من قال إن الرواية والشعر لا يبيعان؟
تردّد كثيرا القول بعزوف جمهور القرّاء عن شراء الكتاب الأدبي، لا سيما الرواية وديوان الشعر، ما دفع الناشرين إلى التخوّف من المراهنة على الأدباء، خاصة الشباب منهم، لأسباب اقتصادية نتفهمها. ولكن هذه الطبعة العشرين من صالون الجزائر الدولي للكتاب أظهرت العكس لكثير من العارضين، حيث أكد لنا ناشرون وجود إقبال على الرواية والشعر، وعزت صاحبة دار «ميم» للنشر ذلك إلى وسائل الاتصال الحديث، فيما اعتبرت دار «فيسيرا» بأن الإقبال على الشعر الشعبي لم ينقطع يومًا.
ما تزال آسيا علي موسى، صاحبة دار «ميم» للنشر، تراهن على الكتب الأدبية، حيث دخلت المعرض بـ 14 عنوانا جديدا، جلّها لكتّاب شباب في مجال الرواية والشعر وحتى الدراسات، فمثلا في مجال الإصدارات الأولى نجد رواية سليمان بوقر بعنوان: «الطريق»، وهي الأولى ضمن ثلاثية «الظل المسجون». وهناك أيضا الكاتبة صالحة العراجي، بعد مجموعتها الشعرية، تعود لنا برواية «ما لم تقله التينة الهرمة»، وكذا كاتبة جديدة اسمها سامية بن دريس، تقول عنها صاحبة «ميم للنشر» إن لديها الكثير من الأعمال الجيدة وغير المنشورة، وتقترح علينا أحد هذه الأعمال وعنوانه: «رائحة الذئب»، وهي رواية من إصدار الكاتبة.
سألنا الأديبة والناشرة آسيا عن المقولة الرائجة بكون الأدب والشعر صعبا المبيع في معارض الكتاب، وقالت إن هذه المرة الأولى التي تصدم فيها إيجابيا، لأن الإقبال موجود على المادة الأدبية، ولا يتعلق الأمر هذه المرة بالفئات العمرية المتقدمة، لأن الإقبال هو من الشباب، «هنالك شيء يحدث ولست قادرة على شرحه، ولكن هناك شباب يأتون ويطلبون أسماءً غير معروفة وعناوين جديدة موّجهة للشباب». سألنا آسيا إن كان السبب وراء ذلك هو مواقع التواصل الاجتماعي، وفايسبوك هو أكثرها انتشارا في الجزائر، فأجابت: «أكيد.. هذه الوسيلة تؤتي نتائج ليست فقط إيجابية بل مذهلة.. والمشكل إذن كان مشكل إعلام وإشهار، ولا يجب أن نكثر من الشكوى لأن النتائج بعد بضعة أيام من الصالون مذهلة بالفعل».
وعن مشاركتها برواية ما في جائزة آسيا جبار في طبعتها الأولى، قالت صاحبة «ميم للنشر» إنها رشّحت رواية الكاتب محمد بورحلة، إيمانا منها به «ما زلت أؤمن وسأظل أؤمن ببورحلة ككاتب متميز لم ينل حقه في هذا المشهد».
أما أحمد رمزي ومان، مدير جناح دار «فيسيرا» للنشر والتوزيع، فقال إن الدار تراهن هذه السنة على «معجم العامية الدزيرية بلسان جزائري مبين»، وهو أول معجم جزائري يعتني باللّغة العامية وشرحها، وأصل الكلمة، وهو للباحث والإعلامي مهدي براشد، وهناك كذلك رواية «الموت في زمن هش» التي صدرت عشية انطلاق المعرض، والتي ألّفها الشاب محمد رفيق طيبي الذي فاز بجائزة علي معاشي للرواية هذه السنة، وكذلك رواية «حارس الحظيرة» للإعلامي الجزائري المغترب بالإمارات إسماعيل مليلي. ويضيف: «ما نراهن عليه أكثر هو رباعيات عبد الرحمن المجدوب التي تصدرت أكبر المبيعات لأربع سنوات متتالية، ونفذ هذه الطبعة الخامسة منه، ونراهن عليه لأن رباعيات المجدوب من واقعنا المعيش ولغتنا كلها أمثال شعبية أغلبها منسوب إليه، وللمحافظة على هذه الأمثال وليتناقلها شبابنا، ولكنها عرضة للتحريف لذا نسعى من خلال هذا الإصدار إلى العودة إلى أصل المثل المنتشر في المغرب العربي ككل».
واعتبر محدّثنا بأن التراث والشعر والأدب الشعبي «دائما ما يحقق مبيعات كبيرة، ومهما تطورنا يرجعنا الحنين إلى الأصل، مثلا: كتاب لخضر بن خلوف نفذ، وكذلك الأمر في الجناح المغربي، أين نجد قدور العلمي وغيره من الأسماء المغربية الكبيرة التي تنفذ كتبها في يومين أو ثلاثة، ودائما ما يبحث زوارنا على بن مسايب وبن قيطون وبن كري، وكتبهم تنفذ كذلك، وإذا قمنا بمقارنة بسيطة مع الشعر الفصيح، نجد الشعر الشعبي أكثر رواجا ومبيعا، وحتى الشعراء الشباب في الملحون تباع كتبهم بشكل جيد».