أحدثت عاصفة رعدية هوجاء محملة بحبات البرد من الحجم الكبير، ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، هلعا كبيرا بين المواطنين القاطنين ببلديتي سيدي داود وبن شود وأجزاء من بلدية دلس بسبب قوة الرياح المصاحبة بالأمطار الغزيرة، حيث تسببت في خسائر كبيرة في الإنتاج الفلاحي خاصة مساحات الكروم، بالإضافة إلى تكسير زجاج السيارات وتكدّس أطنان من الأتربة والمياه بالأحياء والطرقات.
دقائق معدودات لموجة برد غير مسبوقة بالمنطقة، ضربت صباح الأربعاء، وبالضبط في حوالي الثانية صباحا، كانت كافية لتأتي على عشرات الهكتارات من منتوج عنب المائدة بالمنطقة الشرقية من بومرداس ومسّت بالضبط رواق محصور بين بلديتي سيدي داود وبن شود مرورا بأجزاء فلاحية من بلدية دلس وصولا إلى بلدية اعفير، وقد وصف بعض المواطنين العاصفة القوية بالقول: “لم نشهد ظاهرة طبيعية على شاكلة ما عشناه، صباح الأربعاء، بسبب أضواء البرق التي تعمي الأبصار متبوعة بهزات رعدية مخيفة، تلتها موجة سقوط حبات البرد لم نعهده من قبل نتيجة حجمه وقوة سقوطه على أسطح المنازل وهو ما دفع بعدد من المواطنين ببلدية سيدي داود إلى الخروج من بيوتهم، لكن الكارثة الكبرى كانت في مزارع العنب، حيث تسببت الموجة في خسائر معتبرة في المحصول وأدت حبات البرد إلى إفساد العنب وحتى الأغصان..
بعض المصادر المحلية تحدثت لـ «الشعب» عن تكبد الفلاحين لخسائر كبيرة خاصة في المساحات المسقية التي يتعمد أصحابها تركها إلى نهاية شهر أكتوبر وبداية شهر نوفمبر على أمل احتكار المنتوج في الأسواق وتصريفه بأسعار خيالية تتعدى 200 دينار بالجملة، لكن مصادر أخرى قريبة من خبايا شعبة عنب المائدة أكدت لـ “الشعب”: أن الكارثة الكبرى والخسائر تحمّلها السماسرة والتجار الذين قاموا بشراء عشرات الهكتارات من الفلاحين الذين يفتقدون لوسائل التسويق منذ بداية نضج المحصول ثم تركها لحالها في انتظار إحكام قبضتهم على الأسواق وجيوب المواطنين البسطاء الذين اكتوتهم الأسعار المفروضة من قبل هؤلاء المضاربين، كما أن هناك حديث عن إقدام بعض التجار على ترك محصولهم معلقا والذهاب بغير رجعة أمام صدمة العاصفة..
حتمية التأمين الفلاحي تطرح بحدة
أمام تكرار مثل هذه العواصف الثلجية الموسمية، مع بداية شهر الخريف، وما تسببه سنويا من خسائر كبيرة في المحاصيل الفلاحية، تعود مسألة التأمين الفلاحي لتطرح بحدة حتى يتمكن المنتجون من حماية نشاطهم الاقتصادي عن طريق التعويض وتجنب مثل هذه النكسات، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف النشاط من أدوية، أسمدة، عملية السقي وابتزاز العمال الموسميين، وهي الاستراتيجية التي يعمل عليها صندوق التعاضدية الفلاحية على مستوى ولاية بومرداس في محاولة لإقناع الفلاحين وبالخصوص الناشطين بشعبة العنب إلى الاقتراب من وكالات الصندوق لتأمين محاصيلهم الزراعية ضد مختلف الأخطار الطبيعية كالحرائق، الفيضانات وغيرها.
هذا واعترف ممثل التعاضدية الفلاحية لولاية بومرداس - في حديث سابق مع “الشعب”ـ عن وجود صعوبات كبيرة في إقناع الفلاحين والمنتجين في بعض الشعب على تأمين ممتلكاتهم وبالخصوص منها شعبة مربي أبقار الحليب، حقول الزيتون المتواجدة في سفوح الجبال المعرضة أكثر للحرائق وشعبة إنتاج العنب لأسباب تبقى من منظور المنتجين مرتبطة بغلاء تكاليف الإنتاج ثم التأمين، لكنها من وجهة نظر ممثلي الصندوق مرتبطة بنقص الوعي في هذا الجانب رغم التحفيزات المخصصة لهم في الميدان، الأمر الذي يتطلب مزيدا من الحملات التحسيسية بأهمية التأمين لتجنب مثل هذه التقلبات الجوية والمالية أيضا.