المطالبة بالحضور القوي في الأكشاك
تبقى أول جريدة للجزائر المستقلة وإن مضى على نشأتها نصف قرن وثلاث سنوات دوما، حاضرة في قلوب قرائها، خاصة هؤلاء الذين عايشوا سنواتها الأولى واستمتعوا بقراءتها بكل فخر واعتزاز، وهم يشهدون تحقيق حلم كبير وعظيم، راود الشعب الجزائري طويلا وهو يقاوم الاستعمار الفرنسي، ليرى صحيفة وطنية بأقلام جزائرية حرة، وناطقة باللغة العربية.
من الرّائع لمس هذه المشاعر الطيّبة في كل مناسبة تشارك فيها أمّ الجرائد عبر المعارض، لتلتقي قرّاءها ومن أحبّوها الذين غالبا ما تستوقفهم بعض الذكريات الجميلة حين النظر واستعراض بعض من أرشيفها، عائدين بالحنين إلى ماضي الجريدة ذات الـ 12 صفحة من الحجم الكبير، والتي كان إخراجها يتم في ظروف قاسية من قبل رجال يعرضون حياتهم يوميا لتبعات الرصاص ويعملون لساعات طويلة ليلا، في قبو يتقاسمون فيه الغبار والضوضاء ورواسب المادة الكيميائية القاتلة.
إنّها “الشعب” أمّ الجرائد، التي تظل وفيّة في كل مرة من خلال مشاركتها في المعارض الدولية والوطنية بإصداراتها، بمعارض صورها وبالبعض من أرشيفها الذي لقي في آخر خرجة لها بالمعرض الدولي للكتاب إقبالا منقطع النّظير، واهتماما ملحوظا من قبل المواطنين بمختلف أعمارهم، فمنهم من استوقفه الحنين ومنهم من جلبه الفضول، ليتكرّر مشهد الآباء والأجداد، يشرحون لأبنائهم ولأحفادهم مسيرة كبيرة لهذا العنوان.
طالب العديد ممّن وقفوا على أرشيف “الشعب”، طاقمها بالتفكير في إعادة الإصدارات الثقافية، وكذا العمل على رقمنة الأرشيف ووضعه على الشبكة العنكبوتية، معتبرين أنه ملك وتاريخ للشعب الجزائري.
قرّاء أوفياء.. “الشعب” صحيفتهم
ومن بين التّصريحات التي رصدتها “الشعب” وارتأينا أن ننقلها بمناسبة احتفاء الجريدة بذكرى نشأتها الـ 53، أمنية المعلم المتقاعد حيمي بلقاسم من تيشي ببجاية، الذي تساءل قائلا: “أين جريدة الشعب الغرّاء؟ نريدها أن تصل إلينا حتى يتسنّى لنا التّعريف بها إلى القرّاء بمدينتي. أين أنتم في السوق؟ نريد أن نجد جريدتنا في
الأكشاك”.
كان هذا سؤال القارئ صنوبر صالح من سطيف، الذي يستلزم لنا اليوم الرد عليه، آملين أن يجسّد مشروع شبكة التوزيع الخاصة بالجرائد العمومية، والذي أشار إليه آنفا وزير القطاع.
واستعاد الصحفي عثمان الطاهر ذكريات مروره بالجريدة، كمحرر ومساهم بالعديد من المقالات، معتبرا هذه الفترة بمثابة الزمن الجميل، ومعربا عن سعادته وغبطته لكون اليومية الغرّاء مازالت تصدر وصامدة.
وأشاد من جهته محمد الطاهر الأطرش الجزائري المغترب بفرنسا، بصمود جريدة “الشعب”، التي اعتبرها رمزا من رموز الجزائر، مشيرا إلى أنّها تذكّره بالعصر الذهبي الذي عايشه.
وأشارت من جهتها خديجة بعلي شريف، مديرة مدرسة متقاعدة، شهدت صدور مقال عن نجاحها في امتحانات السنة الأولى جامعي بكلية الأداب كتبه كمال عياش، كما سبق لها وأن نشرت كتاباتها بصفحات الجريدة.
وأضافت السيدة بعلي، أنّ “الشعب” جاءت لمنافسة جريدة “صدى الجزائر” باللغة الفرنسة والتمحور في السوق بالرغم من سياسية “الفرنسة” التي كانت في بداية الاستقلال، “كنا نستحي أن نحمل جريدة باللغة العربية، لكن تغيّرت الأحوال سنة 64، أين بدأت الشعب تلقى صدى، كان ينشر فيها نتائج الامتحانات والدروس بالمراسلة التعليمية والدروس التكوينية للمعلمين، وكانت تشجع مقالات الأقلام الناشئين وتنشر بجرأة قوية جدا، فمن ينسى من جيلنا جريدة الشعب فقد نسي صباه”.
وطالب من جهته الأستاذ تومي حسين من جامعة بوزريعة من الطّاقم الإعلامي للجريدة، العودة إلى السّاحة الإعلامية بالقوّة والحنكة والجرأة التي كانت عليها “الشعب” أيام زمان.