التحكم في الدفاع الوطني يتطلب التحكم في التكنولوجيا والرياضيات
المدرســــة يجب أن تبقى بعيدة عن كل تسييس وعن كل المــــــزايدات
اعتبر الوزير الأول، عبد المالك سلال، أن منظومتنا التربوية وصلت إلى درجة من التقدم تسمح بفتح نقاش واسع حول الإنجازات والأهداف، مؤكدا أن انخفاض الإمكانيات لن يؤثر ذلك على القطاع، والدولة لديها ما يكفي لمواجهة التحديات، مبرزا أن الحكومة تعمل كل ما في وسعها لتتجاوب مع مطالب النقابات و»عهد الحكومة يجسد في الميدان»، داعيا إلى ضرورة المساهمة في الاستقرار الاجتماعي.
استدل الوزير الأول في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها، أمس، في الندوة الوطنية لتقييم الإصلاحات في قطاع التربية الوطنية بالنتائج «الايجابية» التي حققها القطاع بعد دخوله مرحلة الإصلاحات (9 ملايين متمدرس، 450 ألف مدرس و26 ألف مؤسسة تربوية)، واعتبر أن هذه الأرقام قوية وهائلة، تؤكد جهود «الشعب الجزائري والحكومة»، مذكرا بان التربية الوطنية «أول أبواب الصرف في ميزانية الدولة التي سخرت لها بين 2010 -2014 ما يفوق عن 45 مليار دولار».
التحدي الكبير ـ حسب سلال ـ يتمثل في بناء الكفاءة الوطنية وتطويرها بشكل مستمر، ومهمة المدرسة تحصيل المعارف والحس النقدي من جهة والكفاءات من جهة أخرى، معتبرا أن التحدي اليوم «واضح يتمثل في بناء الكفاءات الوطنية بشكل مستمر».
وفي هذا المضمون، المهمة الأساسية للمدرسة يكمن في ضرورة انسجام الهيكل التكويني الوطني بما يتفق مع احتياجات النمو أمر أساسي بين قطاعات التربية والتعليم العالي والتكوين المهني، وهنا شدد الوزير الأول على أهمية التحكم في الكتابة والقراءة والحساب أولويات الطور الابتدائي التي يجب أن تكون دائما غاية أولى، وعدم حشو رأس التلاميذ بأشياء لا تمت بأية صلة بالإسلام وبعيدة عن المجتمع، وهنا شدد على ضرورة التغيير التدريجي لكيفية التعليم.
في زمن المنافسة، تبرز أهمية تدريس العلوم والتكنولوجيا التي تعد ـ كما قال ـ «معبرنا نحو النمو والتقدم وعلينا تشجيع تحصيل المعارف والكفاءات في هذين المجالين»، مؤكدا على ضرورة النظر إلى تعميم تكنولوجيات الإعلام والاتصال في التسيير والتدريس على أنها مهمة ثانوية.
ولفت في سياق الحديث، إلى أن التحكم في الدفاع الوطني يتطلب التحكم في التكنولوجيا والرياضيات لا بد أن تكون لها الأولوية في جميع أطوار التعليم، مشيرا إلى أن تدريس الرياضيات يمثل 10 بالمائة فقط، في حين أن الهدف من الإصلاح كان بلوغ ما لا يقل عن 15 بالمائة.
وفي سياق مغاير، دعا الوزير الأول عبد المالك سلال الأساتذة والمعلمين إلى المساهمة في تكريس الاستقرار الوطني وإبقاء المؤسسات التربوية بعيدا عن «التسييس»، كما شدد في ذات السياق على المهمة الأساسية المنوطة بالمدرسة التي «يجب أن تبقى بعيدة عن كل تسييس وعن كل نوع من المزايدات» ليضيف بأنه «من حق المدرس أن يكون مناضلا لكن خارج أسوار المؤسسات التربوية». وأغتنم الوزير الأول المناسبة ليجدد تأكيده على أن الدولة تتحمل مسؤولياتها أمام المطالب التي ترفعها النقابات الممثلة لفئة الأساتذة بحيث «ستبذل جهدها للتجاوب معها»، غير أنه دعاها بالمقابل إلى «تقدير الظرف» الذي تمر به البلاد.
غير أن التعاطي مع مطالب عمال القطاع لا يعني «أن أتقبل فكرة الإضراب المفتوح الذي يرهن مصير التلاميذ، صحيح أننا مع الحق النقابي لكن هذا النوع من الاحتجاجات يفتح الباب أمام انعكاسات سلبية منها لجوء التلاميذ إلى أساليب الغش من أجل النجاح بأي ثمن حتى لو تطلب ذلك استخدام التكنولوجيات الحديثة»، على غرار ما تم تسجيله خلال امتحانات الباكالوريا لهذا الموسم.
ومن جانب آخر، تحدث سلال على المدارس الخاصة، التي دعاها إلى لعب دورها في أطار ثلاث مبادئ «الشراكة والمسؤولية والثقة، بعيدا عن الانزلاق والاندفاع والتقهقر»، وفي ذات الوقت يؤكد على التكفل بانشغالات الأولياء، بخصوص ظواهر الدروس الخصوصية التي اعتبرها «دروسا موازية»، وشدد على ضرورة تنظيمها بصفة جذرية والحد من ظاهرة العنف في الوسط المدرسي.