طباعة هذه الصفحة

احتضن مؤتمر الصومام التاريخي

«متحف إفري» يخضع للترميم بعد الإهمال

بجاية: بن النوي. ت

أمر أولاد صالح زيتوني والي بجاية، بإنجاز دراسة جيولوجية في منطقة إفري من أجل ترميم المعلم التاريخي، المتمثل في الكوخ الذي انعقد فيه مؤتمر الصومام، حيث أن الجدار الوقائي للكوخ شهد تصدّعا بسبب انزلاق التربة.

جاء هذا القرار الذي استحسنته الأسرة الثورية ومواطنو الولاية، خلال الزيارة التي قادت المسؤول الأول على الجهاز التنفيذي للولاية، رفقة مدير الثقافة، مدير المجاهدين، رئيس بلدية إفري ومجاهدي المنطقة، حيث تم تخصيص غلاف مالي معتبر من أجل تجسيد هذا المشروع للحفاظ على الذاكرة ومكاسب الثورة.
يعد «متحف إيفري» مزارا ورمزا عظيما بالنسبة لسكان المنطقة وللجزائر ككل، تمّ افتتاحه سنة 1984 في العهدة الرئاسية للشاذلي بن جديد، وذلك تخليدا للذاكرة الوطنية، إذ يمثل المتحف عنوانا لتاريخ الجزائر الحديث ورمزا من الرموز المخلدة لثورة نوفمبر المجيدة لارتباطه الوثيق بمؤتمر الصومام 20 أوت 1956.
ففي هذا المكان، اجتمع رجال أكفّاء مشبّعون بالروح الوطنية واتفقوا على مبدإ واحد وكلمة فاصلة، ألا وهو تنظيم الثورة المظفّرة وإرساء أسس جزائر ما بعد الاستقلال ستبنى بعزيمة وإرادة الشعب، وما اختيار هذا المكان لعقد مؤتمر وطني ضمّ أبرز قادة الثورة، وفي توقيت جدّ حساس، لم يكن صدفة وإنما ينبع من الثقة التي وضعها هؤلاء الرجال في سكان المنطقة المعروفين بنخوتهم واعتزازهم بوطنيتهم.
لهذا، فإنّ سكان إيفري مازالوا يعتزون ويفتخرون بمنطقتهم وبالثقة التي مُنحت لهم ولم يخيّبوا، بل بالعكس فقد عملوا المستحيل من أجل ضمان سلامة قادة الثورة، بالتالي ضمنوا نجاح المؤتمر الذي تكلّل بميلاد ميثاق الصومام المشهور.
يستقبل المتحف حشودا كبيرة ممن يرغبون في استكشاف المكان، عبر بوابة تنفتح على فناء كبير مبلّط وحوله تنتصب تلك النّصب التذكارية وكأنّها جالسة على عروشها وجدرانه مزيّنة بمنحوتات غاية في الإبداع، كما يمكن للزائرين رؤية تلك الأسلحة الجميلة التي تعود بمخيلته إلى زمن الحروب.
كما يحتوي الفناء على سلّم واسع يؤدي إلى منصة كبيرة محاطة بالرخام، حيث غنّت لأول مرة يوم افتتاح المتحف عام 1984 المطربة الراحلة وردة الجزائرية، وفي أعلى الفناء وبين أشجار التين وكرمة كبيرة من العنب، يمكن رؤية ذلك المنزل القديم ذي الطراز القبائلي الأصيل، وهو يفتح أبوابه للزّوار بصدر رحب.
تنبعث من بين ثنايا المنزل رائحة البطولات التي ترسلها تلك الصور واللوحات الخالدة، التي ترمز لأبطال الثورة التحريرية، وكأن خيالاتهم تعود بنا إلى زمن عبان رمضان، لخضر بن طوبال والقائد قاسي وصديقه، وهم فيه يدردشون بأصوات خافتة حول نار هادئة في إحدى زوايا المنزل.
وأنت تشاهد تلك المنحوتات وكأنّك تسمع صدى أصواتهم تنبعث من جدران ذلك المنزل، الذي هو عبارة عن متحف تاريخي يضم العديد من اللوحات والصّور التي تبرز أهمّ مراحل الثورة المجيدة. إلى جانب ذلك يحتوي المنزل على مقالات صحفية، برقيات ومراسلات رسمية، أسلحة وبنادق قديمة، الزي العسكري للمجاهدين والشهداء وحتى للجنود الفرنسيين إلى جانب خوذاتهم، كما يضم المتحف أيضا أجنحة لطائرة الهليكوبتر يتمّ عرضها للزوّار بكل فخر واعتزاز.
وبجوار المتحف توجد مكتبة تضمّ العديد من الكتب والمراجع التاريخية، ويوجد حوالي 500 كتاب يتصفحها الطلبة والباحثون من أجل إثراء معارفهم وأبحاثهم.