المجالس الشعبية البلدية مدعوة إلى أن تكون في مستوى الوثبة التي أحدثتها وزارة الداخلية والجماعات المحلية.. ألا وهي السير وفق الوتيرة التي تتطلبها خدمة المتوافدين على المرفق العمومي بشكل سريع وكذلك نوعي.. وهذا بفضل التغطية التكنولوجية الشاملة وهو ما يعرف بالسجل الآلي الوطني.
هذه «الثورة» في وثائق الحالة المدنية أتت بنتائج مذهلة أهمها أنها أزالت نهائيا الطوابير التي كانت تشاهد يوميا أمام الشبابيك وفي لحظات معدودة تقدم لك الأوراق التي أنت في حاجة إليها..
وبالتوازي مع ذلك، فإن الوصاية تحرص دائما على تعزيز هذه الحركية وتدعيم هذا المسعى من خلال مطالبة باقي المصالح في هذه الفضاءات أن تحذو حذو النقلة النوعية في الحالة المدنية.
ومما زاد في تقوية هذا العمل.. هو قرار السلطات العمومية بأن يستخرج جواز السفر البيومتري من الآن فصاعدا من البلديات بدلا من الدوائر.. وعمليا فإن العملية سجلت نجاحا معتبرا وهذه التجربة الرائدة بصدد التفكير في جعلها النموذج في ترقية قطاعات أخرى لها صلة وثيقة ومباشرة بالمواطن للقضاء على كل أشكال التعطيل الإداري.
ولابد أن يستسغي المنتخبون المحليون هذا التوجه من خلال التخلص من كل الممارسات القديمة والسلوكات غير اللائقة التي لم تعد بمقدورها مواكبة التحولات الراهنة التي تصرّ على الخروج من العمل السابق القائم على الانتظار دون الذهاب إلى المبادرة.. فغياب هذه الأخيرة كلّف الإدارة متاعب جمة وحتى تراجع في قرارات كان بالإمكان أن تدرج ضمن الأولويات الضرورية للمشاريع المبرمجة.
وفي هذا السياق، فإن رؤساء البلديات عليهم فهم تلك الرسالة المتعلّقة بالانخراط في هذا المسار الرامي إلى مرافقة السلطات العمومية في خيارها التنموي.. وهذا بالتطبيق الصارم للتعليمات الصادرة في هذا الشأن والتي تندرج في ضمن رؤية جديدة ونظرة سديدة، تخدم الصالح العام وبالأخص تتساوق مع سياسة السلطات العمومية الرامية إلى اعتبار البلدية شريك حيوي في ترقية التنمية المحلية.
ويجب أن يعي المنتخبون هذه المهمة المنوطة بهم في إبراز كفاءاتهم وحتى خبرتهم في كيفية التعجيل بتطبيق المشاريع المخوّلة لهم وعدم التأخير في الإنجاز.. لأن ذلك سيعود بالسلب على الآداء العام خاصة المواطن الذي ينتظر بفارغ الصبر الطرقات، السكنات، الغاز، الكهرباء والمياه وغير ذلك من المتطلبات الضرورية.
وتراهن كثيرا وزارة الداخلية والجماعات المحلية على عمل المجالس المنتخبة في الانتقال إلى مرحلة أقوى من ناحية الحضور الميداني وبخاصة المتابعة الميدانية للبرامج المسطرة لتي لها علاقة حسّاسة بالساكنة .. لذلك هناك تشديد على أن يكون المسؤول الأول على البلدية طرفا مباشرا في التكفّل بالتنمية المحلية عن قرب.
وفي هذا الإطار.. فإن أمام البلديات مهام جديدة ألا وهي التكيف مع المستجدات الاقتصادية الراهنة التي تضفي عليها طابع المبادرة.. وهذا من خلال البحث عن مصادر أخرى للتمويل وبإمكان هذه الفضاءات أن تجد ذلك في حالة تخلّصها من كل تلك القيود التي تكبّل تحركاتها وهذا هو التحدي الكبير للبلديات مستقبلا.