طباعة هذه الصفحة

روسيا تعود إلى الواجهة

س ــ ناصر
03 نوفمبر 2015

بات الكل يعلم أنّ روسيا لم تعد كما كانت مقزّمة ومهزومة في عهدي غورباتشوف ويلتسين، وأنّ ذلك العهد قد انتهى وأنّ المارد الروسي الذي كان نائما تحت ضربات التفكك والإنفصال والاقتصاد المدمر، استيقظ وعاد إلى طاولة الخمسة الكبار بقوة، ويبدو أنّ الحكم الأحادي للعالم قد انتهى وإلى غير رجعة.
أعلنت قيادة القوات البرية الروسية في الفترة الأخيرة عن خطط لتجهيز لواء الصواريخ المرابط في “كالينينغراد” بمنظومات “إسكندر ـ إم” بحلول سنة 2018 مثل ألوية الصواريخ الأخرى في الجيش الروسي، كما أنّ اتخاذ روسيا لقرار التدخل عسكريا بالتنسيق مع نظام الأسد أخلط الأوراق وأربك الغرب.
فقد ذكرت وسائل إعلام غربية مؤخّرا بأنّ واشنطن تدرس خيار نشر صواريخ مجنحة وبالستية في أوروبا وآسيا ردا على الانتهاكات الروسية المزعومة لاتفاقية الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، حيث نشرت قائمة بأخطر الأسلحة الروسية، وقد أعربت موسكو عن قلقها من مثل هذه الأنباء وجدّدت نفيها لجميع الاتهامات الأمريكية في هذا الشأن.
أمام هذه التطورات، قرّر حلف شمال الأطلسي وحلفاؤه القيام بأكبر تدريب عسكري منذ أكثر من عقد من الزمن بدأه يوم 19 أكتوبر ويستمر على مدى أكثر من شهر، وشارك في هذا التدريب 36 ألف جندي و230 وحدة عسكرية و140 طائرة وأكثر من 60 سفينة، ويريد الحلف أن يظهر أنه بوسعه التحرك حسب وزير الدفاع البريطاني “مايكل فالون” في عالم أكثر قتامة وخطورة.
وقد ذكر “بوشكوف” أنّ غواصات روسية مزودة بقدرات إطلاق صواريخ نووية تجوب مياه المحيط الأطلسي ردا على خطط حلف شمال الأطلسي تكثيف عملياته في شرق أوروبا، كما أبعدت القوات الروسية طائرة تجسّس أمريكية كانت متجهة نحو الحدود الروسية وحلقت أيضا مقاتلة روسية فوق مدمرة أمريكية على ارتفاع 150 مترا، وقد حذر البنتاغون روسيا من آثار اعتراض طائرته فوق بحر البلطيق.
وقد أعربت بريطانيا عن امكانية نشر صواريخ نووية أمريكية في أراضيها، كما هدّدت واشنطن بنشر صواريخ مجنحة في أوروبا وآسيا، وهذه التصريحات لن تؤدّي إلاّ لتصعيد التوتر بمنظور الكرملين الذي سيراقب التطورات حول هذا الموضوع عن كثب، وأن المناقشات بشأنه جارية، وموسكو طبعا ترفض الابتزاز وستتّخذ خطوات في مجرى تصعيد التوتر لا تصبّ في مصلحة أحد.
كما أنّ تناول هذا الموضوع في حد ذاته لا يساهم في تعزيز الثقة المتبادلة وتوازن المصالح، حسبما ذهب إليه الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي “ديميتري بيسكوف” في تعليقه على تصريحات منسوبة لوزير خارجية بريطانيا “فيليب هاموند”، الذي كان يشغل وزيرا للدفاع سابقا، والذي قال أن بلاده مستعدة لاستضافة صواريخ نووية أمريكية على أراضيها مجددا على خلفية تنامي التوتر في العلاقات مع روسيا، وبتصريحاته تلك أراد أن يرسل إلى الرئيس الروسي بوتين إشارات واضحة بعدم السماح بتجاوز الخطوط الحمر المحددة ردا على تكثيف النشاط العسكري الروسي، بما في ذلك نشر صواريخ جديدة في مقاطعة “كالينينغراد” المطلة على بحر البلطيق.
ونبّهت الخارجية الروسية من مغبة تكرار الخطأ المرتكب في أفغانستان والعراق على سوريا بعد أن قرّرت أمريكا إرسال قوات خاصة إلى شمال سوريا، وحذّرت موسكو من أنّه لا يمكن لأي دولة استخدام القوة العسكرية في سوريا دون موافقة السّلطات السّورية.