ارتكب الاستعمار الفرنسي أبشع الجرائم التي لم تعرفها الإنسانية في حق الشعب الجزائري، وتفننت في ارتكابها منها مذبحة العوفية بالحراش التي وقعت في 26 نوفمبر 1830، حيث نظمت الحامية المرابطة بولاية البليدة مذبحة شنيعة ورهيبة ضد السكان العزل، ولم يرحم في هذه المذبحة لا الشيخ المسن والعجوز الهالكة ولا الطفل البرئ الذي لا يفهم هذه اللغة والأسلوب في تعامل البشر القادم من ما وراء البحر مع أهله الأمنيين في أرضهم.
لقد حولت الحامية الفرنسية مدينة البليدة في هذا اليوم الأسود إلى مقبرة جماعية، وفي ليلة الخامس من أفريل 1832 أعطى دي روفيقو الأمر لقواته بسحق قبيلة العوفية وإبادة أفرادها بالحراش، حيث هاجمتهم قوات العدو لكونها اشتبهت فيهم بأنهم قاموا بسلب مبعوثي، العميل فرحات بن سعيد أحد المتذبذبين بين الولاء للأمير وفرنسا بمنطقة الزيبان، وقد تبين التحقيق بأنه ليس لأفراد القبيلة أيه مسؤولية في ذلك، وللإشارة أن شيخ القبيلة تمت محاكمته محاكمة صورية واعدم رغم أن التهمة لم تثبت عليه ولا على القبيلة وأبشع من ذلك أنهم قطعوا رأسه وحملت هدية إلى الدوق دي روفيقو فقام هذا الأخير بالتبرع برأس الشيخ الربيعة ورأس احد أفراد قبيلته إلى طبيب يدعى بونافون ليجري على الرؤوس تجربة علمية تثبت بأن الإنسان يفقد الحياة مباشرة بعد قطع رأسه، كما اعترفا الرائد موتينياك بجريمة قطع رؤوس العرب عامة وبضواحي سكيكدة ومنها ارتكبت مجزرة رهيبة أيضا بني صبيح هدفها إبادة العرق الجزائري.
لقد كانت قبيلة العوفية الهادئة تعيش ليلتها في حالة من الغفلة حتى فوجئت بهجوم قوات العدو فكانت عملية إبادة لجميع سكانها لأنهم كانوا حليفة المجاهدين في المتيجة، وقتلوا شيخ القبيلة أمام الملأ وباعوا أشياءهم للسفير الدانماركي. وقد توالت سلسلة المجازر بمذبحة أخرى بغار الفراشيش وغيرها.