مفرقعات بمواد خطيرة يصنعها الشباب
بالرغم من الرقابة الشديدة لمنع استيراد المفرقعات وبيعها في الأسواق الجزائرية، إلا أنه مع اقتراب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، تغزو ظاهرة بيع المفرقعات بمختلف أنواعها وأشكالها الطرق، حيث يصطف الباعة تباعا، ويتسارعون لبيع منتجاتهم، مع حراسة شديدة خوفا من الوقوع بين يدي الأمن الوطني ومصادرة مبيعاتهم، التي تدر عليهم أموالا طائلة نتيجة التوافد الكبير للعائلات الجزائرية لاقتنائها.
فالتجّار الجزائريون لم تردعهم القوانين الصارمة التي سنّتها الحكومة، وحظر تسويق هذه المواد منذ الستينيات، حيث يغرقون السوق الجزائرية بمفرقعات خطيرة وقاتلة، مع حلول المولد النبي الشريف، بالرغم من جهود الأجهزة الأمنية لإحباط أي محاولة لإدخال “المفرقعات” التي تصنف ضمن المواد المحظور استخدامها.
وتعد عنابة واحدة من ولايات الجزائر، التي تنتشر بطرقاتها ولا سيما في المكان المسمى “مارشي الحوت” طاولات بيع المفرقعات، مع العلم أن الولاية شهدت مؤخرا حجز 18 مليون وحدة من المفرقعات، من الحجم الكبير والصغير، حيث يستغل الباعة الإقبال الكبير للعائلات من مختلف الأعمار والأجناس، وبيعها بسعر مرتفع، تتضاعف ليلة المولد النبوي الشريف على غرار “الشيطانة” التي يصل سعرها إلى 1400دج و«زيدان” التي تتراوح بين 500 دج و600 دج، أما “قادف النجوم” كبير الحجم فقط وصل سعره إلى 2500دج، والصغير الحجم 600دج، في حين يُباع “الصاروخ” بـ1200دج، أما “السينيال” فيقدر بـ450 دج، و60 دج لخرطوشة “المرقازة”.
والأخطر من ذلك المفرقعات التي يصنعها شباب من عنابة بأنفسهم، مستخدمين في ذلك مواد خطيرة، مثل “الألمنيوم” ومادة “الأسيد”، حيث يلجأ إليها هواة المفرقعات بكثرة، محدثين صوتا مدويا ومرعبا وسط السكان والمارة.
الفوانيس والنوالة لاستقطاب الأطفال
الباعة الفوضويون استغلوا أيضا الأطفال للترويج لمنتجاتهم، لاسيما الشموع التي تباع بأشكال وألوان مختلفة على شكل حيوانات، حيث يتراوح سعر الشموع العادية ما بين 40 إلى 60 دج، أما التي تأخذ شكل حيوانات فسعرها من 200 دج إلى 400 دج، في حين يصل سعر الفوانيس إلى 900 دج، وسعر “النوالة” 100 دج.
ويرضخ الأولياء لطلبات أبنائهم، حيث لا يتوانوا في الإسراف وتبذير أموالهم لأجل ليلة واحدة قد تكون عواقبها وخيمة، إذا لم تستخدم بالطريقة الصحيحة.
أحد الباعة أكد لـ«الشعب” أنه يجني أموالا طائلة من وراء بيع المفرقعات، مشيرا إلى أن الإقبال عليها يتعدى الوصف، وقد يشتري شخص واحد ما قيمته 30 ألف دج، حيث لا يتوانى في اقتناء جميع الأنواع، وأكد بأن زبائنه من فئة الشباب الذين يقبلون على “الصواريخ” و«الشيطانة”، و«فلاش”، و«الزربوط”.. في حين يقبل بعض الأولياء على شراء النوالة والشموع فقط لتلبية رغبات أطفالهم، إلى جانب “الحنة” والملصقات المتنوعة للبنات، مشيرا إلى أن هذين الأخيرين الإقبال عليهما أيضا كبير إلى جانب المفرقعات.
السيدة “عائشة منصوري”، ربة بيت وأم لطفل في العاشرة من عمره، أكدت أنها تقتني مبيعات قد تصل إلى 10 ألاف دج ما بين مفرقعات وشموع وعنبر لأجل إحياء هذه الليلة المباركة، قائلة بأنه يوم واحد في السنة ولا مانع من الاستمتاع به مع ابنها الذي يهوى المفرقعات، وأكدت أنها تحرص على أن لا تقتني الأنواع الخطيرة، حفاظا عليه وعلى أصدقائه من أي خطر قد تسبّبه.
وقالت مرافقتها “نبيلة م« أستاذة بالثانوي، وأم لـ03 أطفال، أنها ضد اقتناء المفرقعات الخطيرة التي يطلق عليها أسماء دخيلة مثل “داعش” و«الشيطانة”، وتكتفي فقط بشراء المفرقعات الخفيفة والشموع وقاذف النجوم الذي لا يشكل خطرا على حياة أبنائها، وإن كانت نبيلة تقتني لأبنائها المفرقعات، إلا أنها استغربت في نفس الوقت عن الانتشار الكبير للأنواع الخطيرة التي تهدّد سواء من يشتريها أو لا، قائلة بأن الكثير من الشباب يستخدمونها بتهور بإلقائها على المارة دون معرفة عواقبها الوخيمة.
عادات تكاد تندثر
تتحسّر الكثير من النساء على العادات التي باتت تطبع العائلات الجزائرية، والذين يربطون المولد النبوي الشريف بالمفرقعات، بعيدا عن الاحتفالات التي كانت تحييها الأسرة الجزائرية قديما، حيث يحرصن ربات البيوت على تحضير مختلف الأطباق التقليدية والحلويات، في حين يتمسك الرجال بطقوس وتقاليد خاصة بذبح الأضاحي وتقديم الصدقات للمحتاجين، وزيارة الزوايا وترديد المدائح النبوية، واستغلال المناسبة لختان أبنائهم.
الحاجة أمينة 73 سنة قالت بأن المولد النبوي الشريف أصبح يعلن عن قدومه، بصوت المفرقعات التي تنطلق شهرا كاملا قبل موعده، مؤكدة أنه في زمنهم كان المولد النبوي يرتبط بتجوبد القرآن الذي يعلو المساجد والبيوت، وبرائحة البخور والعنبر بدل رائحة الدخان، وأضافت أن العادات والتقاليد تكاد تندثر، حيث إن أغلب العائلات لا تحتفل به كما يجب.
وقالت بأن المرأة العنابية، تحضر عشية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، عجينة “الشخشوخة” التي تعد سيدة المائدة أو”المقرطفة”، ويتم تبادل الأطباق بين الأهل والجيران، وإشعال الشموع، وفي السهرة يتم تجويد القرآن وتلاوته، أما في الصباح الباكر يفطر الأهل على ما يعرف في عنابة بـ«الزريرة”، متمنية أن تعود هذه العادات إلى أهلها.