يستوقف اليوم سكان ولاية بومرداس الذكرى العاشرة لاستفتاء ميثاق السلم ولمصالحة الوطنية بتاريخ 29 سبتمبر 2005، وهي محطة مفصلية وهامة في تاريخ الولاية التي تعتبر من أكثر المناطق الوطنية اكتواءً بنار الفتنة التي ألمت بالوطن خلال عشرية الدم والدموع، وتعود معها الآمال في غد أفضل ينعم فيه الوطن والمواطن بالأمن والآمان بفضل تدابير الرحمة التي حملها مشروع رئيس الجمهورية لتحقيق السلم والمصالحة بين الجزائريين.
حاولت “الشعب” من خلال هذه الإطلالة الخاصة بتقييم مسيرة مشروع السلم والمصالحة الوطنية الذي زكاه الشعب الجزائري في استفتاء عام قبل عشر سنوات خلت، تناول الموضوع من زاوية تنموية باعتبارها زاوية أساسية إلى جانب المعالجة الأمنية في التعاطي مع قضايا الإرهاب ومخلفات المأساة الوطنية لإرساء قواعد المصالحة الوطنية الشاملة وتحقيق الاستقرار تمهيدا للوثبة الاقتصادية والاجتماعية للجزائر بعد سنوات من الركود والكبوات المتتالية.
وقد كان من الصائب تدعيم مسار المصالحة وإعطاء أهمية قصوى للبعد الاجتماعي والتنموي في رحم هذا المشروع، من خلال حزمة البرامج الاقتصادية التي دعمت بها مختلف ولايات الوطن في إطار البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية ومنها ولاية بومرداس التي كانت من أكبر المتضررين من الأزمة الأمنية التي عصفت بها لأكثر من عشريتين، ونخص بالذكر هنا المناطق النائية والجبلية التي عرفت نزوحا شبه جماعي إلى المدن طلبا للأمن والسكينة، وهو ما تحول لاحقا بعد استتباب الأمن في ربوع الولاية إلى عبئ كبير على السلطات المحلية وملف ثقيل يتطلب مجهودات مضاعفة لإعادة تثبيت النازحين في مناطقهم السكنية الأصلية وتوفير كافة أساسيات الحياة الضرورية وهو ما حاولنا تقييمه واقعا من خلال هذا التقرير مع رؤساء عدد من بلديات بومرداس.
رئيس بلدية سوق الحد..30 عائلة نازحة عادت إلى قراها
كشف رئيس بلدية سوق بوعلام قومتر في حديثه لـ«الشعب” أن 30 عائلة نازحة من قريتي “قراعشة” و«بهلول” الجبليتين عادت إلى مساكنها الأصلية وأراضيها الزراعية بفضل تدابير مشروع المصالحة والوطنية والبرامج التنموية المخصصة لسكان الأرياف في إطار برامج التنمية الريفية المدمجة الهادفة إلى توفير التهيئة الأساسية كتعبيد الطرقات البلدية وفتح المسالك الريفية، مياه الشرب، الإنارة العمومية، وأهمها مشروع السكن الريفي حيث استفادت أغلب العائلات من إعانات السكن الريفي لبناء سكنات ذاتية ومساعدتهم على الاستقرار ثانية في ملكياتهم الخاصة وتخفيف الضغط على مركز المدينة..”.
رئيس بلدية الثنية..رغبة كبيرة في العودة بعد استتباب الأمن
أكد رئيس بلدية الثنية محمد باندو متحدثا عن الموضوع “أن أغلب العائلات القاطنة في قرى بلدية الثنية الجبلية عبرت عن رغبتها الملحة في العودة إلى مناطقها الأصلية واستغلال أراضيها الفلاحية بعد الرحيل القصري عنها خلال العشرية السوداء، وأخرى شهدت عودة شبه كاملة لبعض العائلات النازحة لمركز البلدية منها “قرية بني عراب” التي استفادت من مشاريع تنموية شاملة كان آخرها تعبيد الطريق الرئيسي، مياه الشرب وشبكة الصرف الصحي وغيرها من الأساسيات الأخرى..
وعن مصير سكان قرية “أولاد علي” الجبلية التي شهدت أكبر نسبة تهجير بالبلدية وحتى الولاية، قال رئيس البلدية “أن الحياة بالقرية تدب مجددا ولو بنسبة ضئيلة لكنها مشجعة بعودة الفلاحين لاستغلال أراضيهم في انتظار معالجة بعض المشاكل التقنية للشروع في عملية تهيئة شاملة للمنطقة تمهد بعودة العائلات المرحلة، ونفس الأمر بالنسبة لقرى مرشيشة، مهران، بن داود، قدارة والصومعة.
رئيس دائرة بغلية..البناء الريفي علاج فعّال للمشكل
ركز رئيس دائرة بغلية عمار سادات على ملف السكن الريفي الذي اعتبره أحسن علاج لإقناع بعض العائلات التي غادرت مساكنها وأراضيها الفلاحية أثناء الأزمة بالعودة مجددا، مشيرا هنا “أن دائرة بغلية لم تشهد حالات نزوح كبيرة ما عدا بعض العائلات في قرى بلدية سيدي داود كقرية “أولاد عبد الله”، رغم ذلك يبقى هذا الملف بحسب المصدر بحاجة إلى مزيد من الدعم ومعالجة بعض القضايا الإدارية المتعلقة بعقود الملكية لتسليم أكبر حصة من الإعانات للمواطنين الراغبين في بناء سكناتهم الريفية.
رئيس بلدية بني عميران: تجسيد البرامج التنموية
نفس الاتجاه أيضا عبر عنه رئيس بلدية بني عمران، أحمد عفرة الذي أكد بدوره “أن السلطات المحلية عملت ما بوسعها لتجسيد البرامج التنموية في هذه البلدية النائية وخاصة في القرى الجبلية كتوفير مياه الشرب، غاز المدينة، فتح الطرقات وغيرها من المتطلبات الأخرى..، وأضاف قائلا “بني عمران لم تشهد حالات نزوح كبيرة مقارنة مع بعض البلديات الأخرى كعمال مثلا، حيث اقتصر الأمر على قريتي “غازيباون” و«تولموت”، هذه الأخيرة مشهورة بحرفتها التقليدية في صناعة الجلود التي تأثرت كثيرا بفعل الأزمة، لكن حاليا وبعد عودة الأمن والاستقرار إلى المنطقة، بدأت بعض العائلات في العودة وأخرى فضلت الاستقرار في المدن وعاصمة الولاية لا على أساس المشاكل الأمنية أو انعدام التنمية بل ذلك راجع لخيارات تجارية واقتصادية لهذه العائلات التي نقلت نشاطها إلى مناطق أوسع.