إعادة العلاقة بين الجمهور والأوبرا.. هي النتيجة الأبرز التي نخرج بها ونحن نتابع أوبرا «حلاق إشبيلية» تؤدى على ركح محي الدين بشطارزي، التي تابعها محبو مزيح اللحن والدراما سهرتي الأربعاء والخميس، على وقع أنغام الأوركسترا السمفونية الوطنية بقيادة المايسترو أمين قويدر، وبأصوات أوبرالية عالمية افتكت الإعجاب والتصفيق.. ومادام الجمهور يحرص على متابعة أعمال الأوكسترا الوطنية، فقد فازت هذه الأخيرة بالرهان..
كانت سهرة أول أمس الخميس الفرصة الثانية والأخيرة لعشاق الموسيقى الكلاسيكية لمتابعة أوبرا «حلاّق إشبيلية»، أحسن ما قدّم الموسيقار الإيطالي جواكينو أنطونيو روسيني، والتي ألفها سنة 1816. وشهد العرض مشاركة فنانين من مختلف الجنسيات، إلى جانب موسيقيي الأوركسترا الجزائريين.
النجاح رديف العمل المتواصل
وكان المايسترو أمين قويدر قد رأى في هذا الخيار تعبيرا عن رغبة في مد جسر بين البلدان والثقافات، في وقت يشهد العالم هزات قوية وكثيرة. كما أنه دليل آخر على مستوى الأوركسترا التقني، وهي التي باتت تقدم أصعب السمفونيات وموسيقى الأفلام وأشهر الأوبرات. والسبب وراء ذلك هو العمل المتواصل، المبني على العلم والمعرفة، وهو ما يؤكده مدير الأوركسترا عبد القادر بوعزارة.
أما جمال غازي، مدير المعهد الوطني العالي للموسيقى، وعضو الأوركسترا الوطنية، فقد صرّح لـ»الشعب» بأن تقديم الأوبرا يتطلب إمكانيات أكبر، لأن هذا النوع من الفن يتموقع في المنطقة الموجودة بين المسرح والموسيقى، وأضاف بأنه سعيد باهتمام الجمهور بهذا العمل، ولعل ما جذبه أكثر هو الجانب المسرحي، «هذه الأوبرا كوميدية، كما أنه قد تمّ استعمال القليل من اللغة العامية وحتى مقطوعات صغيرة من الموسيقى الجزائرية، وهو ما لاقى إعجاب الحضور»، يقول غازي.
ليس أقل من العالمية
وللدلالة على المستوى الذي أصبحت الأوركسترا الوطنية تقترحه على جمهورها، نقدم بعضا من الفنانين الذين أدّوا «حلاق إشبيلية»:
غابرييلا بالغوفا: ولدت هذه الـ»ميتزو سوبرانو» سنة 1986 بسلوفاكيا. تابعت دراساتها العليا في الموسيقى بالعاصمة المجرية بودابست. متخصصة في الغناء الأوبرالي منذ 2006، غنت بأكبر دور الأوبرا لروسيني وموزارت وفيردي وشتراوس، كما حازت على جوائز عالمية.
بيير إيمانويل روبي: يتقمص في هذه الأوبرا دور الكونت ألمافيفا، من خريجي الكونسرفتوار الوطني والجامعة الموسيقية بتولوز الفرنسية. عزف الأكورديون مع فرق منها «زبدة».
مارك سوشيه: يؤدي هذا الباريتون دور فيغارو، وهو فنان يمتلك صوتا قويا يتلائم خصوصا مع الربرتوار الايطالي، قام في سنوات قليلة بأدوار كثيرة.
رودي فيرنانديز كارديناس: هو باريتون فرانكوــ بيروفي، من مواليد 1983، التحق بالكونسرفتوار الوطني للموسيقى بعاصمة البيرو ليما وعمره لا يتجاوز الـ16 سنة، بلغ نهائيات العديد من المسابقات وتحصل على الجائزة الثالثة في المسابقة الدولية، كما أن له أعمالا مسجلة.
في أفوغلان: شاركت هذه السوبرانو في العديد من الحفلات بالولايات المتحدة الأمريكية، وأدت سنة 2011 دور الكونتيسة في «زواج فيغارو» لموزارت لحساب الأوبرا الصيفية لبورغون بديجون الفرنسية. حصدت جوائز في مسابقات بباريس، إيطاليا وبلجيكا.
أوليفيه توزيس: هو باريتون- باص، بعد متابعته لتكوين بكونسرفتوار بوردو، أدى على خشبة المسرح عدة أدوار، وهو عضو كورال أوبرا مونتي كارلو من سنة 1998 إلى 2008، كما غنى مع مجموعة كورال بالأوبرا الوطنية لبوردو وأوبرا ليموج.
كريستوف تسيول: سينوغرافي أوبرا، بعد تحصله على دبلوم مهندس المشاريع الداخلية ومسار في تاريخ الفن من جامعة بلجيكية، مر بالعديد من العواصم العالمية من الدانمارك إلى أستراليا وتايوان وأفريقيا الشمالية وكوستاريكا مرورا بالسنغال.
الحب.. قيمة إنسانية
«حلاق إشبيلية» أوبرا كوميدية ألف موسيقاها جواكينو روسيني عام 1816، وكتب نصها تشزاري ستربيني. تتكون من فصلين، وتدور أحداثها في مدينة إشبيلية الإسبانية، في القرن السابع عشر، حول قصة حب بين الشاب الكونت ألمافيفا والشابة روزينا، اللذان يرغبان بالزواج، إلا أن بارتولو الوصي على روزينا طامع بأموالها ويريد الزواج منها. وهنا يظهر الحلاق فيغارو، رجل «سليط اللسان» يتمكن من إفشال مخطط بورتولو. وبطبيعة الحال ينتهي العمل نهاية سعيدة بزواج الحبيبين.
ويعتبر فيغارو الشخصية الرئيسية في أوبرا حلاق إشبيلية التي أخذت عن مسرحية بنفس الاسم لبيار بومارشيه (الذي كتبها سنة 1775)، وكذلك أوبرا «زواج فيغارو» للموسيقار العملاق موزارت، والتي اقتبست عن مسرحية تحمل نفس الاسم لبومارشيه أيضا.
تبدأ أوبرا حلاق اشبيلية بمقدمة موسيقية هادئة تتكون من لحنين أساسيين بعد افتتاح بطيء، ثم يبدأ الفصل الأول الذي نتعرف فيه على أبطال العمل الرئيسيين وهم الفتاة الجميلة روزينا والوصي عليها الدكتور بارتولو الذي يحاول الزواج منها رغم كبر سنه، بعدها يظهر الكونت المافيفا الذي يحب روزينا ويراقبها من أعلى شرفتها، وتبادله الفتاة الحب رغم عدم معرفتها بشخصيته، وتبدأ الأحداث بدخول الحلاق فيغارو وهو شخصية مرحة، ذكية متعددة المواهب، فهو حلاق وطبيب ووسيط في حالات الحب والزواج، وعندما يعده الكونت بمكافأة كبيرة من الذهب يقرر فيغارو تدبير خطة لقاء، مفادها أن يتنكر الكونت بملابس جندي وأن يدعي أنه أحد أفراد فرقة عسكرية دخلت المدينة مساء، وحسب التقاليد فمن حقه دخول أي بيت كضيف، فيختار الكونت منزل الدكتور.