الجزائر انتصرت على الإرهاب بمفردها، وتلك حقيقة يعترف بها حتى من كان يعتبر العشرية السوداء شأنا داخليا ويمنح اللجوء لرؤوس الفتنة، ومازالت تسهر ليلا ونهارا، على اقتفاء أثر بقايا الدمويين واستئصالهم، بجيشها الوطني الشعبي وأسلاكها الأمنية، دون مساعدة أحد، وتعمل في الوقت ذاته على دعم ومساعدة دول الجوار لمواجهة التهديدات الأمنية.
انتصار الجزائر على الإرهاب، يتأكد يوما تلو الآخر، بعمليات نوعية في مختلف النواحي العسكرية وفي المدن الداخلية والساحلية والحدودية، دكت معاقله وقضت على عناصره ووضعت يدها على خلايا الدعم والإسناد، وقصمت ظهر بارونات الجريمة المنظمة العابرة للحدود من تجار المخدرات ومهربي الوقود، باعتبارهم حليفا رئيسيا للإرهاب.
في العام الماضي، من جانفي إلى أكتوبر 2014، استطاعت قوات الجيش الوطني الشعبي والأجهزة الأمنية، القضاء على 86 إرهابيا، واستعادت كميات معتبرة من الأسلحة والذخيرة الحربية، فضلا عن إلقاء القبض على آخرين أحياء.
ولم تستطع شرذمة الإرهاب، في أحلك الظروف الأمنية الموجودة على الحدود، أن تعكر حالة الأمن والاستقرار التي تسود كافة ربوع البلاد، بل وكانت الهجمات المحدودة والمعزولة التي نفذتها، سببا في القضاء على منفذيها، لأنها تدفعهم للخروج من جحورهم بحثا عن صدى إعلامي قبل أن ينتهي بهم المطاف قتلى.
لقد أثبتت التجربة، أن الجماعات الإرهابية تدفع الثمن غاليا في كل مرة، وتدفعه أضعافا مضاعفة عقب كل اعتداء تقدم عليه، وما موقعة تيقنتورين بعين آميناس (جانفي 2013) إلا دليل على ذلك، فحين اعتقد التنظيم الدموي أنه أعد الخطة المناسبة والعدة الثقيلة من الأسلحة المهربة من ليبيا، انتهى الأمر بجميع عناصره الثلاثين في فوهة بركان قوات النخبة، التي طهرت المنشأة الغازية وأنقذت العمال الرهائن، في عملية نوعية دخلت المدارس الحربية الدولية لتدرس للضباط والمجنّدين.
خناق الجيش على الإرهاب، ازداد ضيقا وحدة في السداسي الأول من السنة الحالية، حيث تم القضاء على 102 إرهابي بمختلف النواحي العسكرية، وحجز 150 قطعة سلاح وإتلاف 653 متفجرة على غرار القنابل، زيادة على حجز المئات من الهواتف النقالة وأجهزة جي.بي.أس وتحطيم مخابئ هذه الجماعات.
وشكلت عملية البويرة، شهر ماي المنقضي، ضربة قوية لبقايا التنظيمات الإرهابية، حيث قضى الجيش على 25 إرهابيا في ظرف 48 ساعة، وحاسب بالطريقة المناسبة من قاموا باغتيال الرعية الفرنسي هيرفي غوردال، وأسكت الأصوات الخارجية التي حاولت انتقاد الاستراتيجية الأمنية الجزائرية المعتمدة في مواجهة الظاهر، وقبل ذلك قامت أجهزة الأمن الخاصة، بتصفية أمير ما عرف بـ “كتيبة جند الخلافة” التي تبنّت اختطاف وقتل المواطن الفرنسية.
ومما لاشك فيه، أن مرتكبي جريمة قتل 09 عناصر من الجيش الوطني الشعبي، مساء أول أيام عيد الفطر المبارك، بولاية عين الدفلى، سيدفعون الثمن غاليا وفي أقرب الآجال، فعمليات التمشيط الواسعة انطلقت والجيش يتحرق شوقا للانتقام من الدمويين ومحاسبتهم.
الجماعة التي تبنّت الاعتداء، لم تجن، كما جرت العادة، سوى جزء قليل من الهالة الإعلامية، والتي خلفت استنكارا وتنديدا شعبيا واسعا وتضامنا قويا مع شهداء الواجب الوطني. واللافت، أن مشاعر الخوف والقلق على الوضع الأمني، لم يسجل لها أثر، وظهر جليا أن الشعب منخرط كليا في العملية الأمنية، برفضه القاطع للإرهاب وكرهه له، وعدم الخوف منه، فيده على يد أبنائه المجندين، ويتحدى باستصغار أولئك الإرهابيين المجرمين.
لا مكان للإرهاب في الجزائر، ولن ينجح أبدا في التفكير حتى بتقوية شوكته أو تعزيز صفوفه، فلا الجيش ولا الشعب يسمحان بأن يعبث مغرر بهم ودمويون ومجرمون بأمن واستقرار البلاد.