دعا عبد العزيز بعيد رئيس جبهة المستقبل، أمس، كل مؤسسات الدولة الإدارية والسياسية، لاسيما الأحزاب، إلى لعب دورها الحقيقي في التوعية والتحسيس وفتح الحوار والمساهمة في بناء مجتمع متناسق وزرع الروح الوطنية فيه والارتقاء به إلى مستوى ثقافي وسياسي يتناسب والتحديات الداخلية والإقليمية والدولية المحيطة بالجزائر.
أكد بلعيد خلال ترؤسه أشغال المكتب الوطني لحزبه بقرية الفنانين بزرالدة، أن التعامل بين الجزائريين، اليوم، طغى عليه الطابع المادي، ما أفقدهم الثقة في مؤسسات الدولة والقانون بسبب بيع وشراء مناصب المسؤولية، بعيدا عن أي أخلاق، بالرغم من أنها العمود الفقري لأيّ أمة، ما أدى إلى تكسير الإطارات الوطنية بممارسات لاأخلاقية، لا سيما في محيط العمل، نتيجة تحول الولاء للأشخاص واللوبيات بدل المؤسسات، ما كرّس الرداءة على كل الأصعدة، لاسيما في الحياة السياسية وأطاحت بالمبادئ الموحدة للجزائريين.
وانتقد رئيس جبهة المستقبل الدعوات المنادية بدعم أو معارضة رئيس الجمهورية، مشيرا إلى أنه لا يحتاج ، بل الجزائر هي من تحتاج إلى الدعم من خلال رص الصفوف لمواجهة حالة الغرق في الأزمة الخانقة التي تعيشها بسبب الغموض الذي يسود الحياة السياسية، حاثا الجيل الحالي على تحمّل مسؤولياته من أسمى إطار إلى المواطن البسيط والعمل على توحيد الجهود والشعب بالابتعاد عن الصراعات المبرمجة التي تقف وراءها تكتلات ولوبيات ومخابر، بحيث يتعين التحلي بالذكاء والبداهة للحيلولة دون الانسياق وراء هذه الدوامة.
في هذا الإطار، أثنى بلعيد على مؤسسة الجيش وما تبذله من جهود لحماية الحدود في ظل الظروف الإقليمية الساخنة وعدم محاولة جره إلى هذه الصراعات وزرع البلبلة حوله، كونه يبقى العمود الفقري لأيّ دولة راقية والحامي الصامد في مواجهة المخططات المستهدفة للجزائر منذ الثمانينيات وازدادت حدة في ظل ما أسموه بالربيع العربي من خلال محاولة ضربها في مؤسساتها ومكانتها وسيادتها.
وحثّ في هذا السياق، إطارات جبهة المستقبل على الارتقاء بالجزائريين للتحلي بالمسؤولية والإيمان بالحوار، بعيدا عن الأفكار المسبقة، خدمة للجزائر دون التغني بالأفكار السياسية الديمقراطية التي هي سلوك أخلاقي يبدأ بقمع حب الذات والأنانية والميل إلى الدكتاتورية وفتح الباب للجميع والتحرر من التبعية للأشخاص والتكتلات ذات المصالح الضيّقة.
فيما تعلق بموقف حزبه من قانون المالية، قال بلعيد إنه كان من الممكن تبسيطه للشعب الجزائري، بعيدا عن لغة الأرقام والأمور التقنية، لأنّ المشكل يتعلق بمسألة الثقة والوضوح السياسي والمالي.
بخصوص وثيقة الدستور، انتقد عدم فتح النقاش مع الشعب طوال السنتين الماضيتين، مشيرا إلى أن حصره بين السياسيين والمعارضة سيعطي وثيقة غير متوازنة مع الرأي العام الجزائري، في حين كان من المفروض الاستفادة من تجربة الدساتير السابقة التي كانت دساتير رؤساء فحسب، مشددا على ضرورة تشكيل لجنة وطنية مستقلة تنظم وتشرف على الانتخابات ما من شأنه أن يعطي الشرعية للمؤسسات المنتخبة وإعادة السلطة للشعب من جديد.
على الصعيد الدولي، جدد بلعيد موقفه الداعم من قضية الشعب الصحراوي وتحريرها من نظام المخزن، باعتبارها آخر مستعمرة في إفريقيا دون العداء للشعب المغربي. ونفس الموقف للشعب الفلسطيني الأعزل، الذي قال إن وحدته هي العامل الفيصل الذي يجعل منه قويا أثناء المفاوضات مع إسرائيل، كما لم يغفل على ضرورة العمل المشترك لتجاوز آلام الدول العربية التي تواجه إرهابا أعمى مفبركا لا يتوانى عن هدم الكيان العربي.