طباعة هذه الصفحة

الناشط الحقوقي الصحراوي البشير الإسماعيلي

الشعب المغربي ضحية للتضليل الإعلامي «المخزني»

أسامة إفراح

المغرب يستنزف ثرواتنا لأنه يدرك قرب نهاية الاحتلال

«نحن تحت حصار إعلامي كبير، ولكننا نحاول بإمكانياتنا البسيطة إيصال الحقيقة».. بهذه الكلمات وصف الناشط الحقوقي الصحراوي، والمعتقل السابق في سجون الاحتلال، البشير الإسماعيلي، الوضع في الأراضي الصحراوية المحتلة.. وقدم الإسماعيلي عرضا لمختلف أشكال النضال السلمي للوطنيين الصحراويين، الذي يقابل في كل مرة بالقمع المفرط، واستنزاف الثروات، ومع ذلك لم تتوقف انتفاضة الاستقلال المتواصلة منذ أكثر من 10 سنوات.
بدأ الناشط الحقوقي الصحراوي البشير الإسماعيلي مداخلته بتوجيه الشكر إلى الجزائر حكومة وشعبا، على الموقف التاريخي من قضية الشعب الصحراوي، ووقوفهم إلى جانب شعب يكافح من أجل حق مشروع تكفله كل المعاهدات الدولية، وهو حق تقرير المصير.
وقال المعتقل السابق في السجون المغربية، إن الصحراويين وجدوا أنفسهم ذات 31 أكتوبر 1975 مجبرين على الفرار من بطش الجيش المغربي، الذي هجم بآلياته على المدنيين العزل، وقصفهم بالأسلحة المحرمة دوليا، وكان منهم من فرّ إلى الجزائر.
انتفاضة الاستقلال.. نضال يومي
وانتقل الإسماعيلي من بداية الاحتلال المغربي في السبعينيات، إلى الواقع المعيشي في الأراضي المحتلة، حيث تطرق إلى مختلف أشكال الكفاح السلمي التي يعتمدها الصحراويون، مثل الانتفاضات على غرار انتفاضة 1999 بالعيون، و2001 بالسمارة، وانتفاضة الاستقلال التي انطلقت في الحادي والعشرين من ماي 2005، وما تزال متواصلة إلى اليوم، يقول الإسماعيلي، واصفا إياها بأنها «انتفاضة سلمية تعددت مظاهرها ووسائلها، بين مظاهرات وتعليق للأعلام الصحراوية وكتابة الشعارات، وإقامة الندوات والمحاضرات في منازل المناضلين لفضح الممارسات المغربية»، مؤكدا على أن من أهم مميزات هذه الانتفاضة، هو ترقية مطلب الصحراويين من تقرير المصير إلى الاستقلال، «وهو أمر منطقي ما دامت نتيجة استفتاء تقرير المصير الحتمية هي الاستقلال».
وأشار المتحدث إلى تطوير أساليب النضال والانتفاضة، مثل النزوح الجماعي خارج المدار الحضري، وهو ما حدث في «أكديم أزيك» حيث قوبل نزوح حوالي 30 ألف صحراوي بقمع عنيف من قوات الجيش المغربي مدعمة بالقوات المرافقة (قوات من مختلف أجهزة الأمن المغربي أو Les Forces Auxiliaires كما شرحها السيد محمد الأمين أحمد)، التي هجمت فجرا وقتلت من المدنيين ما قتلت، واعتقلت منهم ما اعتقلت.
كما تحدث الإسماعيلي عن مبادرات أخرى، مثل إطلاق الحملة الدولية من أجل حق تقرير المصير، والحملة الدولية لتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو Minurso، لتشمل حماية حقوق الإنسان بالنسبة للصحراويين في الأراضي المحتلة، هذه الأخيرة التي «لا تخضع لأي رقابة من طرف المينورسو، على عكس الأراضي المحررة أو مخيمات اللاجئين، ورغم القمع المغربي في الأراضي المحتلة فإننا لا نجد تقريرا واحدا من طرف المينورسو يتطرق إلى ذلك»، يقول الإسماعيلي.
لقد جوبهت هذه المبادرات بالقمع المفرط، من قتل للشباب واغتصاب للنساء، وتعذيب وسحل للمتظاهرين، ويقبع في سجون الاحتلال الآن 51 معتقلا سياسيا، وتتراوح الأحكام على معتقلي أكديم أزيك بين 20 سنة والسجن المؤبد.
وواصل الناشط الحقوقي البشير الإسماعيلي وصفه ليوميات الصحراويين في المدن المحتلة، قائلا إن هذه الأخيرة تشتعل بالوقفات اليومية والمظاهرات، وأنه إلى جانب المطلب الرئيسي للصحراويين، نجد مطالب ثانوية تُرفع، مثل وقف نهب الخيرات الصحراوية واستنزافها، وهناك منها ما يذهب إلى الاتحاد الأوروبي، وهناك ما يستهلك في المغرب، وذكر المتحدث الفوسفات الذي تنهب الأطنان منه بشكل يومي أمام صمت وتواطؤ المجتمع الدولي: «حتى الرمال الصحراوية باتت تصدّر إلى الخارج»، يقول الإسماعيلي، مؤكدا على أن هذا الاستغلال دليل على أن المغرب يعلم بأنه راحل من الصحراء الغربية إن آجلا أم عاجلا.
تضليل إعلامي وتشويه لقضية عادلة
هذا الإصرار انعكس على النضالات اليومية للصحراويين، الذين كسروا حاجز الخوف: «صرنا نُشعر الطرف المغربي بوقفاتنا مسبقا، ونقوم بها رغم القمع المسلط علينا»، يقول الإسماعيلي مضيفا: «نحن تحت حصار إعلامي كبير، ولكننا نحاول بإمكانياتنا البسيطة إيصال الحقيقة».
وعن سؤالنا حول رفع الحصار والتضليل الإعلامي عن المواطنين المغاربة أنفسهم، الذين يتعرضون يوميا لحملات تزييف الحقائق وتجهيل عمدي حول قضية الصحراء الغربية، وكذا عن وجود مغاربة متعاطفين مع هذه القضية، ومقتنعين بعدالتها، وهو ما يندر التطرق إليه في مختلف وسائل الإعلام، أجاب السيد محمد الأمين أحمد بأن الشعب المغربي هو في غالبيته «مدجّن» للأسف، ويتجرّع كل ما يأتي به المخزن من أكاذيب حول حقيقة الصحراويين وقضيتهم، ولعل ما ساعد على ذلك هو إدمانه على الإعلام المغربي رغم توفر البدائل في عصر الاتصال الحديث، وهذا الإعلام لا ينقل، بطبيعة الحال، سوى ما يريده النظام المخزني.
أما البشير الإسماعيلي، فأشار إلى مساندة الاتحاد المغربي للشغل، والحركة الماركسية اللينينية المعروفة باسم «إلى الأمام»، والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان التي تتعرض لكثير من الضغوطات بسبب مواقفها من انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية. وأضاف الناشط الصحراوي، وهو طالب دكتوراه بجامعة أغادير بالمغرب، بوجود مجموعة من التنظيمات الطلابية المساندة للقضية الصحراوية، وكذا حزب النهج الديمقراطي (للإشارة فإن النهج الديمقراطي حزب سياسي مغربي، تأسس سنة 1995 من طرف مجموعة من الناشطين من المنظمة الماركسية – اللينينية المغربية «إلى الأمام» ويشكل استمرارا لها على المستوى السياسي والفكري. تكمن أهدافه في بناء الاشتراكية كنظام يقضي على الرأسمالية واستغلال الإنسان للإنسان، والنضال ضد تبعية المغرب للإمبريالية الأمريكية. يتبنى الحزب الماركسية ويعتبر أن العقبة الأساسية، في الفترة الراهنة، أمام تقدم المغرب في تحقيق أهدافه هي المافيا المخزنية). ولعل ما ساعد على تنامي هذا الوعي بالقضية لدى بعض الطلبة المغاربة، هو احتكاكهم بالطلبة الصحراويين، الذين يقومون بمجهود للتعريف بقضيتهم، وقد حدث وأن قدم وزير حقوق الإنسان المغربي السابق، محمد زيان، محاضرة بالجامعة شوه فيها صورة البوليزاريو، وكان من قاطعه خلال المداخلة طلبة كان أحدهم طالب مغربي قال إنه مع حق تقرير المصير، وهي حادثة كان الإسماعيلي شاهدا عليها.