شدّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي من إجراءاتها ضد الفلسطينيين عبر وضع حواجز جديدة وتشديد حصار البلدات العربية واتخاذ قرارات سياسية تسمح بإطلاق يد الشرطة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. وبدأ الاحتلال، صباح أمس، في وضع حواجز ونقاط تفتيش جديدة عند مداخل الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة بدعوى الحد من عمليات الطعن التي ينفذها شباب فلسطينيون ضد الإسرائيليين.
وقالت الناطقة باسم الشرطة الإسرائيلية في بيان لها إن شرطة الاحتلال ستقيم نقاط تفتيش مختلفة على مخارج القرى والأحياء العربية في القدس الشرقية المحتلة.
وتأتي هذه الخطوة بعد أن قرر المجلس الوزاري الإسرائيلي الأمني المصغر اتخاذ إجراءات أمنية مشدّدة، من بينها تفويض الجيش بحراسة المواصلات في القدس، بعد مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة عدد آخر في سلسلة هجمات بالمدينة، الثلاثاء، استهدفت إحداها حافلة ركاب. وتشمل الإجراءات الأمنية أيضا نشر وحدات من الجيش الإسرائيلي في شوارع القدس ومراكز المدن الإسرائيلية لدعم قوات الشرطة فيها، فضلا عن تجنيد نحو ثلاثمئة حارس لتأمين المواصلات العامة في القدس.
كما تخول التدابير الجديدة للشرطة فرض حظر تجول في أحياء القدس في حال حدوث “احتكاكات أو تحريض على العنف”، وفق ما جاء في بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وتسعى اسرائيل أيضا لمناقشة مزيد من الإجراءات الأمنية في سبيل التعامل مع ما سمي التحريض ضدها مثل عقوبات على الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر بقيادة الشيخ رائد صلاح بدعوى تحريضها على العنف.
وهدم منازل الشهداء الذين تسميهم “ارهابيين” ومصادرة أملاكهم، وعدم السماح بأي بناء جديد في المنطقة المعنية وسحب ترخيص الإقامة في إسرائيل.
وكان نتانياهو توّعد أمام البرلمان باستخدام “كافة الوسائل التي نملك لإعادة الهدوء”، وقال إن الحكومة “ستقرر وسائل إضافية قوية تدخل حيز التطبيق بأسرع ما يمكن”.
إرهاصات انتفاضة ثالثة
وشهدت فلسطين موجة جديدة من الغضب تجاه الإجراءات الإسرائيلية، بداية بالأقصى وليس نهاية بعمليات القتل اليومي، دفعت المحللين ومسؤولي السلطة الفلسطينية إلى الحديث عن إرهاصات انتفاضة ثالثة. مواجهات يومية اتسعت على مساحة الجغرافيا الفلسطينية، وعشرات الشهداء برصاص الاحتلال خلال أسبوعين، بلغ عددهم نحو ثلاثين حتى أمس، بينهم 7 أطفال، إضافة إلى أكثر من 1500 جريح..
وقد ندّدت القيادة الفلسطينية بتنفيذ المستوطنين وشرطة الاحتلال ما وصفته بالإعدامات الميدانية بحق فلسطينيين بحجة أنهم حاولوا تنفيذ هجمات. تطورات ساخنة قابلة لسيناريوهات متعددة، بالتوازي مع إعلان وزير الخارجية الأمريكي عزمه التوجه إلى الشرق الأوسط في مسعى لوقف العنف، على حد تعبيره.
حجز جثث شهداء
قررت إسرائيل عدم تسليم جثث منفذي الهجمات الفلسطينيين إلى ذويهم بدعوى “منع التحريض”، وجاء ذلك بعد يوم غضب فلسطيني شهدته القدس المحتلة والأراضي الفلسطينية، وأدى إلى استشهاد ثلاثة فلسطينيين ومقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة نحو عشرين آخرين في سلسلة هجمات في القدس.
ونقلت الأنباء عن المتحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية لوبا السمري قولها إن مجلس الوزراء وافق الليلة ما قبل الماضية على اقتراح وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان بعدم إعادة جثث الفلسطينيين الذين قتلوا في هجمات نفذوها.
وحسب المتحدثة نفسها، فإن عائلة الشهيد تجعل من جنازته “مظاهرة لدعم الإرهاب والتحريض على القتل”. وعادة ما تسلم قوات الاحتلال جثث الشهداء في ساعة متأخرة من الليل بعد تأخير يستمر لمدة أيام، كما تفرض إسرائيل قيودا على جنازتهم ودفنهم.
كيري يتدخل
بدوره، قال جون كيري، إنه يعمل على تهدئة العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وسيسافر إلى الشرق الأوسط قريباً جداً لمحاولة تحريك الوضع “للابتعاد عن هذا المنحدر”. وقال كيري، إن هدف الولايات المتحدة للمنطقة وهو حل الدولتين “من الممكن تصور أن يسرق من الجميع” إذا تصاعد العنف في المنطقة ليخرج عن السيطرة.
اعتقال عشرة من حماس بالضفة
اعتقلت السلطة الفلسطينية عشرة عناصر من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الضفة الغربية، ومن بينهم خمسة طلاب من الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت، واستنكرت حماس هذه الاعتقالات واعتبرتها “محاولة لوأد الانتفاضة”.
واعتبر القيادي في حماس عزت الرشق أن شن حملة الاعتقالات في أوساط الشباب وطلبة الجامعة “سلوك مرفوض ومحاولة لوأد الانتفاضة وضرب وحدة شعبنا في مواجهة الاحتلال”، واتهمت الكتلة الإٍسلامية في جامعة بيرزيت الأجهزة الأمنية “بتنغيص الأجواء الوحدوية” التي شهدتها المواجهات مع الاحتلال في الأيام الأخيرة.
إضراب عام
شهدت أراضي 48 والقدس ومختلف مدن الضفة الغربية، أمس، إضرابا عاما حدادا على أرواح الشهداء الذين سقطوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي، كما نظمت فعاليات احتجاجية تضامنا مع الأقصى وتنديدا بممارسات الاحتلال. وكان فلسطينيو الداخل نظموا الثلاثاء إضرابا عاما توّج بمظاهرة جماهيرية في مدينة سخنين، ومهرجان سياسي، أكد فيه قادة العمل الوطني لحمتهم في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.