أكّد وزير الطاقة صالح خبري، خلال إشرافه أمس، على افتتاح الصالون الدولي السادس للطاقات المتجددة والنظيفة والتنمية المستدامة بوهران، مضي الجزائر في تجسيد برنامجها الوطني الخاص بالطاقات البديلة، بما في ذلك صياغة الأطر القانونية المشجعة على الاستثمار في الجزائر.
وخلال كلمة ألقاها بالمناسبة، أكد خبري، أن دائرته الوزارية، أعدت مخطط عمل لاستغلال هذه الطاقة على المدى الطويل، وذلك من أجل التقليص من استخدام الطاقات التقليدية، مراهنا على الصحراء الجزائرية، بإمكانياتها الشمسية الكبيرة ورمالها الهائلة وأرضها الواسعة، أمام التراجع المتواصل لأسعار البترول في الأسواق العالمية، والارتفاع المتزايد لاستهلاك الطاقة على الصعيد الوطني.
كما أشار الوزير إلى أهمية الطاقات الكامنة من طاقة الرياح والكتلة الحيوية والطاقة الباطنية والكهرو/مائية، و أعلن عن مشاريع هامة لإنجاز حقول رياحية، وأخرى تجريبية، تعتمد على الكتلة الحيوية والحرارية الباطنية، كما كشف الوزير عن مشروع إنجاز محطتين لتكرير المازوت بطاقة إنتاج 5 مليون طن، وأكد سعي الوزارة إلى تخفيض فاتورة استيراد هذه المادة، والمقدرة بمليوني طن سنويا، مشيرا في سياق متّصل إلى أن التسعيرة الجديدة للكهرباء لا تعني المواطن البسيط.
وقد أكّدت الجزائر على لسان وزير الطاقة مشاركتها المنتظرة في الندوة الدولية حول التغيرات المناخية، المزمع عقدها بباريس في الرابع من ديسمبر المقبل، هذه المساهمة، ستمتد من 2020 إلى 2030، تستهدف رفع الإنتاج الوطني من الكهرباء بـ27 بالمائة، ومساهمات أخرى، وصفها الوزير بـ«الفعالة لمقاومة التغيرات المناخية والاستفادة من الدعم الدولي في مجال التمويل ونقل التكنولوجية وتنمية إمكانيات الجزائر عبر الصندوق الأخضر للتحولات المناخية.
وعلى هذا الأساس فان الجزائر - كما قال وزير الطاقة ـ تسعى إلى التقليل من الطاقات التقليدية والاستغلال الأمثل للطاقات المتجددة، من خلال إنتاج ما لا يقل عن 400 ميغاواط من الكهرباء خلال سنة 2016 والوصول إلى ما لا يقل عن 5000 ميغاواط مع حلول عام 2020 ثم 17 ألف ميغاواط أفاق 2030، سعيا منها لتحقيق إنتاج، يعادل 27 في المائة من الطاقة الشمسية على المدى الطويل.
تأمين الموارد الطاقوية
ويعكس انعقاد الصالون الدولي السادس للطاقات المتجددة والنظيفة والتنمية المستدامة عزم الجزائر على تأمين مواردها، عبر تنويع مصادرها ومواكبة مستجدات الاقتصاد العالمي، ويعد هذا الخيار من المحاور الرئيسية لتوجهات السياسة الطاقية الوطنية الجديدة ورغبتها في الاستفادة من خدمات الصندوق الأخضر للمناخ، بهدف ترقية الطاقات المتجددة في البلاد، خاصة في مجال التكوين والدعم التكنولوجي.
ويتجلى ذلك، من خلال قانون المحروقات الذي صادق عليه مجلس الوزراء مؤخرا، كما ألح رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، خلال اجتماع مصغر، خصّص لتقييم قطاع الطاقة والمناجم على ضرورة تكثيف البحث عن مصادر بديلة للبترول وتطوير استخداماتها في المجالات المختلفة للتنمية، وذالك بالاعتماد على الخبرات والتجارب والدراسات المتخصصة.
من جانبه، أكّد والي ولاية من خلال محاضرة ألقاها خلال افتتاح الصالون، على أهمية هذا النوع من المبادرات التي أصبحت تحتضنها ولاية وهران بصفتها واحدة من كبريات مدن الجزائر التي بدأت تستعيد مكانتها الاقتصادية، جعلتها قبلة للمستثمرين في مجلات الطاقات المتجددة، لما توفره هذه الولاية من التسهيلات الميدانية والعملية، التي تسعى من خلالها السلطات العمومية المحلية إلى تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية الهادف إلى تمكين المواطن من حقوقه كاملة.
وتواصل هذا الاهتمام مع الإدراك، بأن الطاقة الشمسية التي تستقبلها صحراؤنا سنويا، تعادل 26 مرة حاجة العالم بأسره من كل الطاقات عام 2030، وأنّه في حالة تم استعمال مولدات كهرشمسية كبيرة في الصحراء، وتمّ شق الطرقات والساحات الخضراء الكبيرة المشجرة لتصفية الهواء، تستطيع الصحراء بالجزائر، أن تمدنا بأكثر من 60 ألف جيكا وات، أي ما يقارب 3 آلاف مرة، ما ننتجه الآن من الكهرباء، حسب تأكيدات “فلازي سمير”، مسؤول محور تطبيقات الطاقة الشمسية والوصل بالشبكة الوطنية والكابلات عظيمة الناقلية في اتفاقية “المربي الصحراوي للطاقة الشمسية في جامعة العلوم والتكنولوجيا محمد بوضياف.
الشمسية الرهان الكبير
وحسب الدراسات الأولية لجامعة العلوم والتكنولوجيا، محمد بوضياف بوهران، المنبثقة عن اتفاقية المربي الصحراوي، فإن الطاقة الشمسية التي تسقط على الصحراء الجزائرية، تعادل ما يزيد عن 11% من الطاقة الشمسية التي تسقط على كافة صحاري العالم، أما تلك التي تسقط على الصحراء الكبرى، فتعادل 50%، وإذا أضفنا لها صحاري الشرق الأوسط، فإن النسبة، تصبح 65%.
وتعد اتفاقية المربي الصحراوي، واحدة من أهم اتفاقيات التعاون العلمية مع الجامعات الأجنبية، وتحرص الجامعة الجزائرية على تنسيق الجهود من أجل تحقيق الاستغلال الأمثل للطاقة الشمسية، من خلال تعاونها مع اليابان في تنفيذ مشروع المربي الصحراوي أو ما يعرف بمشروع “أس.أس.بي”، الموقّعة سنة 2011، تضم ثلاث مؤسسات جزائرية، تتقدّمها جامعة العلوم والتكنولوجيا محمد بوضياف وجامعة طاهر مولاي بسعيدة، ووحدة البحث في الطاقات المتجددة في الوسط الصحراوي لأدرار، فيما يتكون الجانب الياباني من معاهد بحوث وثماني .
وأضاف الدكتور، أن مشروع “أس. أس. بي” لتطوير تكنولوجيات الطاقة الشمسية “حقّقت نتائج هامة”، ترتكز أساسا على 3 توجهات، هي إنتاج السليكون: وهي المادة الأولى في تصنيع الخلايا الشمسية، إضافة إلى تصنيع المحطات الفتروضوئية في جامعة سعيدة ونقل التيارات الكهربائية فوق الموصلات، وأشار إلى عدة طرق، جرّبت لاستخلاص السيليسيوم ورفع درجة نقاوته لصناعة الخلايا الكهروضوئية المستعلمة في صناعة المولدات الكهرو شمسية.
وحسب ما أظهرته الدراسات الجزائرية ـ اليابانية فإن كمية السيليسيوم بالصحاري الجزائرية وشمال إفريقيا عامة، أكبر من احتياجاتنا من الخلايا الكهروضوئية بـ 12 آلاف مرة، فيما تغطي مادة السيليسيوم، المستخرجة من رمال الصحراء 20 % من سطح الصحراء.وتحت شعار “الطاقات المتجددة، عامل مساهم في التنمية المستدامة”، يتواصل بوهران، الصالون الدولي للطاقات المتجددة والنظيفة والتنمية المستدامة في طبعته السادسة، وصولا إلى إقامة شركات جديّة بين الجزائر والدول المشاركة وبداية التوجه نحو التخفيض من التبعية التقيلدية للطاقات والانتقال الفعلي إلى تنمية اقتصادية مستدامة.
وتسعى الوزارة ضمن أهدافها الإستراتيجية إلى تشجيع الاستثمار في الطاقات المتجددة وتذليل الصعوبات أمام المستثمرين، وفي هذا الإطار، قال السيد عبد العلي بعداش، مدير الطاقة بالوزارة الوصية، أن القطاع العام والخاص، “سواسية أمام صندوق الطاقات المتجددة لتمويل المشاريع الاستثمارية”، ويهدف حسبه إلى توفير التمويل اللازم للمساهمة في استغلال مصادر الطاقة المتجددة، وترشيد استهلاك الطاقة التقليدية، كما أشار إلى أهمية هذا النوع من المؤسسات المالية لتغطية تكاليف إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، وتتميز بارتفاع أسعارها مقارنة بالكهرباء التقليدية، المستخرجة من الوقود الأحفوري.وتجدر الإشارة إلى أن الصالون الدولي السادس للطاقات المتجددة والطاقات النظيفة و التنمية المستدامة “إيرا 2015” المنظم بقصر المؤتمرات أحمد بن احمد بوهران، يعرف في طبعته السادسة، مشاركة نوعية لأزيد من 100 عارض، جاءوا من داخل وخارج الوطن للتعريف بأخر مستجدات الطاقات الصديقة للبيئة وآفاقها.