نددت، أمس، نقابة ناشري الكتاب، على لسان رئيسها أحمد ماضي، بالتصرفات الغريبة وغير المسؤولة التي اعتمدها مؤخرا الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، بإصداره دفتر الشروط الخاص بالمناقصة الوطنية المحدودة رقم 07/م.ص/2015، في آجال غير قانونية وبنقائص فاضحة، سواء من الجانب القانوني أو الاقتصادي، الأمر الذي يعود، بحسبه، «بالسلب على الناشرين عامة وعلى الطفل المتمدرس بصفة خاصة».
سجلت النقابة، يقول ماضي، خلال الندوة الصحفية التي نشطت بمقرها، استياءها الكبير من مخالفة الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية للمواد 15، 17، 94 و114 من قانون الصفقات العمومية، بإصداره دفتر الشروط. مع العلم أنه مؤسسة عمومية ناشرة ومنافس للمؤسسات الخاصة المعنية بالمناقصة، مناشدا الوزير الأول عبد المالك سلال، ووزيرة التربية، بالتدخل. كما دعت في السياق ذاته، نقابات التربية وجمعيات أولياء التلاميذ للتحرك إزاء هذه المؤامرة، ووضع حد لمهزلة خطيرة في حق الكتاب.
وأوضح ماضي في ذات السياق، أن القانون ينص على أن وزارة التربية الوطنية هي المسؤول الوحيد المخول له إصدار دفتر الشروط وإشهار المناقصة على مستوى الإعلام العمومي والخاص وليس للديوان.
من بين النقاط السوداء الخطيرة التي سجلتها ونددت بها النقابة، يقول ماضي، «إعلان الديوان عن دفتر الشروط والمناقصة يوم 29 أكتوبر، تزامنا مع الاحتفاء بذكرى الفاتح نوفمبر، وأيضا تنظيم فعاليات الصالون الدولي للكتاب، أين كان جميع الناشرين مهتمين بالمشاركة»، وكذا تحديد مدة زمنية محدودة مقدرة بـ15 يوما فقط مع 4 أيام عطلة. مع العلم أن قانون الصفقات ينص على مدة 45 يوما مع تمديد الآجال، بالنظر إلى أيام العطل».
و»ارتابت النقابة من النقائص في الشكل التي تضمنها دفتر الشروط، والخاصة بطلب من المشارك الإفصاح عن أسماء مكونات لجانه، تقديم الأسعار، مع العلم أن لا شيء قد ورد في الدفتر بخصوص عدد الصفحات وكمية الكتب المطلوبة، فكيف يطلب منا تحديد السعر مسبقا؟»، أضاف ماضي مستغربا.
زيادة في وزن وحجم الكتاب المدرسي
استنكرت النقابة بقوة «ما جاء في دفتر الشروط من طلب زيادة في حجم الكتاب، من 20-28 سم إلى 21-28.7 سم، وكذا زيادة وزن الغلاف لينتقل من 250 غرام إلى 300 غرام، وبالتالي فهناك زيادة فادحة في وزن الكتاب وفي سعر التكلفة، معتبرة في ذات السياق هذه النقطة بمثابة إخلال بالإصلاحات التي شهدها مجال الكتاب المدرسي».
من غرائب دفتر الشروط هذا، يقول ماضي، في سياق حديثه، «مطالبة الناشرين الذين ترسو عليهم المناقصة بطبع وتوزيع الكتاب الذي سيصبح ملكية للديوان بعد 3 سنوات من إصداره وهذا الأمر لا يمتّ للعقلانية بصلة».
من بين السلبيات التي انتقدتها أيضا نقابة الناشرين وبقوة، «فارق السعر بين ثمن الطباعة وبيع الكتاب للطفل»، إذ قال ماضي «على سبيل المثال أن كتاب السنة الثانية ابتدائي ذا 124 صفحة يطبعه الناشر المناول للديوان بـ79 دينارا، ويباع بسعر 215 دج، فهل من المعقول أن تقدر تكلفة التوزيع بـ300 من المائة؟، ناهيك أن الثمن قد يتعدى 300 دج في السوق الموازية؟».
وأعربت نقابة ناشري الكتاب عن «استيائها العميق لهذه التجاوزات والمخالفات الخطيرة لقانون الصفقات، كاشفة عن مراسلتها العاجلة لوزيرة التربية، واستعدادها التام لمواصلة التنديد وفضح مؤامرة الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، الذي أسند المناقصة بعد فتح الأظرف، يقول ماضي، إلى كل من «دار القصبة» و»دار الشهاب» ومؤسسة «إيناغ» و»دار الهدى» و»مؤسسة الهلال» و»أوراس للتغليف».
وكشف ماضي في هذا السياق، أن الديوان قد قام بإطلاق مناقصة جديدة، بالرغم من أن الكتاب المدرسي لم يشهد تغييرا في المحتوى، وقد كان بإمكانه إعادة طبع الكمية المطلوبة بالاستعانة بالمناولة، ليساعد متعاملين قدامى معه - «دار الشهاب» و»دار القصبة» - على تجديد عقودهما للاستفادة من الصفقة».
كشف مدير دار النشر «المعرفة»، فيصل هومة، ‘’عن خبايا صفقة خطيرة يزاولها الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية بالتعاون مع مؤسسة الهلال للتغليف، التي تموله بالورق، والتي تقوم تارة بدور المستورد للورق، وأخرى بالطباعة ومرة ثالثة بدور الناشر».
وأكد فيصل هومة، أن الهلال مول الديوان سنة 2012 بـ12 ألف طن من الورق، بسعر 120 دج للكلغ، في حين كان السعر في سوق التجزئة لا يفوق 90 دج للكلغ. كما تعد الكمية كافية لتلبية نشاط الديوان لمدة 5 سنوات. لكن هذا الأخير قد أبرم صفقة أخرى مع الهلال لشراء 3 آلاف طن أخرى من الورق سنة 2014 بسعر 125 دج للكلغ، الأمر الذي يلحق عجزا بقيمة 46 مليار دينار سنويا يتكبده أولياء التلاميذ، ليبقى السؤال مطروحا: لماذا كل هذا الفساد؟».