، ووضع الجزائر فوق كل اعتبار، حيث ينطق كل شيء في مقر الحزب بوطنية الرجل وترفعه عن الأنانيات الشخصية والمصالح الحزبية.
وتحدث رجل من ولاية الجلفة وسط جموع من المعزين عن شهامة الرجل، وعن حبه للعدل وبغضه للتسلط مع إلقائه بعض الأبيات الشعرية تأبينا للرجل، وهو ما يؤكد شعبيته في مختلف ربوع الوطن.
وأنت تدخل مقر حزب جبهة القوى الاشتراكية يستقبلك صوت تلاوة القرآن الكريم، وكراسي منتشرة بالساحة الخارجية للمقر وضعت خصيصا لاستقبال المعزين، في حين اصطفت مختلف كاميرات القنوات الخاصة في أرجاء المقر للظفر بأكبر قدر ممكن من المشاهد واصطياد الشخصيات التي تأتي للتعزية.  
وبعد تقديم واجب العزاء في سجل التعازي الذي وضع فوق طاولة مع صورة تذكارية للراحل رفقة أبنائه وهم صغار، مع تسجيل تجمعات صغيرة وكبيرة بين مختلف الأجيال، حيث يتحدثون عن الوضع العام للبلاد وعن التغطيات الإعلامية لوفاة الراحل وعن السياسة بصفة عامة وعن الأوضاع العامة للبلاد ومواقف الرجل ومختلف الأحداث والوقائع التي عايشها.
آيت العربي: كان يرفض السلطة من أجل السلطة
التقت «الشعب» الناشط الحقوقي والمحامي مقران آيت العربي الذي خصّنا بتصريح حول الراحل آيت أحمد موضحا «......لن أقول كلمة في حق الراحل، بل سأقول كلمات لقد كان آيت أحمد من المناضلين القلائل وقادة الثورة الذين آمنوا بالنضال وحرب التحرير، وكان يقول بأن الثورة يجب أن لا تتوقف في 1962، لقد كان من الأوفياء القلائل لروح أول نوفمبر.
وقال أنه كان يؤمن ببيان أول نوفمبر وباجتماعية الدولة الجزائرية، وبناء دولة تخدم الجميع وخاصة الجزائريين المحرومين.
غداة الاستقلال فضل الراحل آيت أحمد أن ينسحب من كل المسؤوليات وأسس حزب جبهة القوى الاشتراكية ليواصل النضال، و من بين الوقائع التي ظلت تؤلمه هو محاكمته في بلاده والحكم عليه بالإعدام.
وواصل آيت أحمد النضال وعاد في وقت التعددية محاولا تقديم الإضافة للجزائر التي حلم بها في الإطار الاجتماعي، وأجدد تأكيدي أن الرجل كان يرفض السلطة من أجل السلطة وفوق ذلك كان يكره التسلط، لقد كان يقول بان السلطة يجب أن تخدم الشعب....إن الحديث عن الرجل يتطلب أشهرا، وأكيد أن الشباب سيعود لكتاباته وشهادته التاريخية... وأعيد لقد كافح السلطة و محاولات تكميم الأفواه والأفكار التسلطية، وثار ضد تلك الوقائع».
رزاق بارة: رجل حقوق الإنسان
اعتبر كمال رزاق بارة الشخصية المعروفة في الأوساط الحقوقية رحيل «الدا حسين» بالخسارة الكبرى مذكرا بمناقب الرجل الحميدة خاصة في مجال حقوق الإنسان، حيث كان مدافعا شرسا عن حقوق الإنسان وحتى أطروحته الخاصة بالدكتوراه خصّصها لملف حقوق الإنسان.
وقال رزاق بارة في تصريح صحفي بمقر حزب جبهة القوى الاشتراكية التي جاءها لتقديم التعازي بأن الراحل كان من بين أكبر المساهمين في إنشاء الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان.
وعبّر كل من حضر إلى مقر الحزب من المواطنين البسطاء إلى المسؤولين عن تأثرهم البالغ برحيل الرجل، داعين إلى إنصافه تاريخيا من خلال التعريف بمبادئه ومواقفه تجاه مختلف التحولات التي عرفتها الجزائر.
ونحن نغادر مقر الحزب عند منتصف النهار تركنا المعزّين يتحدثون عن الجزائر، حيث تمكّن الرجل الذي ناضل أمس من أجل الحرية من جمع شمل كثير من الجزائريين رغم اختلاف توجهاتهم ليكون عزاءه إضافة لحب الوطن ودعوة الجزائريين لتقديم المصلحة العليا للوطن على الحسابات الشخصية.