طباعة هذه الصفحة

ألمت به وعكة صحية أدخلته المستشفى

الرواية العربية تودع الكاتب جمال الغيطاني

نورالدين لعراجي

ترك بصمة في توظيف التراث والدفاع عنه

فقدت الساحة العربية والأدبية قامة أدبية وروائية فذة، ساهم في منح الرواية العربية عزها ومجدها، بعد وعكة صحية ألمت به دخل على إثرها في غيبوبة بسبب عدم وصول الأكسجين إلى المخ.

الروائي المصري جمال ألغيطاني، الكاتب الذي لا يتعبك في التواصل معه ولا يحملك وزر قراءة أعماله، منح المشهد الثقافي العربي كل أعماله في أقراص مضغوطة، حاول بنفسه أن يتقرب من القارئ، بقلمه وإبداعه وروحه وأفكاره، فكان له أن وصل العالمية عبر مسار طويل من العطاء والإبداع.
بعد عمر ناهز 70 سنة انطفأت شمعة كاتب كان همّه الكتابة والإبداع من خلال الحضور الذي تؤكده أعماله الأدبية ومقالاته الصحفية بحكم أنه مارس الكتابة الصحفية في أمهات المجلات والجرائد، مستلهماً من التراث العربي رافدا عجيبا، استطاع أن يكون بفضله التميز والانفراد في الممارسة الأدبية، نهل من التجارب التي سبقته أمثال نجيب محفوظ نضجا ووعيا، تألق بهما في نظرة معاصرة تحمل قديمها وتجددها.
كانت الصحافة بالنسبة له المحطة الأولى عندما ترأس صحيفة «أخبار الأدب»، وهنا بدأت تجربته القصصية تظهر للعلن يوما بعد آخر، لتكتمل التجربة بأول عمل قصصي «أوراق شاب عاش منذ ألف عام» ومنها إلى عالم الرواية التي وجد فيها المتنفس الآخر للتعبير أكثر وبشكل يتجاوز عقدة النص الواحد إلى عقد متعددة وحوارات لا تشبه بعضها بعضا، تبلورت الموهبة رفقة جيل من الأسماء كإبراهيم أصلان، وصنع الله إبراهيم، عبد الحكيم قاسم وغيرهم من الأدباء الذين رافقوه من نفس جيله.
الظروف السياسية التي كانت تمر بها المنطقة العربية، دفعت بهذا الجيل للتعبير أكثر، خاصة بعد الهزائم التي توالت وكان أتعسها بالنسبة إليه هزيمة 1967.
ونتيجة للتضاربات التي رافقت المرحلة، بدأت موجة جديدة من الكتابات التنويرية والثورية والطلائعية وحتى الكتابات التي راحت تحمل الأمة هزائمها المتتالية، مما جعل الحياة الثقافية لا تقو على تحمل ذاتها، فانقلبت القيم والمعايير الفنية والجمالية وهنا كانت محطة أخرى لصقل التجربة الأدبية عند جمال الغيطاني.
جمعت كتاباته بين الحداثة والتراث غامر صوب العالمية، لكنه لم يترك التراث جانبا، بل إنه امتطى صهوة التراث لبلوغ غايته وهي الحداثة والتجديد، فاعتبر من أكبر الروائيين العرب حضورا وإبداعا.
ترجمت أعماله إلى عديد اللغات، من أهم أعماله، «التجليات»، «ثلاثة أسفار»، «الزيني بركات»، «الخطوط الفاصلة»، «يوميات القلب المفتوح»... تحصل على عديد الجوائز والتكريمات العربية والدولية، بينها جائزة سلطان العويس للرواية سنة 1997، جائزة الدولة التشجيعية في مصر 1980، ووسام الاستحقاق الفرنسي وجائزة الدولة التقديرية.
وقد عبر رئيس اتحاد الكتاب العرب الكاتب محمد سلماوي، على وفاته بأنها تمثل خسارة كبيرة للأدب العربي والحياة الثقافية العربية، مضيفًا أنه ترك بصمة هامة في الفن الروائي العربي. معتبرا إنجازاته في مجال الصحافة لا يمكن إنكارها، ويمثل قيمة ثقافية كبيرة لاهتمامه بالتراث العربي القديم أو الأدب أو الموسيقى.
للتذكير، الغيطاني من الروائيين الكبار المبهورين بالأدب الجزائري ويعتبره رافدا مهما في الساحة العربية وهو صديق للعديد من الكتاب والأسماء الجزائرية. وهو من مواليد 9 ماي 1945.