طباعة هذه الصفحة

ولد خليفة أمام رؤساء البرلمانات الإفريقية:

الإصلاحات عززت استقرار الجزائر

«الشعب» - الوكالات: عرض رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة، أمس، بغينيا بيساو، تجربة الجزائر في بناء دولة المؤسسات وترسيخ المواطنة، باعتبارها مصدر شرعية النظام السياسي.
قال ولد خليفة في كلمة له بالمؤتمر 38 لرؤساء البرلمانات الإفريقية الأعضاء في الاتحاد البرلماني الإفريقي، إن الجزائر التي تخوض تجربة إصلاحات قررت دسترة حقوق المواطنين في المشاركة السياسية والتمكين الفعلي للنساء من الحق في المساهمة في بناء المؤسسات السياسية كمرشحات وناخبات ومنتخبات وفي مختلف مستويات القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وأوضح ولد خليفة في المؤتمر الثامن والثلاثين لرؤساء البرلمانات الإفريقية الأعضاء في الاتحاد البرلماني الإفريقي، الذي يدوم يومين، أن “الجزائر التي أسست دولتها بعد الاستقلال على القيم والمعايير والمرجعيات التي تبنّتها ثورة التحرير، ركزت دائما على ترسيخ المواطنة كمصدر حصري لشرعية النظام السياسي عن طريق دسترة حقوق المواطنين في المشاركة السياسية”.
وذكر ولد خليفة، أنه بفضل الإصلاحات العميقة التي بادر بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، من أجل بناء منطق حكم يكرس المواطنة الفاعلة كأساس للمشروعية وكمصدر للتشريع وغاية لكل السياسات العامة، تمكنت الجزائر من “تكريس منطق حكم ديمقراطي تشاركي، مكنها من بناء مؤسسات تتميز بفعالية الأداء ونجاعة في التشريع وعقلانية في التنفيذ”.
ومن ثمرة هذه الإصلاحات أيضا، قال ذات المسؤول، تمكّن الجزائر من “تعزيز استقرارها الوطني، خاصة مع دحر الإرهاب كتهديد أمني والتغلب على كل أشكال التطرف وذلك عن طريق التلاحم بين الدولة والمجتمع في مكافحة هذه الآفة باستخدام كل الوسائل القانونية والأمنية والسياسية”.
واعتبر ولد خليفة في ذات السياق، أن “لسياسة السلم والمصالحة الوطنية الفضل في استعادة الجزائر لعافيتها في واقع جيوسياسي يعرف تنامي التهديد الإرهابي وهذا ما جعلها جزيرة للأمن في بحر من القلاقل والاضطرابات والمخاوف، كما تؤكد ذلك الإحصائيات الدولية حول المقاتلين الإرهابيين الأجانب وكذلك المؤشرات الشاملة للإرهاب عبر العالم”.
وبعد أن استعادت أمنها وتعزيز استقرارها، استطاعت الجزائر تنفيذ عدد من المخططات التنموية الخماسية، مولتها بمئات ملايير الدولارات ومكنها من تحقيق أهداف الألفية للتنمية قبل 2015 مع دعم مناعتها المالية بتكوين احتياطي صرف آمن واستباقي- على حد تعبيره.
كما شملت المخططات التنموية، على حد قوله، “تطوير استراتيجيات اقتصادية متكاملة في الزراعة والصناعة والخدمات، مع بناء شراكات اقتصادية طموحة مع دول كثيرة من مختلف قارات العالم”.
على الصعيد الإفريقي، تطرق ولد خليفة إلى الجهود التي تقوم بها الجزائر باستمرار تجاه شقيقاتها من الدول الإفريقية، من خلال منح تكوينية عالية التخصص في التكنولوجيا والطب والتسيير وغيرها.
كما ذكر رئيس المجلس الشعبي الوطني في هذا الإطار، مسح الجزائر ديون عديد الدول الإفريقية وذلك من أجل الرفع من قدراتها الوطنية لتحقيق مناعة أكبر لمجتمعاتها والكرامة لمواطنيها، إضافة إلى مساعيها الدبلوماسية لحل الأزمات المتراكمة في ليبيا، بعدما نجحت في بناء اتفاق للسلم والمصالحة الوطنية بين الأشقاء في مالي وذلك من أجل المساهمة في بناء الأمن والسلم في قارتنا”.
وبحسب ولد خليفة، فإن ما تعرفه القارة السمراء من التحديات والرهانات الكبرى المرتبطة بتعزيز كيان الدولة والمحافظة على أمنها وإزدهارها، خاصة أمام الاستراتيجيات التي تستهدف الإضعاف والتفكيك، يفرض عمل مشترك وسياسة تحمي الدول والشعوب الإفريقية من النزاعات والكوارث والأوبئة والمجاعة وتفرض التعاون معا من أجل محاربة الإرهاب والمخدرات والجريمة المنظمة بإيجابية، خدمة لمجتمعاتنا وضمانا لمستقبل الأجيال القادمة.
وحول ما يعرفه العالم من تغيرات واضطرابات، انتقد ولد خليفة تحولات في منظومة التفاعلات الدولية عن طريق عولمة إنتقائية باسم عولمة حقوق الإنسان والديمقراطية والتي تستخدم أحيانا في التأثير على استقرار الدول وتجانسها المجتمعي.
قال في هذا المجال: “الديمقراطية، كهيكلة قيمية معرّفة لطبيعة التفاعلات المواطنية في إطار دولة سيّدة، لا يمكنها أن تكون مطابقة لنموذج واحد...  بالنظر لاختلاف الثقافات والمرجعيات الوطنية والتجربة التاريخية والموروث الحضاري والثقافة السياسية وطبيعة المجتمع وطبعه الوطني... ولذلك يجب فهم المعطى الديمقراطي بمعانيه الإجرائية والمؤسساتية التي تعكس كل هذه المتغيرات الوطنية... وليس كنموذج جاهز يستورد أو كتصورات سياسية تنقل من تجارب تاريخية وحضارية ومجتمعية مختلفة”.