أكد اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد، أمس، أن الجزائر تعرف تحديات أمنية كبيرة لاسيما على الصعيد الإقليمي يستدعي منها التكيف مع الظروف الراهنة، وهو الوضع الذي يجب أن تكون مستعدة له بكل مؤسساتها وحساسياتها لتكون قادرة على مواجهتها في ظل الأجندات الغربية الخطيرة التي ترسم.
أعطى مجاهد ضيف منتدى «الوسط « قراءته للتعيينات الأخيرة التي عرفتها أهم المؤسسات الأمنية بالجزائر في ظل هذه الظروف تحديدا، حيث وصفها بالطبيعية والعادية جدا بحكم أن كل مؤسسة تعرف ترقيات وتحويلات لمهام أخرى أو إحالة على التقاعد وهي إجراءات إدارية عادية في المسار المهني والتي تزامنت مع دفعة جديدة من الألوية والعمداء.
وفي المقابل، قال مجاهد أن هذه التغيرات تهدف إلى تدعيم وتعزيز وتقوية أداء مهام المؤسسات الأمنية وتأقلمها وتكيفها مع المعطيات التي تفرض نفسا وتفكيرا جديدا يواكب التحديات الأمنية ضمانا لحماية والدفاع عن أمن الجزائر.
وبخصوص العمليات العسكرية الغربية التي تنفذ في المنطقة العربية تحت غطاء محاربة «الإرهاب العالمي» انتقد اللواء المتقاعد مجاهد سياسة الانتقائية والمعاملة المزدوجة حسب ما تفرضه المصالح الغربية. وقال أن هذه الدول تستعمل مختلف الوسائل في توجيه الظاهرة خدمة لمصالحها والذي لم يعد يقتصر- حسبه - على السلاح فقط وزرع وخلق خلايا إرهابية بالمنطقة الإسلامية والعربية كطالبان والتنظيم الإرهابي ببلاد العراق والشام «داعش» وتفجير الأوضاع هنا وهناك بمساعدة بعض الأنظمة التي وصفها بـ «العميلة» بل تعداه إلى استخدام الإعلام والدين في خلخلة الأوضاع وتفتيت دول.
واستند المتحدث في هذا الإطار إلى كيفية تعامل وسائل الإعلام مع الظاهرة، حيث يتم إطلاق تسميات على أفرادها بـ»الجهاديين» إذا كانت تخدم مصالحهم، يوصفونهم بـ»الإرهاب» مرة أخرى إذا كانت تتعارض معها، والدليل على ذلك تنظيم «داعش»، حيث كانت الدول الغربية تدعمه، لكنها تحركت وكونت تحالفا لمحاربته عندما خرج التنظيم عن المسار المرسوم له وهدد مصالحها في منطقة «أربيل» بالعراق الغنية بالبترول حيث تضم استثمارات ضخمة بقيمة 2000 دولار.
ونفس الأمر بالنسبة للوضع في ليبيا، حيث تحركت أمريكا عن طريق الطائرات دون طيار عندما تم اغتيال السفير واختطاف الرعيتين اليابانيتين على حد تعبير عبد العزيز مجاهد.
وحسب مجاهد فان ظاهرة الإرهاب هي حصان «طرادوة» الجهات الغربية في المنطقة العربية وظل الامبريالية ويجب الاحتراز في كيفية التعامل معها، مشيرا إلى وجود أكثر من 14 قاعدة عسكرية معلن عنها أمريكية فرنسية وبريطانية منتشرة، وما خفي أعظم، حيث تعمل على خلق وإنشاء أنظمة سياسية وفق رؤيتها لضمان حماية مصالحها.
وعاد مجاهد إلى التاريخ والتطورات التي تلاقت وكرست وضعا مأساويا في المنطقة العربية بالخصوص كانت بدايتها بتفتيت الدولة العثمانية إلى دويلات عميلة لم تكن معروفة أصلا، واليوم تخلق تنظيمات إرهابية لتفتيت المفتت.
وأرجع المتحدث ضعف الدول العربية في فهم المتغيرات ومواكبتها إلى غياب النخبة وتغييبها، وسكوت الحكماء والعقلاء وترك المجال متاحا لبروز الجهلاء والسفهاء، مشيرا إلى أن الجزائر عليها أن تستفيد من نخبها ومن ذلك كتابات مالك بن نبي الذي حذرنا من «الموروث القاتل والموروث المستورد المسموم»، وكذا محمد أركون الذي رأى أن مجتمعاتنا تعيش بين «جهل مؤسس وجهل مقدس».
وأشار اللواء إلى ضرورة تحصين الدولة لنفسها من خلال تكوين رؤية استشرافية واستعادة القيم المجتمعية والإرادة في ترسيخ المواطنة والوعي لدى المواطن الجزائري، لأن الشعب هو الدرع الحامي لها ولو كان هشا فستكون هناك سهولة في اختراقه وانسياقه وراء مغالطات لا تخدمنا، بالإضافة إلى أهمية تحديد الأعداء والأصدقاء والشركاء والعملاء.