طباعة هذه الصفحة

الدكتور بن زروق جمال بجامعة سكيكدة

وسائل الإعلام مسؤولة عن نشر الثقافة اللغوية وتطوير الجوانب الحوارية

سكيكدة: خالد العيفة

يوضح الدكتور بن زروق جمال أستاد الاعلام بجامعة 20 أوت 55 بسكيكدة، انه “حينما نتكلم عن إمكانية استعمال اللغة العربية، في المجال الإعلامي، نطرح تساؤلاً مهما يتعلق بمدى إمكانيتها على استيعاب التقنيات الحديثة للإعلام، وهل بإمكانها أن تستجيب لمتطلبات المستحدثات الاتصالية في مجال الإعلام، وهذا الأمر يرتبط موضوعياً بما اصطلح عليه بمصطلح “التحرير الإعلامي” الذي يحتاج إلى صياغة تمتاز بالجودة في التأليف، وإلى قدرة كبيرة ودراية علمية في موضوع من الموضوعات، التي تتطلّب البحث في التراكمات المعرفية على مستوى التراث العربي”،ويضيف” ثورة المعلوماتية بكل تشعّباتها حوّلت عالمنا إلى عالم يختلط فيه العالم الافتراضي بالواقعي وباتت كل ميادين الحياة رهينة ما تسوّقه وسائل الإعلام والاتصال، والإعلام ليس هو المسؤول عن كل ما يصيب البلد من انهيار ثقافي وأخلاقي وفساد إداري بل هو مرآة المجتمع ويعكس صورته كما هي”.
ويبقى التحدي الأكبر في نظر بن زروق” الذي يواجه ثقافتنا اليوم في عصر المعلومات ووسائل الاتصال هو معرفة اللغة التي تمكننا من التفكير والإبداع والتواصل؟ و إذا ما كان باستطاعة اللغة العربية أن تبقى لغة الاتصال والتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي اليوم، وعدّة تساؤلات تفرضها التكنولوجيا الجديدة في إطار تطور لغة التخاطب بين أبناء المجتمع الواحد أثر لغة الرسالة الإعلامية على المتلقي، دور وسائل الإعلام في توليد مصطلحات جديدة لتغطية المفاهيم المستخدمة وتعميمها، دور وسائل الإعلام في نشر الثقافة اللغوية وتطوير الجوانب الحوارية في استخدام اللغة”.
 اما من حيث النسق اللغوي فيرى أستاذ الإعلام أن الأمر” مهمل بشكل كامل في النشاط الإعلامي، وأن علاقة اللغة بالإعلام ما زالت مقصورة على تصويب أخطاء الكتاب والمذيعين دون الاهتمام بتعزيز أثر الإعلام على المتلقي، رغم أن نشرات الأخبار صارت بمثابة خبزنا اليومي، تشبع رغبتنا في معرفة ما يدور حولنا، وهي إحدى وسائل احتكاك الفرد بلغته”.
 الأخطاء اللغوية الإعلامية الشائعة مرآة تعكس حالة التشظي في المجتمع
ويؤكد الدكتور في سياق حديثه ان “اللغة الإعلامية، هي الأداة التي يقوم الإعلاميون من خلالها بتحويل الأفكار والمعلومات إلى مادة مقروءة أو مسموعة أو مرئية، رغم الأخطاء اللغوية الإعلامية الشائعة، والإعلام مرآة تعكس حالة التشظي في المجتمع نتيجة عدم اكتمال الهوية الوطنية والشعور بالمواطنة”، ومع هذا، يوضح بن زروق ان “التحرر من حواجز اللغة والحواجز الجغرافية. بحيث سهّلت هذه التقنيات الإنتقال من خلال الإنترنت إلى مختلف المدن والشوارع” وهذا في منظور الاستاد راجع الى “أهمية التكنولوجيا والتقنيات الحديثة والتطوّر والحداثة، التي أعطت الحرية للكلمة والسرعة للإتصال والتي اعادتنا إلى بدائيتنا في التواصل ووحّدت مستخدمي الإنترنت والهواتف الذكية بين اصقاع الأرض من خلال إيجاد لغة عالمية بدائية واستخدام الرموز الطفولية البسيطة”
تقصير الوسائط الحديثة في حفظ اللغة العربية الفصيحة وتوظيفها بشكل قوي ومؤثر
وكنتيجة لما سبق ذكره يقول الأستاذ “التعرف على جوانب القصور لدى الوسائط الحديثة في مجال حفظ اللغة العربية الفصيحة وتوظيفها بشكل قوي ومؤثر، لإيصال رسائل إعلامية ذات تأثير قوي، خالية من الجماليات اللغوية المستشرقة، أو الجماليات المنمقة بثقافات أخرى لا سيما الغربية”، ويوجز ذلك في نمط استعمالها كلغة ضعيفة في كثير من وسائلها، ووجوهها، وتكرار طائفة كبيرة من عباراتها، وصيغها التي تعجّ بالأخطاء اللغوية، تسرب كثير من الألفاظ والمصطلحات غير السليمة في نطقها، وفي تركيبها مما يؤدي إلى التقاط المتلقي لها دون وعي مباشر، مما يسبب إشاعتها، وإلفها، دون إدراك لعدم صلاحها، وسلامتها، وتسرب الكثير من الألفاظ والصيغ، والعبارات الأجنبية إلى اللغة العربية الأصيلة، فتتعرض لغتنا بمرور الزمن، إلى تداخل لغوي هجين مع لغات أخرى، إضافة الى استحواذ الصور المتحركة على لبّ المشاهد، وبذلك يكون اكتسابه للغة والمفردات، والمعاني الجديدة بسيطاً.
فتبقى اللغة العربية التي عاشت عبر جميع العصور ولا زالت مستخدمة منذ 1500 سنة وحتى اليوم، في تطوّر وتغيّر مستمر في طبيعتها وفقاً لتغيرات العصور والبيئات والأزمنة والاحتياجات، ومع ظهور ألفاظ جديدة من خلال وسائل الإعلام والاتصال الحديثة، إما أن نتقبّل المفردات الغربية ونجتهد في تعريبها ونختلف عليه وإما أن نصبح نحن منتجين للفكر، عندها ستُطبع المفردات بلغتنا نحن، فاللغة المحكية هي الشكل الديناميكي للغة، وكل اللغات المكتوبة اليوم كانت لغات محكية قبل تعقيدها”.