أكد وزير التكوين والتعليم المهنيين الأسبق، الهادي خالدي، أمس، خلال تنشيطه ندوة علمية نظمتها كلية الاقتصادية والتجارية بجامعة محمد بوضياف بالمسيلة، بالتنسيق مع النقابة الوطنية للأساتذة الجامعين فرع المسيلة، أن سياسة التقشف أمر وارد ولابد منه لمجابهة أزمة انهيار أسعار البترول وانتهاج سياسة الترشيد الاقتصادي للنفقات.
أوضح خالدي الأستاذ المحاضر بجامعة الجزائر، في مداخلته أن الأزمات الاقتصادية ليست وليدة الحاضر فقط، وإنما هي امتداد واقع منذ القدم، حيث ظهرت العديد من المؤلفات الاقتصادية للعديد من المفكرين الاقتصاديين وبروز ما يعرف بالاقصاديين المتخصصين باقتصاد الأزمات، منوها إلى أن الاقتصاد الرأسمالي يعتبر اقتصادا جيبيا فقط، يعاني عدة أمراض على رأسها التضخم الذي ينجم عن حياة الرفاهية ويؤدي إلى بطالة في كل الموارد الاقتصادية، منتقدا في ذات السياق، النظرية المالية التي تفيد أن التضخم والبطالة هما خطان متوازيان ولا يلتقيان، واعتبر الطرح غير صحيح، مذكرا أنه خلال أزمة الثمانينيات ظهر ما يعرف الكساد التضخمي، الذي دفع بالحكومات والباحثين إلى التنافس حول إيجاد برامج لامتصاص البطالة وكثرة العمالة، ومن بين المتنافسين أشار المتحدث إلى الباحث فريدمان وكليزمان.
عن الاقتصاد الجزائري، أكد خالدي أن الاقتصاد الجزائري يعاني وبشكل كبير تدخل الدول وخاصة في ما يتعلق الانتقال من الاقتصاد الموجه إلى الاقتصاد الحر، والاعتماد سياسات التركيز على البترول، وعدم الاعتماد على عدة قطاعات أخرى هامة كالسياحة والصناعة والفلاحة، وأضاف المتحدث إلى أن ارتفاع أسعار البترول يلعب دورا في التمويل التنموي من خلال الجباية البترولية ويقوم في تطوير نفسه بنفسه.
بشأن الاستراتيجيات الواجب انتهاجها للخروج من الأزمة ولو بشكل بسيط، أكد المتحدث أنه لابد من البحث عن سياسة تتعلق بربط الأسعار بالأجور والقدرة الشرائية، خاصة وأن الاقتصاد الجزائري لم يتمكن من التحول من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد حر، ولابد من التمييز بين الاقتصاد الموجه واقتصاد السوق، وكذا اللجوء إلى الاقتراض من الجمهور والاعتماد على السندات والأسهم وتشجيع السوق المالية التي لم يرق هدفها إلى الذي نصبو إليه.
طالب خالدي، إلى ضرورة مراجعة قيمة الدينار الجزائري ومحاربة السوق المالية الموازية، لأنها ـ حسبه ـ تحتكر 4500 مليار دولار بقيمة 50 من المائة من الكمية النقدية، مضيفا أن ما يحتاجه الاقتصاد الجزائري هو آليات كبيرة والتي هي من صلاحيات السلطة النقدية، وهي في الوقت الحالي ـ حسبه ـ مستقلة، ممثلة في البنك المركزي وكذا آليات لامتصاص الكتلة النقدية التي هي خارج الإطار القانوني ومحاربة السوق الموازية للسلع والخدمات وإلغاء سياسة التحويلات الاجتماعية، وهذا قصد الحفاظ على تمويل النفقات.
في حين كشف المتحدث عن عدة أرقام تخص الاقتصاد الجزائري، والتي اعتبرها البعض غير مطمئنة، وعلى رأسها انخفاض أسعار البترول بـ50 من المائة وبلوغ نسبة التضخم النقدي نسبة 03 من المائة والنمو الاقتصادي بـ3.42 من المائة. أما النفقات العمومية فقد بلغت 8858.1 مليار دولار بزيادة تقدر بـ15.7 من المائة، وكذا عجز الميزان التجاري بـ22.1 من المائة وهذا بالنسبة للناتج المحلي الخام، وكذا الإيرادات خارج المحروقات بقيمة 1961.7 مليار دولار.