فرنسا التي تصنف الشريك الاستثنائي لدحض «الإرهاب» والقضاء عليه في العالم، يضربها هذا الوحش الهمجي في عقر دارها وهو الذي ترعرع وكبر ومازال يفترس الأبرياء في مشرق العالم ومغربه.
عقب ست إنفجارات متتالية بباريس وضواحيها، ليلة أول أمس، مخلفة أكثر من ١٢٨ ضحية وحوالي 200 جريح منهم 100 حالتهم حرجة والحصيلة مرشحة للارتفاع، حسب مصادر أمنية فرنسية، حصيلة تقول عنها وسائل إعلامية هنا بفرنسا أنها لم تشهدها منذ الحرب التحريرية التي خاضتها ضد الجزائر.
بعد الحادث الأليم الذي اهتز له كل العالم بدقائق، يطل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عبر الإعلام، ويكشف عن غلق الحدود مع دول الجوار وإعلان حالة طوارئ كإجراءات أمنية أولية مستعجلة قبل أن يدخل إلى الاجتماع الطارئ مع الحكومة.
قرار قد يكون صائبا مؤقتا، لكنه لا يتعدى أن يعاد النظر فيه عشرات المرات في الأيام القليلة القادمة، فرنسا لا تستطيع غلق الأبواب علی نفسها والدخول في عزلة وهي التي تنتظرها عدة أنشطة رياضية مهمة وعريقة ستقام خلال هذا الموسم. فرنسا تجد نفسها ملزمة بفتح حدودها بل فتح أحضانها في القريب العاجل أمام جيرانها للترويج لسياحتها ودعم اقتصادها من أجل استقطاب العالم وإنجاح التظاهرات التي تدر علی عاصمة الجن والملائكة بملايير اليوروهات.
علی غرار كأس أوروبا للأمم، التي من المنتظر أن تجری فعاليتها بباريس ومختلف المدن الفرنسية، هذا الحدث يجعل من فرنسا محط أنظار الشعوب الأوروبية إن لم نقل عيون العالم. ملايين المناصرين سيتنقلون لمتابعة مختلف المباريات خلال شهر كامل من الزمن.
«رولاند غالوس» للتنس مناسبة رياضية أخرى لا تقل أهمية وشعبية عن كأس أوروبا للأمم، تحظی هي الأخری بأكبر نسبة من المتابعة دوليا، إلى جانب التظاهرة العريقة دورة فرنسا للدراجات الهوائية، وهي التي تعد جزء من جمالية باريس وتاريخها العتيق، أمام هذه الأحداث المهمة ومن أجل إنجاحها وعدم التفكير في إلغائها، فرنسا تجد نفسها أمام تحد كبير لمضاعفة ميزانيتها من أجل تعزيز الأمن لحماية مواطنيها والحفاظ علی أرواح زوارها وعشاق بلاد الحرية وحقوق الإنسان.
موجة من الذعر والقلق تنتاب الفرنسيين بعد الأحداث الإرهابية الأخيرة، التي راح ضحيتها 128 قتيل و300 جريح، هذه الحالة النفسية الصعبة للفرنسيين زادت سوءا، بعد تكرار سيناريو الإرهاب الذي لم يعد جديدا علی فرنسا وفي مختلف مدنها، منذ بداية عام 2015.
بداية مع أحداث «شارلي أيبدو» الصحيفة الفرنسية الساخرة، التي اقتحمها الإرهاب وقتل 12 عاملا، تليها الحادثة المرعبة التي صنعها الإرهابيون بمتجر لمالك يهودي مخلفين قتيلين. مسلسل الهلع تواصل كذلك مع اغتيال صاحب مصنع بضواحي منطقة ليون وقطع رأسه في منتصف العام وآخرها كذلك الهجوم الإرهابي داخل القطار بين أمستردام وباريس، الذي لحسن الحظ لم يخلف ضحايا لتواجد عسكريين فرنسيين وأمريكيين أجهضوا العملية.