ينهى المؤتمر الثالث للسلم والأمن في إفريقيا بفندق الميريديان بوهران، اليوم، أعماله بعد 3 أيام من التشاور والتباحث، حول القضايا الاستراتيجية والسبيل الأفضل لمواجهتها إقليميا. وسترفع التوصيات الخاصة بنتائج الاجتماع إلى مجلس السلم والأمن للإتحاد الإفريقي وإلى كافة المهتمين، قصد توطيد الشراكة بين الاتحاد والأمم المتحدة.
يسعى المؤتمر، الذي تستضيفه عاصمة الغرب الجزائري، وهران، للمرة الثانية على التوالي، إلى أن “يشكل أرضية صلبة لتعبئة الجهود متعددة الأطراف الرامية إلى مواجهة التحديات والهموم الأفريقية”.
وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة، أكد أن الإرادة القوية التي عبّر عنها رؤساء القارة الأفريقية في كافة اجتماعاتهم والرغبة الجامحة في تطوير منظومة كاملة ومتكاملة الأطراف للسلم والأمن مع الأمم المتحدة وغيرها، أعطت دفعا قويا لمسيرة التنمية وحل المشاكل القائمة.
قال لعمامرة، إن توصيات الندوة الثالثة للأمن والسلم في إفريقيا، ستكون “توافقية”، تعكس المواقف الإفريقية المشتركة ومدى تأثير ذلك على الوعي الرسمي بأهمية تعميق وتوطيد الشراكة بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، ويكون بذلك الأفارقة قد أسسوا لمرحلة جديدة، عبّرت عنها بوضوح منظمة الدول الأمريكية بتعيينها “القاسم وأن” مساعدا للأمين العام للأمم المتحدة “بان كي مون” مكلفا بشؤون حفظ السلام، خلفا للمساعد السابق إدموند موليه من غواتيمالا.
وأكد لعمامرة، أن التنصيب المستحق يرمز إلى قدرة الاتحاد الإفريقي لإعطاء نفس جديد، لعمل الأمم المتحدة بالقارة الإفريقية، منوّها في سياق متصل بالخبرة الواسعة التي يتمتع بها السيد القاسم في قضايا السلام والأمن وحل النزاعات، بعد أدائه المتميّز الذي استمر طوال السنوات التي اشتغل فيها على رأس دائرة السلم والأمن في مفوضية الاتحاد الإفريقي.
وتنتظر إفريقيا من هذا الإنجاز، بالإضافة إلى إنشاء جهاز الشرطة الإفريقية “أفريبول” وغيرها من مقومات المنظومة الإفريقية للسلم والأمن، أن تضاعف من قدرات القارة على استتباب الأمن والاستقرار، يضيف لعمامرة، مؤكدا أن التحديات التي تواجهها القارة، من منطلق تعددها وحساسيتها وتنوع أسبابها وأبعادها، تتطلب جهدا دوليا أكبر من جميع أصحاب النوايا الحسنة، على أن تكون الحلول مطابقة للأهداف وللمبادئ والقيم الأفريقية.
لعمامرة، لم يفوت الفرصة بضرورة العمل على إيجاد الحلول المناسبة لكافة القضايا المطروحة، لاسيما تلك المتعلقة بإيجاد المخرج الحقيقي للقضية الصحراوية التي تراوح مكانها منذ أزيد من 40 سنة، رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة، المنتظر أن يزور المنطقة، خلال الأشهر الأولى من السنة المقبلة، قصد الاطلاع عن كثب وإعادة بعث الحوار بين الأطراف المتنازعة، وهو الأمر الذي ترحّب به الجزائر التي تدعم مساعي الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى المنطقة كريستوفر روس، قصد العمل على تنظيم الاستفتاء المتعلق بتقرير المصير.
بدورها، عبّرت الدول الشقيقة والصديقة المشاركة. عن رؤيتها بشأن وجهة نظرها، خصوصا فيما يتعلق بتحسين أداء مجلس الأمن وإصلاح الأمم المتحدة. وقد علق وزير الخارجية الجزائري على ذلك قائلا: “شأن الأمم المتحدة وشأننا المشترك، يهمّنا أن ننجح كمجموعة دولية في تجاوز الخلافات وفي بناء مجلس أمن ومنظمة أمم متحدة قويّة، تستجيب لمتطلبات العصر وتنظر إلى المستقبل نظرة المسؤولية ونظرة التفاؤل والاستعداد الدائم”.
وأكد وزير الخارجية الجزائري. على هامش لقائه الخاص بوزير الخارجية الإنغولي خلال أشغال اليوم الثاني للملتقى الثالث للأمن والسلم بإفريقيا، أن علاقات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بنظيره الإنغولي لورنتو ممتازة ومتميزة، وهناك تطابق في وجهات النظر بينهما، بالنظر للميراث النضالي والماضي المشترك.
وأبرز لعمامرة، أن الجزائر تعمل بكلّ الوسائل الدبلوماسية لحلّ الأزمات بالقارة، مستدلا بجهود مجموعة حكماء إفريقيا التي كان يترأسها الرئيس الراحل أحمد بن بلة ويعتبر الدبلوماسي الأخضر الإبراهيمي عضوا فيها.
الجزائر شاركت في مناورة بجنوب إفريقيا لمكافحة الإرهاب
كما أشار لعمامرة إلى القوة الإفريقية المشتركة “أماني أفريكا 2”، التي قامت مؤخرا، ولأول مرة، بتنفيذ تمرين ميداني بجنوب إفريقيا. وقد شاركت الجزائر في هذه المناورة بقواتها الجوية، من خلال نقل عدد من الدول الشقيقة من إفريقيا الغربية نحو جنوب إفريقيا.
فيما يخص العلاقات الجزائرية - الأنغولية، قال لعمامرة “إننا نسعى لتطوير علاقاتنا الثنائية”، مضيفا أن المباحثات مع نظيره الأنغولي تناولت سبل استغلال الموارد الطبيعية لصالح تطوير اقتصاديات البلدين، خاصة في ظلّ سقوط أسعار النفط بالسوق العالمية، مشددا على ضرورة التفكير في الطرق المتاحة لبلوغ سعر مُرْضٍ لبرميل النفط.
في سياق متصل، أكد لعمامرة أن هناك تحرك داخل الأمم المتحدة لمحاربة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، بما فيها الاتجار بالمخدرات. وجدّد التذكير بالمبادرة الجزائرية على مستوى الأمم المتحدة، بشأن تجريم دفع الفدية وهو الجانب الذي يهتم به الاتحاد الإفريقي، معتبرا أن تنصيب “أفريبول” جاء لتعزيز أدوات العمل لرفع التحديات، بما فيها الإرهاب والمخدرات التي تعتبر عائداتها الممول الرئيس للحركات الإرهابية.