تعزيز قدرات موظفي أسلاك الأمن من شرطة ودرك وطني وأعوان إدارة السجون في تنفيذ القانون، هو الهدف من الورشة التدريبية العلمية العملياتية التي احتضنها، أمس، فندق الهلتون، المندرجة ضمن شراكة مع المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي لمنطقة الشرق الأوسط والمغرب العربي، التي تربطها علاقة وثيقة مع الجزائر وبخاصة مع وزارة العدل واللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان منذ 2005.
جاء تنظيم الورشة، كما ذكر عبد الوهاب مرجانة، الأمين العام للجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، لما تشكله من أهمية في مجال تطبيق القوانين. مفيدا، أنها موجهة أساسا للقضاة، كونهم هم حماة الضبطية القضائية وكذلك للموظفين في مجال تطبيق القانون.
خلفية انعقاد الورشة، كما جاء في تصريح مرجانة على الهامش، إبراز ما توصلت إليه الجزائر من خلال إصلاح منظومتها التشريعية والقانونية، لاسيما الإصلاحات الأخيرة المتعلقة بقانون إصلاح السجون، حتى تصبح تشريعاتنا موائمة للتشريع الدولي. علما أن الجزائر صادقت على كل المواثيق الدولية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان.
هذه الورشة احتكاكية تواصلية بين الخبراء الجزائريين وعرب كما ذكر المتحدث، «حتى نروج لما قامت به الجزائر من إصلاحات في هذا المجال»، مؤكدا «أنْ لا أحد يعطينا دروسا، ولكن مثل هذه اللقاءات تمكن من إعطاء صورة حقيقية من خلال حضور الضباط السامين، منهم وكلاء الجمهورية والقضاة، والهدف إيصال الخبرة الجزائرية في هذا المجال».
وقد ركز عبد الوهاب مرجانة على الحقوق والضمانات التي يتمتع بها الموقوف قبل المحاكمة، وهي إجراءات تحمي الموقوف وتعزز قدرات الشرطة والمكلفين بتنفيذ هذه القوانين، لافتا إلى أن «هناك أمورا إيجابية لابد من ترويجها، والسلبية نعمل على تصحيحها. والجزائر لا يمكن أن تبقى دائما بصفة المدافع فقط»، وأكد يقول: «بدون غلو، الجزائر في راحة فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان، ما يؤكد ذلك الوضعية الحالية للسجون التي عرفت تحسّنا كبيرا».
من جهته أشاد هيثم شلبي، نائب مدير بالمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (المنظمة دولية غير حكومية تعمل في إطار إصلاح المنظومة الجنائية)، بالمجهودات التي بذلتها الجزائر في مجال حماية الحقوق، حيث قطعت، كما قال، خطوات كبرى في مجال التشريع، غايتها بناء كرامة الإنسان وحماية حقوقه، تعكس ذلك إرادة سياسية لتطوير قطاع العدالة، مشيرا أن الجزائر شاركت فيما لا يقل عن 50 ورشة دولية وإقليمية.
كما نوه السفير البريطاني بالجزائر أندرو نوبل، الذي حضر افتتاح أشغال الورشة، بالأشواط الكبيرة التي قطعتها الجزائر في مجال حماية وترقية حقوق الإنسان. وقال في مداخلة مقتضبة، إن بلده استغرقت ما لا يقل عن 800 سنة لوضع تشريعات وقوانين في هذا المجال، فيما كانت بلادنا أكثر سرعة وفعالية في تشريعاتها وقوانينها. وذكر في تصريح له على الهامش، أن الجزائر تتمتع بإطار قانوني جيّد، يخضع دائما إلى العصرنة. ولكن من الضروري أن يعرف المحامون والقضاة كيف يستعملون هذه القوانين لحماية أحسن لحقوق المواطنين.
وقد تم خلال الورشة توزيع دليل عملي، أنجز بالتعاون مع الجمعية الدولية لمناهضة التعذيب، وهو عبارة عن آلية عملية موجهة خصيصا لفرق اللجنة المكلفة بزيارة أماكن الاحتجاز، وكذا السلطات العمومية وبخاصة أعوان إدارة السجون، متمرسي القانون، وكذا الباحثين والفاعلين في المجتمع المدني.
يذكر، أن هذه الورشة التي تدوم 3 أيام، ستتبع بست ورشات أخرى، تكلل بتنظيم مائدة مستديرة يوم 20 ديسمبر المقبل، تتوج بتوصيات عملياتية، تحرر في وثيقة وتكون بمثابة دليل يوجه إلى القطاعات المعنية، مع العلم أن الورشة القادمة ستنظم يوم 21 نوفمبر الجاري ببسكرة.