أكد وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، أن ترشيد النفقات، وترتب الأولويات وحسن إدارة الموارد المالية لقطاع الثقافة، ليس مرتبطا بانخفاض سعر النفط، مشيرا إلى أن هذه السياسة كان يمكن الاعتماد عليها مسبقا، لأن المسألة بالنسبة لهم تتعلق أساسا بجدوى الفعل الثقافي في المجتمع، وإعادة مراجعة الكثير من الفعاليات الثقافية التي تكرست دون أن تتعرض إلى عملية التقييم على المستوى المادي ومن ناحية المضمون أيضا.
وقال عز الدين ميهوبي لدى نزوله أمس، ضيفا على “فوروم الإذاعة”، إن الجزائر وصلت إلى مرحلة تقييم المضمون الثقافي وإصلاح ثقافي وطني، الهدف منه تنظيم المنظومة الثقافية الوطنية بكل أبعادها، مشيرا إلى أنه حتى لو وصل سعر برميل النفط إلى 150 دولار سنلجأ إلى سياسة مراجعة كل الفعّاليات الثقافية، التي تكرست دون أن تتعرض لعملية التقييم، خصوصا المهرجانات التي استمرت لسنوات طويلة ودخلت في مرحلة الروتين، لتصبح أشبه بالهروب إلى الأمام.
وزير الثقافة أكد أنهم دخلوا مرحلة إعادة هيكلة المهرجانات، بحيث كل مهرجان يوضع تحت المجهر من حيث التكلفة المادية، عدد المشاركين، والأيام التي ينظم فيها، والتي قد تقلص إلى النصف إذا تطلب الأمر ذلك، حتى أن بعض الفعاليات ـ حسب ميهوبي ـ يمكن أن تنظم كل سنتين، قائلا بأنه لا بد من إستراتيجية جادة تتطلب جهدا وتركيزا وعمل خبراء، حتى تنتهي المسألة في النهاية إلى تقليص عدد المهرجانات دون أن يتم إلغائها، وأشار ميهوبي إلى أن تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية غير معنية بهذا الإجراء، لأن التظاهرة تم تحديد إطارها المالي وبرنامجها الخاص.
«ضرورة المحافظة على الخارطة الثقافية”
من جانب آخر أكد عز الدين ميهوبي أن مختلف الفعّاليات الثقافية معنية بهذا الإجراء، من الفنون إلى التراث والمتاحف.. حيث أن كل شق يناقش بعيدا عن الآخر، والمحافظة على الخارطة الثقافية كما هي مع إعادة تركيز الفعاليات، لضمان المهنية والشفافية والاحترافية، فضلا عن تجسيد الخدمة العمومية الثقافية، مشيرا إلى أنهم يتيحون الفرصة لكل مديري الثقافة للمبادرة لتنظيم النشاطات التي يرونها مناسبة وتتناسب وطبيعة المنطقة.
وفيما يخص الفعّاليات الكبرى والتي تخضع لمعايير مهنية دولية، صرح ميهوبي أنهم سيركزون عليها بصورة أسياسية، كونها تمثل الجزائر في المحافل الدولية، ويجب أن توفر لها الإمكانات اللازمة والشروط الضرورية لإنجاحها قائلا “لا نريد أن نغامر بصورة الجزائر الثقافية”.
واعتبر وزير الثقافة عز الدين ميهوبي “الثقافة صناعة”، مشيرا إلى أنها نشاط فعّال يدر على الاقتصاد الوطني، حيث أن العديد من البلدان جعلت من رهاناتها الاقتصادية البعد الثقافي، خاصة فيما يتعلق بالسينما، بالنظر إلى التطور الذي تشهده، حيث أصبحت تحقق مداخيل مالية هائلة، وهو ما أصبحت تقترب منه الجزائر في الوقت الراهن حسب ميهوبي.
تنصيب لجنة تشرف على الندوة الوطنية حول الاستثمار الثقافي
وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، وكما صرح به مؤخرا من منتدى “الشعب”، أكد أنهم يعدون لندوة وطنية تعقد قبل نهاية السنة الجارية، وسينصبون اليوم لجنة تشرف على التحضير لندوة وطنية حول الاستثمار الثقافي، تضم ممثلي بعض الوزارات المعنية وخبراء، وذلك بهدف تشجيع المستثمرين الجزائريين والأجانب، للدخول إلى السوق الجزائرية وصناعة الثقافة، من خلال إنشاء مدن سينمائية، استوديوهات، قاعات فضلا عن الاستثمار في الطباعة وكل ما يتعلق بهذا الجانب من خلال وضع خارطة وطنية للفضاءات المتاحة والمناطق التي يمكن الاستثمار فيها.
وبخصوص النصوص القانونية التي تكفل للمستثمرين الخوض في المجال الثقافي، أكد ميهوبي أنه تم مناقشة ذلك خلال مجلس الحكومة، على هامش مناقشة قانون الاستثمار والإضافات التي قدمت لهذا القانون الجديد، حيث اعتبرت الثقافة صناعة، مؤكدا بأن هناك حوافز سيستفيد منها المستثمرون، وبالتالي الدخول ضمن الرؤية الاقتصادية الشاملة.
وأشار ميهوبي إلى أنه في فترات سابقة لم يكن هناك حديث دائم عن موضوع الاستثمار في الثقافة، قائلا بأن إنشاء قاعات سينما لا يقع فقط على عاتق الدولة، بل أيضا الخواص، وهم بحاجة إلى التحفيز والتشجيع لصناعة سينمائية كاملة في الجزائر، وعدم الاعتماد على الدول الأجنبية، وذلك تهيئة البيئة المساعدة على تجسيد ذلك.
ودعا ميهوبي إلى ضرورة تشجيع الشباب على الإنتاج السينمائي وتقديم صناعة سينمائية جزائرية فكرة ومضمونا، والاعتماد على الاقتباس من أعمال وروايات جزائرية، وتقديم أفلام تجارية بالدرجة الأولى، مبرزا أن الهدف من ذلك إنشاء منظومة ثقافية وطنية جزائرية، بتكوين أكبر عدد من المختصين في مهن السينما، وقال بأنهم قدموا تعليمات لوضع مخطط للتكوين الإستعجالي الدائم بالاتفاق مع المؤسسات المتخصصة ومؤسسات الإنتاج الداخلية.. وعن أبي الفنون قال ميهوبي إنه بخير، ويزدهر على يد جيل صاعد يقدم أعمالا جيدة وجريئة في مضمونها.
وعن تنظيم سوق النشر والكتاب، أشار وزير الثقافة إلى أن ذلك يتطلب حسب القانون الذي تمت المصادقة عليه منذ حوالي شهر ونصف، تحديد مسؤولية الناشر، حقوق البيع والتوزيع، حيث ستكون هناك ـ حسب ميهوبي ـ نصوص مكملة، لاسيما بعد الاتصالات التي تلقوها من مختلف الوزارات ذات صلة بهذا الجانب، حيث ستتحدد مسؤولية كل الأطراف والخروج من الفوضى التي كان يشهدها سوق النشر والكتاب.
قطاع الثقافة وفّر أكثر من 20 مليار دج
في ختام حديثه أكد ميهوبي أن قطاع الثقافة الذي يفرض عليهم التسيير الحكيم للمال العام وفر أكثر من 20 مليار دج، حيث وضعت جانبا جميع المشاريع التي تم تسجيلها ولم تتم بشأنها أي دراسة، في حين أن أكثر من 280 مشروع تمت بشأنه الدراسات لكنه لم يُجسد على أرض الواقع، سيوضع كأوليات مستقبلا.
وفيما يخص المشاريع التي عرفت تأخرا منذ 2007، إلى ما قبلها والتي يعود بعضها إلى الثمانينيات، سينظر في أمرها ـ حسب ميهوبي ـ وستسلم المشاريع التي شارفت على الانتهاء، أما التي بقيت تراوح مكانها فهم ليسوا مطالبين بتجسيدها، والتركيز على الاستغلال الأمثل لكل المنشآت والهياكل الخاصة بقطاع الثقافة.