شكلت الدورة 70 للجمعية العامة للأمم المتحدة، المنعقدة، نهاية شهر سبتمبر المنقضي، منبرا لقادة الدول الإفريقية، للتأكيد على إنصاف شعوب القارة في إطار التعاون والتضامن الدولي العادل وضرورة إصلاح منظمة الأمم المتحدة ومجلس السلم والأمن الدولي وتمكين إفريقيا من مقاعد دائمة.
نقل رؤساء الدول والحكومات الإفريقية ورؤساء دبلوماسياتها، للعالم الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية للقارة على الصعيد العالمي، ونادوا من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى توحيد الجهود للمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعامل مع الدول باحترام سيادتها واستقلاليتها.
في السياق تحدث وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة، عن ضرورة إصلاح مجلس الأمن الدولي الذي «تمليه التحديات الجديدة والتهديدات التي تشكل خطرا على السلم والأمن الدوليين، باعتبار أن هذا الجهاز لم يعد يعكس مكونات المجتمع الدولي، لاسيما القارة الإفريقية».
ودعا رئيس الدبلوماسية الجزائرية، إلى ضرورة توحيد الجهود لإعادة وضع استراتيجيات جديدة لمكافحة الفقر وتمكين الشعوب الفقيرة من التنمية الاجتماعية، خاصة «شعوب القارة الإفريقية»، مطالبا «الأمم المتحدة بدعم القضايا العادلة على غرار قضية الصحراء الغربية بتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره» وتطبيق أحد أهم بنود ميثاق المنظمة.
لعمامرة طالب الجمعية العامة بالاستلهام من النجاحات التي حققتها في دورتها 29 التي ترأسها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سنة 1974، لصالح القضية الفسلطينية وضد نظام التمييز العنصر في جنوب إفريقيا، واتخاذ إجراءات مهمة في هذا الاتجاه.
أما وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، عبد القادر مساهل، فنقل تجربة الجزائر في مكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة، ورافع من أجل مقاربات أثبتت نجاعتها في الميدان.
وبحسب مساهل، لا تحلّ المشاكل المرتبطة بالتطرف العنيف بلغة السلاح، وإنما بفكر مضادّ لتلك الأفكار الظلامية التي تغرّر بالشباب، ولا تخدم التدخلات العسكرية ودفع الفدية لتحرير الرهائن، بحسبه، الجهود الدولية الرامية لمكافحة الإرهاب.
على صعيد آخر، لم يخف بعض القادة الأفارقة امتعاضهم من السياسة المنتهجة من قبل القوى الدولية الكبرى تجاه القارة.
في هذا الشأن قال رئيس زيمبابوي والرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، روبرت موغابي، «لا توجد مادة في ميثاق الأمم المتحدة تخول لأحد أن يطلق الأحكام على الآخرين، أو يملي عليها التزامات، خاصة في حقوق الإنسان».
وعبّر موغابي، عن رفضه القاطع لعالمية حقوق الإنسان، قائلا: «نرفض كل محاولة جديدة لفرض حقوق جديدة غير مطابقة لمعاييرنا وعاداتنا وتقاليدنا»، معتبرا أي خطوة في هذا الاتجاه معاملة مزدوجة المعايير مع من يفكر بطريقة مستقلة.
رئيس جنوب إفريقيا، جاكوب زوما، لفت إلى الأهمية الديمغرافية، الاقتصادية والاستراتيجية للقارة، ولم يتردد في تحميل مسؤولية ما يجري حاليا في ليبيا للأمم المتحدة التي أساءت، حسبه، لمفهوم «المسؤولية عن الحماية».
وانتقد بشدة غياب إفريقيا عن مجلس الأمن الدولي، وعدم تمثليها بشكل دائم قائلا: «من غير المقبول ولا العادل أن مليار إفريقي، يظلون دائما مقصين من الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن». مؤكدا «أن الدول الإفريقية لن تكون أبداً مستعمرات ولكنها بلدان حرة مستقلة». وطالب زوما بتغيير النظام العالمي القائم حاليا، «فلا يمكن للأمم المتحدة أن تتطلع نحو الأفضل في عالم لم يتغيّر منذ 1945».
أما رئيس نيجيريا محمد بوهاري، فقد حمل هموم بلاده مع تنظيم «بوكو حرام» الإرهابي، إلى مقر الجمعية العامة، واصفا الحرب التي يخوضها رفقة دول الجوار ضد الجماعة بأنها «حرب قيم»، وقال إن الجرائم المرتبكة في بلده لا تقلّ خطورة ولا بشاعة عن تلك التي تحصل في الشرق الأوسط ويكمن الفرق في كون هذه الأخيرة تحظى باهتمام إعلامي أكبر.