ناقشت يوم أمس، نخبة من الأساتذة جامعيين، إطارات وممتهني القانون القادمين من تونس، المغرب والجزائر موضوع عصرنة العدالة في الدول المغاربية، في ملتقى احتضنته كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة الجيلالي اليابس بسيدي بلعباس، حيث كانت الفرصة سانحة للمشاركين في عرض تجارب بلدانهم في مجال تحديث العدالة، هذه الأخيرة التي لها صلة وثيقة ببرامج الشراكة على غرار برنامج دعم تحديث العدالة.
ركز الملتقى، الذي نظم من قبل كلية الحقوق، بالتعاون مع مخبر البحث “المرافق العمومية والتنمية” وبدعم من مؤسسة “هانس سيدال”، على محاور تتعلق أساسا بتحديث تسيير الموارد البشرية من خلال التكوين المتواصل للقضاة وممتهني القانون، تحديث الهياكل القضائية والإدارية من خلال إصلاح الجهات القضائية، وكذا المؤسسات العقابية، بالإضافة إلى تحديث الإجراءات القضائية باستخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال.
وقد أجمع المختصون وممتهنو القانون من خلال مداخلاتهم على أن العدالة من المهام التي تطلع بها السلطة، والتي تقع في خضم الأزمات التي تواجهها هذه الدول نتيجة تفاقم المنازعات، فطرق تسيير الجهات القضائية وكذا تنفيذ الأحكام القضائية، هي كلها معوقات تحول دون إرساء عدالة ذات نوعية، وتقف حاجزا أمام تحسين الخدمة المقدمة للمتقاضي. فالتحديث يجب أن يستجيب لجملة من المتطلبات أهمها السرعة من خلال تقليص آجال معالجة الملفات، النجاعة في التسيير الأمثل للموارد البشرية والمالية، النوعية في تحسين آليات إصدار الأحكام القضائية والإنفتاح أيضا من خلال تحقيق الشفافية وتسهيل اللجوء للقضاء.
وفي مستهل المداخلات، تطرق السيد مكامشة غوتي أستاذ التعليم العالي ووزير سابق للعدل إلى موضوع إصلاح وعصرنة السجون في الجزائر، حيث ركز على حقوق النزلاء بالمؤسسات العقابية، وفق ما خوله القانون المدرج في برنامج إصلاح قطاع العدالة الذي إنطلق سنة 1999، مؤكدا في الوقت ذاته على حماية المحبوس، تأهيله وإعادة دمجه في المجتمع.
أما السيدة مشيشي، روضة مستشارة رئيس الجمهورية التونسية مكلفة بالشؤون القانونية لدولة تونس، فقد شرحت تجربة بلدها في مجال القضاء الإداري في محاضرة تحت عنوان «القضاء الإداري في تونس بعد الدستور الجديد»، أين عرجت على المحطات التاريخية التي وقف عندها القانون الإداري بتونس، لتتكلم بعدها عن دستور 27 جانفي 2014 الجديد وسعيه إلى تدعيم هياكل القانون الإداري، وختمت مداخلتها بالكلام عن العوائق والتحديات. وبدورها الأستاذة غيازي منى، من كلية الحقوق بجامعة صفاقس عرفت بالمجلس الأعلى للقضاء التونسي، هذا وتوالت مداخلات المشاركين على غرار السيد مهداوي محمد صالح، مدير ملحقة المدرسة الوطنية لإدارة السجون بالجزائر في مداخلة حملت عنوان «تطوير سياسة إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين في الجزائر». وكذا الأستاذة بن دريس حليمة من جامعة سيدي بلعباس، بمداخلة تحت عنوان «إدارة الجودة الشاملة آلية لتطوير وتنمية قطاع العدالة بالجزائر»، أما اليوم الثاني من الملتقى فسيعرف مناقشة عديد المواضيع أهمها «التقاضي الإلكتروني» من تقديم الأستاذ مفتاح العيد من جامعة النعامة، «أثر التكنولوجيا الحديثة على الإجراءات الجزائية» للأستاذة وسواس فاطمة من جامعة بلعباس، وموضوع «تفعيل استعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال في القضاء» للأستاذ عنتر هواري من نفس الجامعة، وكذا مداخلة بعنوان «إصلاح العدالة في تونس» من تقديم السيد جلول شلبي إطار بوزارة العدل التونسية.